آراء للمناقشة.. الحقيقة.. والعقلية المريضة

> عبده عواد:

> عندما يكون الرأي سخيفاً او التنكير ضحلاً تكون العقلية مريضة ، والفكر جامداً.

إذ أن النتاج الفكري السخيف لا يصدر الا عن عقلية (محمومة) وفكر ضامر جامد لم يتطور بعد، وغير قابل للتطوير والنمو.

وليس من الصعوبة على المرء بمكان ان يدرك هذه الحقيقة ويفرق بين العقلية المريضة الجامدة وبين العقلية النيرة الحية.

فيظهر- جلياً- مرض العقلية وجمودها عندما ترى انساناً وهو يتكلم او يدلي برأي اوفكرة، ولكن في زهو وغرور ظاهرين وكأنه يصنع المعجزات او يأتي بالحلول للمشكلات وقد يكون هذا الرأي خاطئاً وقد يعلم تماما بخطأ رأيه ولكنه يتجاهل ذلك ويصر على صحة وسداد رأيه.

ويحاول بكل وسيلة فرض رأيه على الآخرين وبقدر ما تجده متعصباً لرأيه بقدر ما هو ضد كل رأي لا يتفق ورأيه ولو كان هذا الرأي مطابقاً للحقيقة والواقع وقد لا يقف به التعصب عند هذا الحد بل يذهب إلى اتهام الناس بالغباء وجمود الفكر والزيف والنفاق ونصرة الباطل ولا يتورع بان يناصب العداء كل من ينتقده او يوجهه ويعلن عليه الحرب.

ولا تهمه المصلحة العامة بقدر ما يهمه التصفيق.. هذه هي صفة العقلية المريضة والفكر الجامد وهذا هو حال صاحبها.

وهذا النوع من الناس هم ابعد الناس تسليماً بالواقع واعترافاً بالحقيقة واكثرهم جهلاً وجموداً واشدهم خطراً على الحقيقة.

ولكن الحقيقة لن تختفي طويلاً مهما تألبت عليها الاباطيل والاكاذيب فلابد من ان تظهر فتنهار الاباطيل والاكاذيب وتترك الغرور والكبرياء والجهل.

إن ضمور العقلية و جمود الفكر مرض خطير، فمنه ينشأ مرض الغرور والانانية والحسد والزيف والجهل، وقصر النظر وغيرها وضحايا هذا المرض الخطير في كل شعب ومجتمع.

ويظهرون بوضوح في الهيئات والنوادي وخاصة في الحركات التقدمية تجد البعض ممن هيأت لهم الظروف الظهور في مجموعتهم ووجدوا انفسهم في الصف الاساسي لا يخطر ببالهم انهم وصلوا الى الصف الامامي بمحض الصدفة وقد يخطر ببالهم ولكنهم لن يعترفوا بالصدف بل لكونهم يحملون عقليات نيرة ويمتازون بأصالة الفكرة وسداد الرأي و قوة الشخصية وبعد النظر الخ!!

وانهم وحدهم قادرون على معرفة وفهم كل شيء بنفسهم وادراك غوامض الأمور وأسرارها!!

وانهم الموجهون والمسيرون للحركات والتحركات والباعثون والخالفون للقديم والجديد.

وهم وحدهم الجديرون بتزعم الجماهير وقيادتها - دون غيرهم - الى طريق الحياة!

وهكذا ابتليت حركتنا بالعقليات المريضة كغيرها من الحركات التي سبقت لها ان ابتليت بهذا اللون من العقليات والأفكار.

وكان على هذا الاساس تصرفهم في معالجة مشاكلنا وسلوكهم في نضالهم الوطني الامر الذي ادى الى تمزيق وحدتنا وعدنا الى الوراء خطوات.

وليس غريباً ان يوجد هذا اللون من الناس في صفنا ولكن الغرابة ان يظلوا متمسكين بالغرور والتعصب، متشبثين برداء الاباطيل والزيف بعد ان ظهرت شمس الحقيقة وغمرت أنوارها الأجواء.

العدد ( الخامس) في 14/أغسطس/1958م

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى