كــركــر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

> ما هذا الذي نراه ونسمعه كل يوم؟.. هل لابد أن ننهزم في ملعبنا وبين جمهورنا؟.. وهل أصبحت السياسة مثل لعبة كرة القدم.. لها شروط وقوانين ونظم وحكام ورجال خط ومتفرجون يتمتعون بالفرجة على اللاعبين؟.

إذن لماذا الصراع والخلاف والأزمات والتعصب للنادي الواحد والفريق الواحد واللاعب الواحد؟.. ولماذا تختلط علينا الأمور ولانستطيع مواجهة الأزمات العنيفة..ولانحاول أن نبعد كثيرا من أسباب الكارثة؟.. ولماذا لانحاول أن نتعمق في قضايانا لكي نرى أوضح ونفهم أعمق.. ونكون أكثر حرية وأمانا؟.

> ومن المؤكد أن أخطر مرحلة نعيشها اليوم في بلادنا.. هي الاستهانة بالأخطاء.. والإسراف في التغاضي والتعامي عن المشاكل الجادة التي يعانيها الشعب.. فبدلا من أن يرى الناس عظمة ما أنجز.. يسمعون كثيرا عن إنجازات عظيمة لم يروها.. وإذا رأوها لم يصدقوها.. لماذا؟.. لأنها لا أشبعت بطونهم.. ولا وفرت لهم العلاج من المرض.. ولا دفعت عنهم فواتير الكهرباء والماء.

> وأبشع من ذلك أن أكثر الشباب أحسوا فجأة أنهم غرباء في بلادهم.. أو أنهم لايشعرون بالانتماء إليه.. فهم مطحونون بالبطالة.. معزولون عن الحياة.. لا يدري بهم أحد.. أو لا يهمه أن يدري بهم.. فقد اعتاد المسؤولون عندنا ألا يفكروا وألا يدبروا وألا يهتموا بأحد.. فالدنيا بخير طالما أن كل شيء عندهم وبين أيديهم.. وعلى أطراف أصابعهم.. يكفي أن يشير أحدهم بأصبعه فقط - وشبيبك لبيك عبدك بين يديك - ثم كل شيء يجيء حتى فمه من دون أن يتحرك من مكانه.. وكل شيء جاهز عنده.. في أي وقت وفي أي مكان.

> والأخطر أننا نتخوف من أن يصبح بعض الشباب متطرفين.. وننسى أن المسئولين أيضا متطرفون.. أي أنهم يقفون على طرف بعيد منهم.. فلا يهمهم أمرهم.. ولا يهتمون بتوفير فرص العمل لهم.. والتربية والتوجيه والتوعية في الإذاعة والتلفزيون والصحف.. ولذلك انتشرت الكاسيتات والكتب التي تتحدث عن العذاب.. وكأن العذاب هو الشيء الوحيد الذي يجب أن يلقوه في الدنيا والآخرة.

> ثم ليس أصعب على الشباب من أن يشعروا بأنهم أصبحوا لا قيمة لهم.. وأنهم تافهون.. وأنهم يعيشون في فراغ هائل ومخيف.. وكأنهم قد أفرغوا من كل معنى وقيمة في الحياة.. وأنهم أصبحوا لا حاضر لهم ولا مستقبل.. وكأنهم راضون عن ألا يكون لهم معنى ووجود.. أو كأن عاداتهم وتقاليدهم أن يكونوا لا شيء.. تائهين ضائعين في الداخل والخارج.. ولذلك يضطرون إلى الهروب من ذلك كله إلى المخدرات والعنف بسبب التوتر والقلق.. فليس التوتر إلا نوع من الضيق من النقص في الطعام والملبس والمسكن.. يتحول إلى عنف وإرهاب.

> المهم لا أحد يستطيع أن يصف لك ما الذي يحدث في بلادنا بالضبط.. ولا أحد يعرف لماذا أصابنا هذا الضياع.. فلا سلطة ولا إدارة ولا نظام ولا قانون.. ولا أحد يعرف لماذا كل هذا الفساد واللامساواة والجوع والمرض والبطالة.. وما معنى السكوت عنه وعليه؟.. أو ما معنى العبث والإهمال وقلة الحيلة وسوء التدبير؟.. وما معنى أن يتحدث ويسخط ويغضب الناس فلا يجدون استجابة وآذانا صاغية لآلامهم ومشاكلهم.. وشعورهم بأنه لا أمل ولا طمع في شيء.. ولن يلومهم أحد لو فعلوا أي شيء.

> متى يسود النظام والقانون والمساواة في بلادنا.. لكي نملأ الأرض عدلا.. بعد أن امتلأت جورا وظلما؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى