سوء إدارة لا نقص موارد

> برهان أحمد إبراهيم:

> مظاهر البؤس والحرمان في اليمن (تفشي الفقر، ارتفاع البطالة، تدني الأجور، ضعف الخدمات العامة)، سببها ليس نقص الموارد، وإنما إدارة حكم سيئة، تعيش خواءً مؤسسياً، أفضى بها إلى انتهاج سياسات مزاجية أثرت سلباً في التنمية، وأجهضت فرص تطور المجتمع.

إن معظم الدراسات والتقارير سواء الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة للتنمية (UNDP) لعام 2002م، أو ما ورد في اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ودول البحر المتوسط (برشلونة)، أو ما تضمنته وثائق (إعلان صنعاء)، واتفاق الرأي في (مونتيري)، أكدت -جميعها - العلاقة الجدلية بين الحكم الجيد والتنمية، بل إن الاتفاقيات الدولية، في تقديم القروض والمساعدات، وبين الدول الدائنة والمدينة، اشترطت الالتزام بمبادئ الحكم الجيد، الذي اعتبره (تصريح الألفية للأمم المتحدة) أحد العوامل اللازمة للتنمية وإزالة الفقر.

أسلوب الحكم والتنمية تعرّفه دراسة لخبراء البنك الدولي بأنه «..أسلوب ممارسة القوة في إدارة الموارد الاقتصادية والاجتماعية للدولة من أجل التنمية..) .. فالفشل في إدارة الحكم لايترتب عليه مشكلة الفقر وحدها، وإنما مشاكل أخرى كانعدام الاستقرار، وعدم تدفق الاستثمار، والإخفاق في التنمية، وظهور التوترات الاجتماعية، ونمو التطرف والإرهاب، وانتشار الجريمة ..إلخ.

ومما لاشك فيه أن الإدارة الرديئة، هي عارض من عوارض الاستحواذ على الدولة لعقود عدة من قبل فئة بعينها استئثاراً بموارد الدولة، الأمر الذي يفقد الدولة فاعليتها المؤسسية.. وفي مثل وضع كهذا، لاتمثل الانتخابات سوى إجراء شكلي، تقوم به السلطة تأكيداً وتثبيتاً لسلطتها القائمة الدائمة، والمتحررة من آليات الرقابة والمساءلة والمحاسبة، اللازمة لمكافحة الفساد، فعدم تجديد السلطة يشكل أرضية خصبة لنهب موارد الدولة، ويتيح للفساد المالي والإداري التسيد، ليبقى هو الآلية الفاعلة لتحريك مؤسسات الدولة الهشة.

ومن المعروف أن الفساد المرتبط بالسلطة هو الأكثر خطورة والأشد فتكاً بالتنمية .. لذلك، لاغرابة أن احتلت اليمن رأس الدول الأكثر فساداً في العالم بحسب تقرير (منظمة الشفافية العالمية) لعام 2004م، وأن تخفض القروض المقدمة لليمن بنسبة %34 من قبل (البنك الدولي أكتوبر 2005م) بسبب «..عجز الشفافية الحكومية والحكم الجيد في اليمن..»، وللأسباب ذاتها، اعتبر تقرير (بيئة الأعمال للبنك الدولي 2006م) اليمن بيئة طاردة للأعمال والاستثمار!

وبذلك، فإن حديث السلطة عن التنمية، وعن برامج مكافحة الفقر، لايعد سوى صوت يتردد صداه في مغارة علي بابا، طالما غول الفساد، الذي ترعرع في كنفها، يأتي على كل شيء، وطالما ظلت باقية تلك العقلية، العاجزة عن إدارة موارد البلاد.. بل إن مايزيد الأوضاع تعقيداً، وانزلاقاً إلى هاوية الكوارث، هو أن هذه الإدارة على وهنها مطالبة اليوم بوضع الخطط والتدابير اللازمة لمواجهة وتخفيف ضغوط الأزمة المالية الدولية، والركود الاقتصادي العالمي، والبحث عن بدائل - أو معالجة - لتداعيات انخفاض أسعار النفط.

ففي ظل إدارة حكم غير رشيدة، وأزمات اقتصادية عالمية، تبدو كل المؤشرات والدلائل قاتمة مفزعة، فـ«أكثر الخبراء تفاؤلاً اليوم يتوقعون متوسط نمو ضعيفاً خلال العام .. مصحوباً بارتفاع رهيب في معدلات البطالة وانهيار الشركات ..» (مارتين بولار: انقلاب النظام العالمي، المستقبل العربي، العدد 358 ، ص 140).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى