سلطة شعب .. أم شعب السلطة ؟!

> أحمد محسن أحمد:

> في العالم كله ـ وبلادنا اليمن جزء منه ـ نرى أن هناك تجاذب وتضاد بين الشعوب والسلطات في بلدانها !.. شعوب تؤكد ذاتياتها في تشكيل نوع السلطة التي ترتضي بها وتعتبرها سلطتها وتقنع بما يأتيها من قوانين وأحكام لاتخرج هذه القوانين عن رغبات الناس وقناعاتهم واتجاهات حياتهم.

ذلك لأن السلطات هي من بناة وتشكيلات شعوبها ؟! .. أما الشكل الآخر الذي يختلف عن سلطات الشعوب فإن ذلك النوع هو المكروه والممقوت والمتمثل في شعوب السلطات ونقصد بها تلك الشعوب المغلوبة على أمرها في ظل تحكم السلطات وإلغاء هويات ومكونات ومقدرات شعوبها فلاتكون في الصورة أي ملامح أو شيء يوحي أن هناك إرادة شعب ؟!.بمعنى أن الشعب ملغي في كل ما يتعلق بأمور البلاد من ثروات وإمكانيات وآمال وطموح إلخ .. فالسلطة هي الآمرة الناهية .. وهي صاحبة الكلمة الفصل في كل مايتعلق بالبلاد .. والشعب هنا مغيب .. بل ملغي ولا له هوية ولاكيان ؟! ..

في بلادنا الغالية اليمن .. ماذا نرى ؟.. هل ياترى السلطة هي سلطة الشعب ؟! .. أم أن الشعب هو الملغي والمقهور، وهو أيضاً الذي لاحول له ولاقوة ؟!..

إذاً فعلينا أن نسلط الضوء بدقة حول هذه المسألة من الجوانب ذات الصفة والهوية المؤكدة لسلطة الشعب أم لشعب السلطة؟! فقد سمعنا من الخطابات التي توسقنا بها سلطة البلاد مايؤكد بأن شعبنا المسكين في اليمن هو ما كان عليه في ذلك الزمان القديم .. عندما كان مولانا وإمامنا (رحمه الله) يفتح خطابه المقنن للشعب .. بقوله (شعبي العزيز) كدلالة على أن الشعب هو ملك للحاكم وأن الحاكم هو المالك للأرض وما عليها؟! .. في هذا الزمن الجديد تسوق لنا السلطة اليمنية من عندها ومن جعبتها أشكال العلاقة الجديدة التي تؤكد أنها تتعامل مع شعبها ومع أرضها وثرواتها .. ومع أنفاس الناس .. بما يؤكد أنها المالك والمتحكم بهذا الشعب ؟! .. فالديقراطية (مثلاً) جاءت لنا من السلطة .. والشعب حتى اليوم لايعرف ما هي الديمقراطية .. وما هو خطها بالنسبة لسير حياته؟! ..

وهذه الحقيقة قالها أحد قادة الحزب (ذائع الصيت) للبعثة الأوروبية التي تزور بلادنا هذه الأيام .. قال ذلك السياسي المحنك والمخضرم (هو بعيد بعض الشيء عن السلطة وبنفس المسافة من البعد عن المعارضة) .. قال بالفم المليان : «عليكم تعليمنا وتدريبنا للتعامل السليم وفق قواعد الديمقراطية الصحيحة»؟ .. ولعمري كان الأجدر بهذا السياسي أن يقول للبعثة «عليكم تعليم السلطة ماهي الديمقراطية»؟! والبعض ممن كانت لهم فرصة في الحديث مع هذه البعثة قالوا .. «إن الديمقراطية التي نسمع بها هذه الأيام في بلادنا هي ديمقراطية السلطة وليست ديمقراطية العشب» ..بل إن أحدهم قال للبعثة: «لا تعتقدون أن ديمقراطيتكم أو ديمقراطية شعوبكم هي شكل الديمقراطية عندنا»! .. ولأن الحديث قد جرنا وساقنا نحو ما دار بين البعثة الأوروبية والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، وربما مع السلطة وحزبها الحاكم، فقد كان لقاء البعثة مع بعض الرموز الوطنية في عدن مختلف تماماً عما كانت عليه لقاءات السلطة وشبه المعارضة بالبعثة الأوروبية؟! .. فالانتخابات قد أخذت حيزاً كبيراً بقدر (وربما أكبر) من الحيز الذي حصلت عليه مسألة ديمقراطية السلطة اليمنية!، فالانتخابات هي الأخرى شكل من أشكال (المنزلات) وبالقطارة من علو سماء السلطة إلى أرض الشعب المسلوبة !.. الكثير من أبناء الوطن يشعرون أن هذه الانتخابات هي انتخابات السلطة لنفسها، والدليل هو العدد الهائل والكبير والطويل من زمن الانتخابات من يوم استعاد الشعب اليمني لوحدته وربما ماقبل ذلك .. لم نرَ شيئا يعطينا كشعب ويؤكد لنا أن هذه وتلك الانتخابات قد غيرت شيئا في وجه السلطة وشعبها الملغوب على أمره! .. حتى الوحدة هي الأخرى جاءت من فوق على الرغم من أن الشعب اليمني موحد من قبل إعلانهم عن ولادتها!.. الشعب اليمني موحد أرضا وإنسانا .. لكن مانراه هذه الأيام من وحدة مزعومة هي وحدة أو واحدة من مخرجات السلطة المالكة والمتحكمة بشعبها!.. يحز في النفس ما أراه هذه الأيام في بلد عربي مزقته سلطات دول أجنبية .. وشطرته بتدخلاتها الهمجية! .. لكن على الرغم من كل هذه المآسي شهدت الأسلوب الجديد في طريقة مراقبة سير الانتخابات الوليدة في ذلك القطر العربي العزيز على قلوبنا.. شاهدت الشفافية والطريقة الحديثة في مراقبة العملية الانتخابية لتجنب أي تزوير أو تحريف لحق الناس في الإدلاء بأصواتهم .. أجهزة كمبيوتر تراقب كل خطوة في عملية الإشراف .. طيب هذه الإجراءات تتم في ظل وضع مأساوي لذلك الشعب العربي وبلده المعطاء .. فما بال انتخاباتنا التي ما زالت تحت أحكام السلطة التي تريد انتخابات نفسها!..

آخر الكلام .. لقد قدمت مساهمة نقدية متواضعة لسير انتخابات 2006م .. أشرف على هذه الندوة الاتحاد الأوروبي في المكلا وكان لي الشرف العظيم أن يضم اسمي إلى جانب الرجل الوطني الشجاع والهامة العالية في التاريخ النضالي للشعب اليمني الأستاذ/فيصل بن شملان، والأساتذة الأجلاء /د. محمد علي السقاف والدكتور علي عبدالكريم، قدمت في تلك الندوة ورقتي المتواضعة كمساهمة في الندوة .. وقلت أن سؤالي الذي لم أجد له إجابة حتى يومنا هذا هو: «ماشرعية الأصوات من خارج الصندوق؟» .. وهناك قصص مضحكة ومبكية تكشف زيف الانتخابات اللاديمقراطية في بلادنا الغالية اليمن ؟! .. ولنا لقاء..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى