آهات ودماء غزة لن تغفر لكم أيها العرب!

> علي هيثم الغريب:

> رأينا عبر التلفاز - الجزيرة خاصة - ما انفطر له قلبي وقلب كل مسلم عنده بقية من نخوة وكرامة.. رأينا إسرائيل وهي تهدم ديار غزة فوق رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ، وتقتل خيرة رجالها في مذابح جماعية نشاهدها كل يوم في وسائل الإعلام.

إن آهات ودماء وصراخ الأطفال والأمهات والثكالى في غزة لن تغفر أو تسامح من أعطى الإذن لحثالة أوروبا من عصابات بلفور بأن يدخلوا أرضنا (أرض المسلمين والمسيحين العرب)، ويرفعوا علمهم، بل وترفعه بعض الأنظمة العربية لهم، ليرفرف آمنا في سماء الأمة العربية.. ويقول قائل: هذه حضارة قبول الآخر، وأقول: هذه مذبحة بيد صهيونية وسكاكين عربية.

فاعذرونا يا أبناء غزة، فنحن فريسة صراع داخلي بين الخير والشر.. فقد ضاقت صدور الأنظمة الفاسدة بشعوبها وفسدت الضمائر.. وصار العدل وهما والحياة سرابا.. لقد اختل ميزان الحق في يد كل مسؤول عربي، فلا تسمع منه إلا لغوا وكذبا.. وظهرت جموع من الشباب الضال يدعون لولي الأمر الظالم والمستبد.. هكذا تعارضت دعوة المسلم للصلاح مع حكم القهر بالسلاح.. فتردت القيم وتبددت المبادئ.. ويحاول الصهاينة أن يأخذوا القدس في هذه الأيام بالذات.

لقد هزمونا داخليا يا أبناء غزة بالقهر والبطش والإرهاب، وما ترونه اليوم من مظاهرات موجهة في الشوارع العربية السوداء ماهو إلا خوف الأنظمة من شعوبها فقط، وليس حبا بالوقوف إلى جانبكم.. وإذا كان منطق القهر والبطش والإرهاب هو السائد في مجتمعاتنا، فإن العدل والديمقراطية والإعلام الحر وتبادل السلطة وتوفير الخبز والدواء والسكن والتعليم هو السائد في تل أبيب.. وهكذا يعيش العربي بهذه المهانة، ويعيش الصهيوني بهذه الرفعة.. لم نسمع يوما ما أن رصاصة واحدة من الجيش أو الأمن الصهيوني توجه إلى صدر صهيوني آخر من العصابة نفسها.. أو أن يسمح لأحد بالتطاول على مواطن إسرائيلي.. أما نحن العرب فأخبروني عن العدل.. أين مقره وأين مكانه؟.. وأين حقوق الإنسان، وأين خبزه ودواؤه وتعليمه؟.. فالعدالة في دول الاستبداد خرافة.. والكرامة في دولة بوليسية ضائعة.. فاصبروا وصابروا يا أبناء غزة، فنحن مثل عريان بجانب مخلوس.. لقد علمنا التاريخ منذ دخول عصابات الصهاينة إلى فلسطين أن الاستبداد المتواصل داخل الأنظمة والمجتمعات العربية هو المناخ المناسب الذي يوطد دولة إسرائيل.. فالاستبداد غطى البقعة العربية بالظلام، وفي ظل هذا الظلام ترتكب إسرائيل أبشع الجرائم والآثام.. وفي هذه الظلمة المعتمة لا يملك الإنسان العربي إلا الدعاء في مساجد الله التي تدك الآن في غزة.. والله يعلم أن الشرفاء العرب يريدون أن يستشهدوا على ترابك ياغزة وليس في سجون الظالمين، ولكن هذا هو حال العرب وأنظمتهم تكتفي بالإدانة والتعاطف الشفوي مع أهل غزة.

فإسرائيل تخوض حروبها مع العرب منطلقة من عقيدة صهيونية ليس فقط للاستيلاء على فلسطين، بل والتحكم في أمن وثروات العرب، وتحت الضغوط الإمريكية، لإنجاح خطط العقيدة الصهيونية جراء تحييد موقف كل الأنظمة العربية، حتى باتت كل البلدان العربية لاتستطيع أن تعلن تدخلها كطرف جنبا إلى جنب مع الفلسطينيين.. وإن ما يحدث من لقاءات أو قمم طارئة واستثنائية أو دورية بشأن فلسطين لا تعدو كونها مشاورات وتبادلا لوجهات النظر.. وقد أجادت إسرائيل فن تعديل الاتفاقيات بمزيد من المفاوضات مع الفلسطينيين بتدخلات عربية وأمريكية، وتوقيع اتفاقيات أخرى تتقلص في كل منها الحقوق الفلسطينية.. وانظر هول المقارنة بين أوسلو والوضع الحالي..! وانظر إلى مفاوضات الحل النهائي وقرار إعلان دولة فلسطين (4 مايو 1999م) ثم تأجيل أو تعليق مؤتمر جنيف الذي كان مقررا له أن يمثل دعما كبيرا للقضية الفلسطينية.

على أن أسوأ ما تشهده الأمة العربية والإسلامية اليوم، ليس فقط حجم التردي العربي الراهن، ووقوع أهلنا في غزة والقدس والضفة تحت آلة التدمير الإسرائيلية والوضع السيء من جانب الأنظمة العربية.. فيزيد الطين بلة مستوى ما وصلت إليه الأمور بين حماس وفتح الذي وصل إلى حد الاقتتال فيما بينهم.. ناسين أن أرضهم مازالت محتلة، وأن هناك عدوا يحاول إبادتهم تماما كما يحصل اليوم في غزة.

ويطرح هذا الأمر تساؤلات حول مدى استمرارية هذه الشقة بين فتح وحماس، وهل تسير فتح وحماس إلى المصير نفسه للفصائل اللبنانية المتناحرة التي كانت تدعمها الأنظمة العربية المتناقضة عام 72م؟! حيث كان كل فصيل يمثل نظاما عربيا معينا، وله شارع معروف من شوارع بيروت، ثم أتت إسرائيل عام 82م لتلتهم الجميع خلال خمس ساعات فقط.. فمتى يستيقظ العرب وينفضون هذا الغبار عن أنفسهم؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى