جمعية الرفق بالرجال من تسلط النساء!!

> «الأيام» حسن بن سالم:

> لاشك أن الكثير منا أصبح يدرك أهمية الدور الكبير الذي تقوم به مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية في رفع الظلم والمطالبة بحقوق المظلومين والمضطهدين المسلوبة حقوقهم.

ولعل من أبرز صور الظلم هو مايتعرض له نصف مجتمعنا وأعني به (المرأة) من انتهاك صارخ لحقوقها الحياتية والاجتماعية من قبل كثير من الرجال سواء أكان زوجا أو أبا أو أخا, لذلك بادر عدد من المهتمين في المجال الحقوقي لدينا بإنشاء جمعيات تعني بالدفاع عن حقوق المرأة وتوعية المجتمع بذلك كجمعية أنصار المرأة وغيرها من الجمعيات والتي لا تزال جميعا تحت التأسيس بانتظار الموافقة النهائية لها من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية, والمرأة لدينا ليست بحاجة إلى جمعية أو جمعيتين، فالخرق كما يقال قد اتسع على الراقع, بل هي بحاجة إلى عشرات الجمعيات التي تقوم بتوعيتها بحقوقها وللدفاع عنها.

إننا وفي خضم ذلك الجور والقمع والانتهاك المتعدد الأشكال والصور على المرأة, نقرأ خبرا على صحيفة «شمس» في 21يناير 2009 مفاده «أن أحد الإعلاميين السعوديين بدأ بأولى الخطوات التأسيسية لجمعية أطلق عليها (جمعية الرفق بالرجال من تسلط النساء) حيث بدأ بنشر عدد من الرسائل تحمل أمثالا وحكما تهاجم المرأة وتدعو إلى التعامل معها على أساس أنها كائن يعمل لخدمة الرجل», وأشار أنه «بصدد مخاطبة وزارة الشؤون الاجتماعية ولجنة الأسرة بمجلس الشورى وذلك حتى تأخذ الجمعية طابعا رسميا وأفاد بأنه بدأ باستقبال طلبات الانضمام لها وأشار إلى إن إهمال المرأة الموظفة لزوجها وتهرب النساء من أداء واجباتهن ظاهرتين تفسدان استقرار البيت, وأشار إلى إن استغلال المرأة ماديا لزوجها ينعكس سلبا على استمرار حياتهما».

من يقرأ مثل هذا الخبر لابد وان ينقدح في ذهنه لأول وهلة المثل المصري الشهير «ضربني وبكى وسبقني واشتكى» والذي يعبر بصدق عن حال المطالبين بهذه الجمعية, والذين يريدون تغييب الحقيقة الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار التي تقول بأن كثيرا من الرجال في مجتمعنا السعودي ينظرون للعلاقة التي تربطهم بالمرأة بأنها مجرد علاقة تابع وهو (المرأة) ومتبوع وهو(الرجل) فللزوج الحق أن يأمر وينهي كيفما شاء وما على الزوجة إلا السمع والطاعة, لذلك لا يعتقد الكثيرون بأن تلك العلاقة إنما هي قائمة بين إنسان وإنسان آخر ,بل بين رجل(إنسان) وبين امرأة(شيء أوغرض) فإذا كان الرجل يمتلك العديد من المقتنيات والأغراض الحسية والمعنوية كالوظيفة والمنزل والسيارة, فإنه يضيف المرأة لقائمة ممتلكاته سواء بسواء,وماحق الوصاية والولاية المطلق الذي يمارس عليها إلا ضرب من ذلك التملك, حتى يصبح دورها وكيانها، بل وأدنى حقوقها الحياتية من تعلم ووظيفة وعلاج وسفر مرهون بالهامش الذي يتفضل به ذلك الزوج !!

إن ما أشير إليه في الخبر من أن المرأة كائن يعمل من اجل خدمة الرجل ليس بجديد على مجتمعنا فهذه النظرة موجودة لدينا وكما يقولون (لا توص حريصا), فعادات المجتمع وتقاليده تغرس في نفس المرأة منذ الصغر هذا الدور العظيم الذي ستقوم به في مستقبل حياتها لخدمة الرجل وذلك بأن تكون مجرد ربة منزل لا هم لها إلا الطبخ والنفخ والسمع والطاعة لزوجها!! والعجيب أن الفقهاء يرون أن المرأة غير ملزمة من ذلك بشيء وذلك من خلال نصوص كثيرة لهم، ولعلي أكتفي بنقل عن الإمام ابن حزم رحمه الله حيث قال «ولا يلزم المرأة أن تخدم زوجها في شيء أصلا, لا في عجن, ولا طبخ , ولا كنس, ولا غزل, ولا نسج , ولا غير ذلك أصلا» وعلى ذلك درج سلفنا الصالح فقد جاء في قصة الصحابي سعيد بن عامر عندما كان واليا على حمص شكاه أهلها إلى عمر بن الخطاب وقالوا«انه لا يخرج إلينا إلا حين يتعالى النهار» فقال عمر وما تقول في ذلك يا سعيد؟ فقال: «انه ليس لأهلي خادم , فأقوم كل صباح فأعجن لهم عجينهم , ثم أتريث حتى يختمر , ثم اخبزه لهم , ثم أتوضأ واخرج للناس».

ولم يكتف الخبر بذلك بل «أشار إلى إن عمل المرأة يشكل عائقا حياتيا وان المرأة هي من يستنزف الرجل ماديا لاشك أن من أعظم ما يخشاه بعض الرجال هو استقلالية المرأة في مدخولها والذي يعتبر عنصر مهم في تحرر المرأة على الأقل من إذلال الرجل لها في الإنفاق وتحكمه بها, ولكن هل ذلك التحرر متحقق لجميع النساء العاملات؟! إن ثمة عدد ليس بالقليل من الأزواج يوافقون على عمل زوجاتهم من اجل أن يسطوا ويستولوا على كدها وتعبها مباشرة فإن لم يفلح بذلك فإنه يبتكر من الأساليب والطرق بحجة الاستثمار والبناء لبيت المستقبل!!

فإن لم يستطع بشتى الطرق أن ينال مراده فإنه يهددها بطلاقها ويضغط عليها بحرمانها من أطفالها فإن لم يكن هذا ولا ذاك فإنه يحول حياتها لجحيم من العنف والظلم, والمجتمع القريب منها والبعيد يدعوها للصبر ولتحمل الضرب والأذى, وعندما تنطق شاكية يقال لها انه زوجك وأبو أولادك ومن حقه أن يؤدبك..

إن مطالب مثل هذه الجمعية إنما هي نتاج طبيعي لثقافة المجتمع القامع للمرأة ولكثير من حقوقها لذلك لاغرو أن نسمع في وقت من الأوقات عن أعداد كبيرة من الرجال المؤيدين والمنضمين لها خصوصا إذا أعطيت غطاء دينيا ولكن كل ما أخشاه الآن هو أن تحصل مثل هذه الجمعية وفي وقت وجيز على موافقة الجهات الرسمية في الوقت الذي مازالت فيه بعض الجمعيات الحقوقية المدافعة عن حقوق المرأة تنتظر وعلى مدى أكثر من سنتين الحصول على الموافقة النهائية من اجل مزاولة عملها !!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى