لاتفتحوا بوابة الجحيم!

> فاروق ناصر علي:

> «بعيداً وراء خُطاه ذئابٌ تعضُّ شعاع القمر/ بعيداً أمام خطاه نجومٌ تضيءُ أعالي الشجر/ وفي القرب منه دمٌ نازفٌ من عروق الحجر/ لذلك يمشي ويمشي ويمشي/ إلى أن يذوب تماماً ويشربُه الظلُّ عند نهاية هذا السفر/ وما أنا إلا هو وماهو إلا أنا في اختلاف الصور!»

محمود درويش

مدخل مُر مرارة الغضب!

> هل يعد مبدأ التصالح والتسامح منكرا ومن البدع الشيطانية، وبالمقابل هل يصبح الثأر والخطف والنهب والفيد والتكفير والتخوين والغطرسة والعنجهيات والنظرة الدونية للآخرين من مكارم الأخلاق والحسنات والقيم الإسلامية النبيلة؟! وهل ستكون دعوة التصالح والتسامح من الإنجازات المذهلة للنظام لو جاءت من أي مكان غير (الجنوب)؟!

> هل تلاحم قلوب أبناء الجنوب وتصالحهم وتسامحهم وحبهم لبعضهم بعضاً يدخل ضمن (نظرية المؤامرة) التي تشتغل على حسابها مراكز القوى والفساد وآكلة السحب المسيطرة على كل مفاصل السلطة؟! ثم هل حرم أبناء الجنوب على أهلنا في (الشمال) سريان هذه الدعوة فيما بينهم، وهكذا أكدت (نظرية المؤامرة) صحتها وأصبح قتل الجنوبي مباحاً شرعاً وقانوناً، ولايعاقب من يقوم بهذا العمل الغادر، بل على العكس يصبح (القاتل بطلاً قومياً) ويتحول (المقتول إلى خائن ومتآمر؟!).

> ويبقى سؤال أخير قبل الدخول للمقال القصير: هل تعتقد مراكز القوى والفساد أنها صعبة المنال؟! أي هل هي خالدة؟!

الدخول إلى قلب المقال باختصار

> كل البشر ينشدون الحب والسلام الاجتماعي، ويرومون إلى إشاعة روح المحبة والوئام والتسامح، والأنظمة الحاكمة تساهم بجدارة وفعالية في هذا العمل وكلها نابعة من المبادئ والقيم النبيلة النابعة من الروح الإنسانية السامية.. وهي دعوة تنشد خلق المجتمع السوي القوي القائم على المحبة.. فلماذا كل هذا الغضب الذي نراه في يوم التصالح والتسامح؟!.. أبناء الجنوب استوعبوا الدروس من الماضي وهم اليوم يرفضون قتل بعضهم بعضاً، ويرفضون الثأر وكذا النزاعات المتنافرة الدموية، فهل هذا العمل بدعة وجريمة لا تغتفر؟!

> إن العالم كله يرى في من يرفض التسامح والتصالح مجرد مجموعة تعيش وتتفرعن من خلال زرع الفتن والثأر عبر إدارة الأزمات كي تغطي نهبها ثروات البلاد، وإلا لماذا كل هذا الجنون المتستر برداء الحفاظ على الأمن والسكينة؟! بينما الأمن والسكينة لا يأتيان إلا من خلال القضاء على الفساد وخلق الحياة المعيشية الكريمة وإرساء العدالة الاجتماعية والترحيب بكل صوت يطالب بمحبة الأخ لأخيه...إلخ.

> لا أعتقد أن أي إنسان حقيقي لم يستوعب- طيلة هذه السنوات- مدى كراهية مراكز الفساد المسيطرة على السلطة بكل مفاصلها، إضافة لكلاب الصيد الجنوبيين، وكذا صحف الوحل العفنة لكل ما هو جنوبي ولكل ما يأتي من الجنوب.. لكنهم لا يكرهون قتل العزل ولا سجنهم ولا الفيد ولا النهب ولا تكفير أهل الجنوب من حثالات المتاجرين بالدين.. وكل هؤلاء يريدون محو (الجنوب) حتى من خلال النواحي الجغرافية والاتجاهات والزوايا، ويبقى فقط (شمال، غرب، شرق، مجهول)، فهل تعلم (السلطة الحاكمة) أنهم أدخلوها إلى قلب (المصيدة) العالمية؟!

> لأن السؤال اليوم الذي تردده شعوب الأرض: لماذا تقتل سلطة الحزب الحاكم أبناء (الجنوب) ويسجن الصغير والكبير ويزيف إعلامه الحقائق، بينما الضحايا يحتفلون بالتصالح والتسامح... ويقولون اليوم: هذا نظام يجيد وضع الضمادات لكنه لايصلح لصناعة الشفاء!! دعوا هذه (العنتريات) جانباً فلستم خارج كوكب الأرض ولسنا لاجئين، هذه أرضنا ومازلنا نتمسك بالسلام، لكن الغطرسة والعنجهية ازدادتا وبإمكاننا (دفنهما) لأنهما اقتربتا من (مخنق الذئب).. فهل تريد السلطة الحاكمة إعادة الميزان المسروق وغياب العدالة أم مؤمن بهؤلاء القتلة؟! لستم خالدين ولاصعب المنال كسر شوكتهم، لكننا لانريد فتح بوابة الجحيم.. احتكموا للعقل لأن الذي يرفض التصالح والتسامح لايعتبر من البشر ولايمت للإنسان بأية صلة.. ولقد ضقنا منكم وازدادت الهوة اتساعاً.. هذا قولي ولب القضية.. وبقي قول الشاعر:

الخاتمة

«الزنبقات السود في قلبي وفي شفتي اللهب/ من أي غابٍ جئتني يأكل صلبان الغضب؟/ غضبٌ يدي.. غضبٌ فمي.. ودماء أوردتي عصيرٌ من غضب/ ياقارئي لاترجُ مني الهمس لاترجُ الطرب/ حسبي بأني غاضب.. والنار أولها غضب» محمود درويش.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى