لقاء المحبة في عدن

> د.هشام محسن السقاف:

> في ميزان العلاقات العربية - العربية ترجح كفة الكويت؛ الدولة التي شبهها الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل بفنار يشع الثقافة والفكر والأدب من رأس الخليج العربي.

ولا أجدني مبالغا في شيء إن قلت إن الكويت وعدن توأم يشبُّ من ثنايا التاريخ والبحر والتجارة والفن منذ قرنين من الزمان، وإن أحد مصادر الغناء في عدن ولحج وحضرموت يأتي من إيقاعات كويتية تركب مع أصحابها البحر إلى المراسي الجنوبية والعكس صحيح.

لقد كان لهذه الدولة الفتية التي تتأسس في مطلع القرن السابع عشر الميلادي - قبل غيرها - على التوافق المدني والتشاور الاجتماعي القريب من الليبرالية العصرية، كان لها قصب السبق في ربط نظام الحكم بالشعب كما تجلى في حكم أسرة آل الصباح العريقة منذ منتصف القرن الثامن عشر الميلادي، ماحدا بالألماني (كارل رتر) صاحب كتاب «علم الأرض» أن يطلق على إمارة الكويت اسم «جمهورية» عندما علم أن الحاكم منتخب من الشعب، ومثله فعل الإنجليزي (الكسندر جونتسون) في سنة 1847 في مؤلفه «أطلس العالم» - عبدالله خلف، مجلة العربي، فبراير 2009، ص 53-50.

من منتصف القرن العشرين بعد أن حبا الله الكويت بثروة النفط تنشط الدولة (الحاكم والشعب) في التفاعل الإيجابي مع القضايا العربية ومد يد العون النزيه للأشقاء في المحيط القريب (الجزيرة والخليج العربي) وإلى خارجه أيضا من دون مِنَّة أو تدخل في الشؤون الداخلية. وكانت رسالتها الثقافية عروبية صافية لا تشوبها شائبة، فأشرقت مجلة «العربي» في الأفق العربي الواسع من أرض الكويت في ديسمبر 1958م لتجتاز كل الحدود الوهمية بين الماء العربي والماء، وتدخل كل بيت بتباشير رسالتها التنويرية وماتزال على نهجها المتزن سائرة.

أن تفعل الكويت بمعطيات الخير والأيادي البيضاء كل ذلك، حتى قبل استقلالها عن الإدارة البريطانية عام 1961، فإن لليمن بشطريه - قبل الوحدة اليمنية، ومنذ أول أيام ثورة سبتمبر 1962 وقيام الجمهورية في الشطر الشمالي، وصولا إلى دولة الاستقلال في جنوب الوطن ابتداء من العام 1967م- نصيبا من العلاقات الطيبة والعلاقات الأخوية الممثلة في وجوه عديدة أبرزها ما قامت به الهيئة العامة للجنوب والخليج العربي التابعة لوزارة الخارجية الكويتية من إعمار للمدارس والمستشفيات والكليات والمكتبات وغيرها على مدى زمني غير قصير.

وكانت إشارة الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية في كلمته في اجتماعات اللجنة الوزارية اليمنية- الكويتية بمدينة عدن السبت الماضي، للأستاذ القدير أحمد السقاف الذي عمل طويلا في مجال الدعم الأخوي والعمل الدبلوماسي ناهيك عن الثقافي والأدبي، من المعاني والدلالات العميقة التي تصب لصالح الشعبين والبلدين الشقيقين، حيث قال:«إن العم أحمد السقاف أطال الله في عمره يعتبر صرحا ومنارة لكثير من مثقفي وأبناء الكويت الذين تتلمذوا على يديه وما حمله من شهامة وأسس التعاون، ومازال يسكن في قلوب أهل الكويت حكاما وشعبا لما قدمه ليس للكويت، بل للأمة العربية» («الأيام» 8 فبراير 2009م).

إن معطيات العمل الأخوي الرسمي بين الكويت واليمن يجب أن تكون نابعة من تأريخية العلاقة التي ربطت الشعبين الشقيقين منذ قرن ويزيد على دعامات المحبة والخير والتعاون، وبما يستجيب للأماني والطموحات والتحديات الراهنة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى