عندما يضرب الـ«عِرْق» عند الإمام أحمد والبروفيسور حبيب سروري

> نجيب محمد يابلي:

> تواتر مجتمعنا على استخدام الـ«عرْق» (بخفض العين وتسكين الراء) على انشداد المرء إلى عصبيته وهي نار، لكنها تحت الرماد ومن أراد أن يحرك جمراتها إلى السطح فعليه أن يستفز صاحبها بالقول أو الفعل وينتج عن ذلك تحريك النار أو العصبية فيقال : ضرب العِرق أو احترك العرق .

شاءت الصدف أن أرصد هذه الحالة عند الإمام أحمد رحمه الله والبرفيسور حبيب سروري فاستأنست بتقديمها لقراء «الأيام» كما وردت في مادتها الخام من دون أن أخضعها لأي تدخل خارجي عن النص .

عند قراءة كتاب «الأطراف المعنية في اليمن» المثير للجدل للراحل الكبير أحمد محمد نعمان وقفت أمام فصل «الانفجار» (ص 72) وأمام مشهد حواري عتب فيه جلالة الإمام على النعمان وزميله عبدالرحمن الإرياني، اللذين استعجلاه على حسم ولاية العهد في نجله «البدر» وصورهما بأنهما رأس تلك الفتنة.

يذكر أحمد النعمان أن القاضي محمد عبدالله العمري كان يتحدث عن ضرورة وجود شخص قوي من بعد الإمام (وإلا فستحكمنا القبائل)، وكأنه أراد أن يصرف نظر الإمام عن البدر والاتجاه نحو شقيقه (أي شقيق الإمام) الحسن. أبدى الإمام حرصا على تغيير أساليب حكمه وأنهما سيتجهان مع البدر إلى مصر والسعودية أو كما ورد نصا على لسان الإمام : (هيا هوذا انتو عاتسيروا مصر والسعودية مع الولد البدر واتفقوا على كل شيء».

أثار النعمان حديثه القديم عن «الرعوي المسكين» فعقب على الإمام: «والله ما أريد أقضي بقية حياتي إلا في خدمة المساكين هؤلاء الذين نصرني الله بهم»، وكان يشير بذلك للفلاحين - والكلام هنا لأحمد النعمان- الذين أحرق العسكر قراهم، ويضيف الكاتب: «ثم رد على نعمان مداعباً عندما تحدث عن المظالم التي تنزل بالفلاحين: هيا ..مه ؟ احترك العرق؟» أي هل ثارت العصبية للفلاحين .

تسونامي العِرق يضرب البروفيسور سروري :

البروفيسور حبيب سروري الذائع الصيت والوفير الإنتاج وتشهد بذلك أعماله العلمية والأدبية (قصاً ورواية وشعراً) وقفت أمام (سانت مالو) وهي الجزء الثاني من الثلاثية الروائية «دملان».

البروفيسور سروري عبر وسطر مشوار حياته وأوجاع مجتمعه المزمنة حتى «يقضي الله أمراً كان مفعولاً» والتي ضمنها في أعماله الروائية وكانت فاتحتها بالفرنسية رواية «الملكة المغدورة»، أما المشهد الذي وقفت أمامه فكان من نصيب الصفحة (13) من رواية «سانت مالو»:

«مر القطار قرب مصنع سيارات شاسع خارج باريس آلاف السيارات الجديدة تخرج مرتصة على عربات كهربائية في طريقها للشحن . ارتجف قلبي خشوعاً وأنا أمر قرب المصنع، كما يرتجف قلب مؤمن يمر قرب دياره المقدسة نبض في رأسي عرق البروليتاريا والصراع الطبقي ...».

ترى لماذا احترك العرق عند الراحل الكبير النعمان وكيف نبض عرق البروليتاريا والصراع الطبقي في رأس البروفيسور سروري؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى