التقليد والإبداع في الفن

> أحمد شريف الرفاعي:

> بعض الفنانين عندنا يحتاجون إلى توعية.. إن مفهومهم في الفن خاطئ من أساسه.. ونظرتهم إلى التراث القديم تحتاج الى توعية والى تصحيح.

ونحن نملك في بلادنا تراثاً لا يستهان به... نملك ثروة فنية يجب ان نخرجها من الأنقاض لنرسي عليها دعامة فننا الجديد الذي ينبع من إحساسنا بواقعنا.. وينبثق من شعورنا الأصيل.

هذا التراث... هذه الثروة الفنية الاصيلة التي ورثناها من عهد جدودنا الذين كانوا يغنون ...حرام ان تبدد. انها تشبه البترول الخام الكامن في الارض البكر.. نستطيع أن نخرجه من منابعه وأن نجعل منه اداة تحضير ووسيلة من وسائل الرقي والتمدين.

والفنان الذي يحتقر التراث... ويتجاهله ويلجأ في إنتاجه إلى الاقتباس والسرقة والاعتماد على ما تعرفه جباة الغير ليس فناناً اصيلاً إنه يشبه إلى حد بعيد مزيف النقود، قد يستطيع ان يحتال على الناس مرة.. ولكنه لا يستطيع ان يستهبل الناس الى الأبد.

لقد أحب الناس محمد مرشد ناجي... لان المرشدي خلق حول نفسه جواً من الاحساس بفنه.. واستطاع ان يتذوق القديم ويطرب له.. ويطوره ويستخرج من بطون هذا التراث الدفين كنوزا ولالئ.. والفن قبل كل شيء...خلق .

إن الفنان الذي يترفع على الناس ويقدم انتاجه الى الجماهير وهو يلعن هذه الجماهير ليس فناناً على الاطلاق .. إن الناس لا يستطيعون ان يحسوا بفنه مادام هذا الفن معلقاً في ابراج من العاج، ومادام هذا الفنان مترفعاً عن شعور الجماهير يستمد زاده الفني من الأوهام والأباطيل .. ومادمت مخلوقاته مسخاً مشوهه غير موجود في عالمنا.. عالم الحقيقة المادية وعالم الصدق والواقع الاصيل.

والفنان الذي يقلد و يسرق باسم الاقتباس يحتاج لأن يعي الفرق بين السرقة والاقتباس بين الخلق والتقليد، بين الابداع والمحاكاة، ويجب ان يفهم بعض فنانينا أن الجماهير غير مستعدة لسماع عبدالحليم حافظ الظل... فإن الانسان ينجذب الى الأصول لا إلى الظلال.

هذه كلمة قصيرة ... لوجه الفن أردت بها أن أوجه ولا أشهر..

فليتعلم فنانونا من الجماهير التي تسمعهم فان اصدق حكم هو حكم الجماهير عليهم لاحكمهم على أنفسهم.

العدد(الثالث) في 12/ أغسطس/1958م

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى