تداعيات المشهد السياسي المتأزم

> يحيى عبدالله قحطان:

> من المخاطر التي تهدد نظامنا الوحدوي الديمقراطي الصراع والمكايدات والمنازلة، الدائرة اليوم بين المؤتمر واللقاء المشترك ، حيث يلاحظ أنه كلما حل موسم الاستحقاقات الدستورية والانتخابية تفاقمت الأزمات وتأججت الأحقاد، وتصاعدت الاحتقانات.

أزمات تذكي نارها في كل المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والديمقراطية، الكل منا يعمل لمصالح حزبية فئوية وصولية ضيقة إلا من رحم الله..الكل يغني من أجل ليلى (الوحدة والديمقراطية)

وكل يدعي وصلاً بليلى

وليلى لاتقر لهم بوصل

هناك الكثير للأسف يثيرون الأحقاد والضغائن بين مواطنينا ويزرعون الرعب والكراهية والفتن في أوساط هذا الشعب المسالم والمغلوب على أمره، إنهم يتنافسون على المتاجرة بعواطف الجماهير لكسب الشارع ويتبادرون على إثارة النعرات القبلية والمناطقية والمذهبية والطائفية والتعصبات الحزبية المقيتة، إنهم ينتقمون من الوحدة والديمقراطية ومن التعددية الحزبية، وكأنهم يريدون أن يثبتوا لشعبنا ولدول الجوار والمجتمع الدولي أنه لاخير في التعددية الحزبية، شعارهم (ربنا باعد بين أحزابنا).. ولاريب فإن المشهد السياسي المتأزم والانتخابي المتأرجح والسجال العدائي المتفاقم بين الأحزاب وخاصة بين المؤتمر والمشترك قد أوصل البلاد والعملية الديمقراطية إلى طريق مسدود ومستقبل مجهول، والمحصلة هي إما تأجيل الانتخابات أو إقامتها في الوقت المحدد، ويواكب ذلك تصعيد الأزمات والاختلالات والاحتقانات، وهذا مايؤكد أن الأحزاب غير مؤهلة لتداول السلطة سلمياً، بل توجد هناك للأسف أجندة لإفراغ الوحدة والديمقراطية عن مقاصدهما العادلة، ومقتضياتهما التوافقية والتكاملية، ومعطياتها التسامحية والأخوية، يتم ذلك بقصد وبغير قصد، الأمر الذي نجم عن هذا الصراع والخصام والتنافر والتناكر بين الأحزاب تداعيات خطيرة ومخاطرها جسيمة وعواقب وخيمة لاتحمد عقباها .. لذلك كله فإن المشهد السياسي المتأزم والكارثي الذي نعيشه اليوم يستوجب على كل العلماء والعقلاء والمصلحين وأعضاء مجلسي النواب والشورى ومنظمات المجتمع المدني أن يعملوا جاهدين لوقف المنازلة والمقاطعة والمخاصمة بين المؤتمر والمشترك.

هناك من يهدد ويتوعد أنه يحول اليوم الانتخابي في 27 إبريل 2009م من عرس ديمقراطي إلى مأتم كارثي يتم الإجهاز على كل مقدرات هذا الشعب وإنجازاته الوحدوية والديمقراطية.. كل ذلك يتطلب من عقلاء يمن الإيمان والحكمة وضع حد لهذه الاحتقانات والأزمات والاختلالات الأمنية والحقوقية، والتي أرهقت كاهل شعبنا وكدرت حياته المعيشية وقوضت أمنه واستقراره وشوهت وحدته الوطنية، والعمل سريعاً على تحسين الوضع الأمني والمعيشي لمواطنينا وترسيخ مداميك الوحدة والديقراطية بالعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية والشراكة المتكافئة وعدالة توزيع الثروة والأراضي العامة وإزلة الهوة الكبيرة بين طبقات المجتمع العامة، فلا ثراء فاحش ولافقر مدقع، ولاغالب ولامغلوب ولاظالم ولامظلوم (كي لايكون دولة بين الأغنياء منكم)، كما يجب العمل على نبذ التشدد والتطرف والعنف والتقطع والثأر والاختطاف وإخافة السبيل وقطع ما أمر الله به أن يوصل ومنع إثارة الأحقاد والكراهية بين أوساط المواطنين، والتحقير والتكفير والتخوين والتفسيق والتبديع ضد بعضنا البعض. كما يجب تقليم أظافر الفساد والمفسدين والمتنفذين والمتسلطين الذين يبسطون على أراضي الدولة والأوقاف والخاصة، وأراضي المستثمرين بقوة السلاح وبطرق غير مشروعة والذين يعتبرون أنفسهم فوق شرع الله وفوق القوانين النافذة، إنهم بهذه الأعمال المشينة يغتالون وحدتنا المباركة ويقوضون الأمن والسلام الاجتماعي. وعلى الجميع العمل على تعزيز دولة القانون والنظام وتفعيل قانون الثواب والعقاب، فالمحسن يجازى بإحسانه والمسيء يعاقب بإساءته، والحد من الفقر والبطالة وغلاء الأسعار، ووضع المعالجات الناجعة والسريعة للأخطاء والمظالم، والاختلالات الأمنية والاقتصادية التي ورثناها من عهد التشطير أو المستحدثة في عهد التوحيد، وتجاوز التشوهات والمنغصات التي تعكر صفو الوحدة الوطنية والسكينة العامة وتمزق وشائج النسيج الاجتماعي ..

ختاماً دعوة صادقة للأحزاب (سلطة ومعارضة) وكل الأطياف السياسية والفئات الاجتماعية، أن تتضافر جهودها لإنجاح الانتخابات البرلمانية القادمة بطرق سلمية وتسامحية وعادلة، والالتزام الصارم بقانون الانتخابات ولوائحه وأنظمته النافذة والالتزام أيضاً بالدستور وبقواعد الممارسة الديمقراطية والعملية الانتخابية والعمل على إيجاد صيغة وطنية توافقية ينصهر فيها الجميع دون إقصاء أو إلغاء، وذلك لتعزيز النهج الديمقراطي وإنجاح الاستحقاقات الدستورية والانتخابية البرلمانية في 27/4/2009م لما تمثله هذه الانتخابات من أهمية بالغة في حياة شعبنا في التجديد والتغيير لما هو أفضل وبما يعزز نظامنا الوحدوي الديمقراطي وقيام حكم محلي كامل الصلاحيات.. ونعتقد أن ذلك لن يتحقق إلا بالاستمرار في مد الجسور والحوار والتواصل والتوافق بين المؤتمر والمشترك والاتفاق على كلمة سواء، وعلى وفاق وطني يعيد للخيار الديمقراطي عافيته، وللتعددية الحزبية اعتبارها، وللقلوب المتنافرة تعارفها وللأحزاب المتصارعة والمتشاجرة وحدتها وتوافقها، بعيداً عن الشغب والتخريب والهمز واللمز والشتم والتجريح، وبعيداً عن تصعيد الأزمات والاحتقانات والتهديد والوعيد والنكوص عن الوحدة والديمقراطية، وبعيداً عن مواجهة الانتخابات واللجان الانتخابية والاعتصامات السلمية باستعمال العنف والشغب والتقطع والاعتقالات وقطع الطرقات وإطلاق الرصاص الحي الذي نجم عن ذلك قتلى وجرحى بين أبنائنا ومواطنينا الأبرياء .

مذكرين أنه إذا كانت الوحدة والأمن العام والسلام الاجتماعي من الثوابت والخطوط الحمراء، فكذلك حقوق المواطنين وأمنهم ودماؤهم وأعراضهم وأموالهم من الثوابت والخطوط الحمراء «الإنسان بنيان الله ملعون من هدم بنيانه» ،«ولهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من قتل مسلم»، كما جاء في الحديث الشريف عن رسولنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .. ونعتقد أن ماتشهده الساحة اليمنية من اعتصامات يعتبر ذلك من مقاصد الشريعة الإسلامية السمحاء ومن مبادئ الديمقراطية الشوروية وأدواتها ووسائلها السلمية والمشروعة، ولكن يجب أن تشمل إشاعة التصالح والتسامح كل أنحاء اليمن جنوباً وشمالا، بحيث يكون دم اليمني على اليمني حرام ودم المسلم على المسلم حرام «كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه»، هكذا يرشدنا رسولنا صلى الله عليه وسلم. وإذا كانت الديمقراطية رديف الوحدة اليمنية والرئة التي يتنفس بها اليمانيون فقد أتاحت للأحزاب والفرقاء والمواطنين حرية الاختيار في ممارسة الاستحقاقات الانتخابية فمن يريد مقاطعة الانتخابات البرلمانية فلا حرج عليه، ومن اختار المشاركة في الانتخابات فلا حرج عليه.

بحيث يعطى للمواطن حرية الانتخاب أو المقاطعة، ولكن يجب أن يتم ذلك بالطرق السلمية وبروح تسامحية حضارية بعيداً عن العنف والترهيب والترغيب والتهديد، والحكم في الأخير للشعب.ومع كل ذلك فنحن على ثقة بأن الأخ الرئيس علي عبدالله صالح - حفظه الله - والذي نال ثقة الشعب في الانتخابات الرئاسية وكونه راعي الديمقراطية الشوروية سيعمل جاهداً على تقديم المزيد من الحوار والتواصل مع اللقاء المشترك، ونعتقد أن أي تنازل من قبل المؤتمر لإنجاح الانتخابات البرلمانية سيزيد من رصيده الشعبي، وحتى نقطع الطريق على كل من يراهن على وأد الديمقراطية ونضع حدا للأزمات والاحتقانات والاختلالات الأمنية والاقتصادية التي تؤدي إلى الإضرار بالوحدة الوطنية والسكينة العامة والسلم الاجتماعي،(يايها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولاتتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى