غيض من فيض أدعياء الثقافة

> «الأيام» علي محمد يحيى:

> إلى روح أستاذي ومعلمي طيب الذكر عبدالله فاضل فارع

عندما ينسلخ شخص عن قيم مجتمعه، ويتجافى عن أصالة ناسه ووفائهم، يكثر فيه الادعاء والزعم، فيدعي فيما يدعي لنفسه صفة الثقافة .

دعي الثقافة هذا، ليس في ثقافته إلا كالبغاث* في البلاقع** ينتشر تائهاً .. وهو ليس في مشروعه الذي يتنادى ويلغو به ويزعمه إلا لينسف به - وهو أبعد عليه من أن يطال الشمس - آثار من يدرك مكانتهم وفضلهم في تحرير العقول وإنارة البصائر وزرع التسامح وتهذيب السلوك لترتقي إلى فضاءات الخير، فلا يتبقى له إلا من إلقاء التهم المشبوهة عليهم والوشاية المغرضة لأعلامهم وعلومهم، وهم من كل تلك (الترهات) منزهون، لأنه إذا رأى لا يبصر، وحين يسمع لا يعي، فلا يجد مناصاً ساعتها إلا أن ينأى بنفسه ابتعاداً كي لا يكتشف أمره وسوء فعله فيخرس ويتزلم ويضع أصابعه في مسمعيه اتقاءً من زلزلة اليقين .

هذا الزائف من زمرة (المتثوقفين) ثقافة الشؤم والضلالة والعمى من أين تأتي نزعاته هذه ؟ وكيف تندس؟ ومن ثم كيف يُنصِّبها للإفتاء والإمامة ؟ غريب حقاً أمره !! ونشأته!! وغريب من زرع في عقليته ونرجسيته وهم الثقافة وهي منه براء، فإن عجز عن الوفاء لها يميل إلى معاداتها فيحاول النخر في صروحها لينال من عظمتهم وسؤددهم، فإذا لم يفلح تجاوز الحدود.

وأغرب منه أن يحاول حينما يعجز عن أن يدخل في الحضرة بعد فضح الأمر أن يلتمس له مكاناً ولو في وسط الزحمة ليخفي عنه مخازيه التي هو عنها غافل، فإذا بالناس يصيحون مستنكرين وسباباتهم تشير إليه «هذا هو من سبق الدجال فاحذروه!» .

* البغاث : أصغر الطيور حجماً.

** البلاقع : الأرض الجدباء القاحلة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى