المدربون المغمورون ووسطاء التعاقدات يلجؤون لها لتوفير الاقناع في سيرهم الذاتية .. الأندية الصغيرة تتورط مع مدربين أجانب يشترون شهادات تدريبية معتمدة مقابل 3 آلاف دولار

> الرياض «الأيام الرياضي» عن «الوطن السعودية»:

>
تحولت استعانة المدربين العرب والبرازيليين على وجه التحديد بشهادات تدريبية مزورة تتخم بها سيرهم الذاتية إلى ظاهرة جلية وقعت كثير من أنديتنا المحلية في حبائلها ، وعلى الأخص أندية الدرجتين الأولى والثانية وبعض أندية الأرياف.

ويتآمر المدرب ووكيل التعاقدات على سرد سيرة ذاتية تبدو في الظاهر مقنعة ومغرية، خصوصاً أنها تورد عدداً من الشهادات التدريبية من هذا المعهد أو ذاك ، أو من هذه الأكاديمية أو تلك ، خصوصاً مع صعوبة التيقن من صحة هذه الشهادات أو سلامتها من الناحية القانونية..وغالباً ما ينكشف عمل المدرب الذي يأتي مزوداً بهذه الشهادات والسير سريعاً بعد فترة موجزة من بدء عمله ، لأن العمل الميداني سرعان ما يكشف زيف الورق ، لكن هذا يأتي بعد التعاقد فعلاً، وبالتالي فإنه يصعب على أي ناد التخلص من المدرب دون أن يكون ملزماً بسداد الشرط الجزائي الذي يحرص هؤلاء المدربين على فرضه في عقودهم ليقينهم أنه سيكون مكسبهم الأهم بعد انكشاف إفلاسهم الفني.

وتضطر الأوضاع المادية المتواضعة لأندية الأرياف خصوصاً مسيري هذه الأندية على إبرام تعاقدات مع مدربين ذوي سير ذاتية بسيطة ، وتكتفي أحياناً بكونهم خريجي معاهد تربية رياضية ممن يحملون إلى جانب هذا المؤهل المتواضع على مستوى علم التدريب بعض الشهادات الأخرى المزورة غالباً لتدعيم موقفهم..وغالباً ما يلجأ وسطاء التعاقدات إلى التفخيم والتضخيم في السير الذاتية للمدربين ، ويلجؤون أحياناً لتزوير بعض شهادات هؤلاء طالما أن هدف الوكيل في النهاية الحصول على نسبته من قيمة التعاقد، ومن ثم اللجوء إلى ذرائع عدة لتبرير فشل المدرب أولها عدم ملائمة بيئة العمل ، أو عدم تعاون الإدارة ، أو تواضع مستوى اللاعبين الذين يتم جلبهم لتدعيم الفريق إلى آخر ما تتضمنه الاسطوانة المشروخة المكررة من الذرائع التي باتت محفوظة.

ولا يبدو الحصول على شهادة تدريبية مزورة أمراًَ معقداً ، إذ تكفي أحياناً علاقة ود مع أي مسؤول في أي اتحاد كروي عربي للحصول على عدة شهادات لدورات نظمها هذا الاتحاد الكروي حتى لو كان طالبها لم يسمع عن هذه الدورات أساساً ، كما أن هناك طرقاً أخرى كثيرة في هذا الصدد ، ربما تكشفها سطورنا التالية:

معاهد تونسية

يؤكد المدرب التونسي نزار خنيفر أن المدرب الذي يريد التحول لمدرب محترف يتم التعاقد معه خارج تونس سيكون مطالباً بالتوجه لمعاهد التدريب والإعداد للمدربين في تونس ، وهي معاهد تابعة للاتحاد الرياضي التونسي ، وقال:

«تنظم هذه المعاهد دورات للمدرب الراغب مقابل مبلغ مالي ، وتتكون هذه الدورات من درجات أولى وثانية وثالثة، والأخيرة تعد من أرفع الدرجات، ويمر المدرب باختبارات نهائية بعد دخوله لدورات تأهيلية، مع اشتراط أن يحمل مؤهلاً علمياً لا يقل عن البكالوريوس وألا يزيد عمره عن الأربعين عاماً، وأن يكون قد مارس كرة القدم كلاعب لفترة لا تقل عن خمس سنوات».

وأضاف:«بعد دخول المدرب دورة تدريبية يكون عليه أن يدخل فترة ثانية تحضيرية للتدريب النهائي والحصول على أعلى شهادة تدريبية ، حيث يلتزم بالدورة الجديدة لمدة أسبوعين مع بداية الموسم الرياضي،ثم أسبوعين بمنتصف الموسم ، وأخيراً أسبوعين بنهاية الموسم، ومن ثم يدخل اختبارات نهائية تؤهله للتدريب في أي مكان شريطة اجتياز الاختبار بحضور ممثل من الاتحاد الدولي لحضور حفل تخريج المدربين من الدرجة الأعلى التي هي الدرجة الثالثة..وهناك مدربون يتجهون للدول الأوروبية ، وهم ممن حصلوا على درجة أولى أو ثانية بمعهد التدريب للمدربين ، ومن ثم يحصلون على شهادات تدريبية من بعض الفرق المشهورة بحضورهم لدورات من أجل تحسين مستوياتهم».

ولم ينف خنيفر وجود مدربين يزوّرون سيرهم الذاتية للحصول على عقود، مؤكداً أن بعض الوسطاء يساعدونهم من أجل الكسب المادي.

3 آلاف دولار ثمن لشهادة

ويرى المدرب البرازيلي فرنانديز الذي عمل في ناديي الرائد والحزم قبل أن يتحول إلى الترسانة المصري أن تزوير الشهادات التدريبية أمر وارد وسهل ، وهو يقول:

«بعد حصول المدرب على دورة تدريبية معتمدة، بإمكانه الحصول على شهادات إضافية تعد أساسية للسيرة الذاتية من بعض المعاهد المتخصصة التي تعطي المدربين شهادات تدريبية مقابل 3 آلاف دولار، وهذا يبرر أحياناً وجود مدربين أعمارهم صغيرة ومع ذلك تحمل سيرهم شهادات تدريبية كبيرة ، وهم في الأصل لم يخضعوا لهذه الدورات ، بل يكتفون بالدورة الأساسية، ويعتمدون على الخبرة الرياضية، لكن إصرار مكاتب التعاقدات على وجود شهادات تدريبية إضافية يدفعهم لشرائها».

تناقض

ويؤكد مدرب فريقي الناشئين والشباب بنادي التعاون عبدالعزيز الصالح أنه اكتشف تناقضاً كبيراً بين السير الذاتية لبعض المدربين العرب الذين سبق أن أشرفوا على تدريب التعاون وبين واقع عملهم بعد شهر واحد فقط من ممارستهم للعملية التدريبية التي تكشف أنهم يحملون مبادىء بسيطة جداً للتدريب ، تؤكد أن فكرهم التدريبي سطحي للغاية، وقال:«الغريب في هؤلاء أنهم يرفضون تدخل رئيس النادي أو مناقشته لهم وكأنهم ملمون بكل شيء».

ويضيف:«يدرك هؤلاء المدربون أن إدارات الأندية لا تراقب عملهم سواء سراً أو علناً عبر مختصين في التدريب ولذلك يطمئنون إلى أنهم لن يكشفوا بسهولة، فيما يجدر بالأندية أن تضع أعيناً مختصة لها تراقب عمل المدرب بما يضمن لها حفظ حقوقها والمقارنة بين ما تزخر به السير الذاتية من شهادات وبين العمل الميداني الذي يبقى المحك الأهم، كما أنهم يطمئنون إلى أن هذه الإدارات لا تكلف نفسها عناء الاتصال بالمعاهد أو الأندية التي يذكر المدربون أنهم حصلوا على شهاداتهم منها للتيقن من صحة هذه الشهادات».

اعتراف بالتقصير

ويعترف نائب رئيس نادي الأخدود ناصر آل وتيد بتقصير الإدارات فيما يتعلق بمسألة اختيار أشخاص للعمل في الأندية لحمايتها من السماسرة الذين يشاركون رسمياً مع بعض المدربين بتزوير السير الذاتية وما يرفق بها من شهادات تدريبية.

وقال:«أعتقد أن هناك أندية تصدم بفكر بعض المدربين عندما تتعاقد معهم ، لكنها تخضع لهم لعدم توفر السيولة المالية لجلب مدرب بديل، وأساس المشكلة هنا أن مسؤولي الأندية لا يكلفون أنفسهم بالسفر والتعرف على المدرب عن قرب ، والسؤال عنه قبل التعاقد معه».

وأضاف:«شخصياً دهشت من بعض المدربين الذين يحملون سيراً ذاتية كبيرة تغري أي مسؤول بالتعاقد معهم ، لكنهم يفاجئوننا بأسلوب مختلف تماماً عندما يشرفون على تدريبات الفريق، ولو خصص أشخاص أصحاب دراية وخبرة لمناقشة مسألة التعاقد مع المدربين في الأندية الصغيرة لتغير الوضع وتحسن الحال حتى عند السماسرة غير المبالين والعارفين تماماً أن رؤساء الأندية لا يركزون على التعرف على مصداقية السير الذاتية التي يحملها المدربون».

لجنة متابعة

ويطالب المشرف على كرة قدم النجمة (درجة ثانية) صلاح الجوهر بضرورة وجود لجنة في كل ناد يكون اختصاصها متابعة المدرب قبل التعاقد معه، والسؤال عن صحة سيرته الذاتية، والاتصال بالمعاهد التي تكون مصدراًَ للشهادات التي يحملها المدرب القادم للتدريب.

مضيفاً:«يتوجب على مسؤولي الأندية الحرص على صحة ودقة السير الذاتية للمدربين ، بحيث يتم التعاقد معهم إما عن طريق الرئيس مباشرة بالسفر ومقابلة المدرب والحصول على صور من السيرة الذاتية ومن ثم الاتجاه للمعاهد التي تحمل الشهادات إسمها لمطابقتها أو إرسال خطابات رسمية موقعة من أي ناد للمعهد المانح للشهادة للتأكد من صحتها ودقتها بدل الاعتماد أساسياً على السيرة الذاتية للمدرب».

الاستعانة بالسفارات

ويؤكد مدير مكتب رعاية الشباب بالقصيم عبدالعزيز السناني وجود معاهد معترف بها تخرج المدربين في الدول العربية وأسماؤها معتمدة في السفارات السعودية، ويمكن تطوير الوضع بدقة التعامل من قبل مسؤولي الأندية قبل التعاقد، بحيث يتم التعرف على المدرب عن قرب وبحث أموره بدقة دون الاعتماد على السماسرة..ويؤكد عضو الاتحاد السعودي لكرة القدم عضو اللجنة الفنية إبراهيم فهد الربدي أن رؤساء الأندية يتجاهلون الواقع، حيث يذهبون للسماسرة ويضرون بالأندية ويخسرون مالاً دون التحصل على فائدة تذكر.

وأضاف:«يتوجب على رئيس أي ناد قبل التعاقد مع أي مدرب توجيه خطاب للجنة الفنية بالاتحاد السعودي الخاصة بشؤون المدرب لإيضاح حقيقة شهادات المدرب والحصول على معلومات أساسية تحمل المصداقية عنه، وتحمي الأندية من إهداء أموالها بالتعاقد مع مدربين تحوم حولهم الشكوك».

موضوع هام

ويشيد أمين عام الاتحاد السعودي لكرة القدم فيصل العبدالهادي بطرح صحيفة «الوطن» لهذا الموضوع، وقال:«أعتقد أن البحث الجيد من قبل مسؤولي الأندية عن المدربين الحاصلين على أعلى شهادات تدريبية هو الأمر المفروض والمستحسن بشكل دائم، فلو رأينا النجوم البارزين والقادمين من الأندية الصغيرة في الدرجتين الثانية والأولى لوجدناهم تدربوا على أيدي مدربين مهرة لهم الفضل بعد الله في بروز هؤلاء النجوم كما حدث مع اللاعب أحمد الفريدي نجم المنتخب السعودي الأول حيث كان قبل انتقاله للهلال بأحد الأندية الصغيرة، واليوم نراه من أفضل لاعبي المنتخب وذلك لأنه تدرب على يد مدرب جيد يملك من المؤهلات الشيء الكثير، وأنا أتمنى من مسؤولي الأندية قبل التعاقد مع المدرب الرجوع للجنة الفنية بالاتحاد السعودي لكرة القدم المختصة بالمدربين حيث يوجد قسم خاص للمدربين، وبإمكانها إعطاء معلومات دقيقة لأي رئيس ناد يبحث عن مدرب».

لعبة الصغار

ويرى المدرب التونسي لطفي البنزرتي الذي درب في الخليج العربي سنوات ، وقاد فرق الوحدة والخليج ونجران محلياً أن هناك مدربين أكفاء ليسوا بحاجة للحصول على ميزات إضافية لتعينهم في عملية إقناع مسؤولي أي ناد للتعاقد معهم، وقال:

«لا أنكر وجود مشكلة في تزوير السير الذاتية عند بعض المدربين المغمورين وغير المعروفين، فهم يفعلون هذا للحصول على عقود تدريبية بفرق تملك موارد مالية يستفيد منها المدرب، وهناك مئات المعاهد التدريبية في دول عالمية يمكن أن يحصل أي مدرب بالمال على شهادات تدريبية إضافية منها، وسير ذاتية معتمدة، ويصل ذلك إلى حد أن يبحث بعض المدربين عن أشخاص يوفرون لهم شهادات تدريبية بأندية كبيرة مقابل أجر مالي يدفع نقداً أو على شكل دفعات عند توقيع بعض المدربين، ومجال التدريب واسع يحصل فيه ما يحصل في أي مجال آخر، فهناك مرتزقة من المدربين يبحثون عن عقود بأي ثمن».

بينما أكد المدرب التونسي فتحي الجبالي مدرب فريق نادي الفتح أن المعاهد التدريبية تعطي للمدرب حقوق التدريب في أي مكان، وقال:

«أعتقد أن المدربين غير المهيئين، والذين لا يمتلكون تاريخاً كبيراً يحاولون البحث بشكل دائم عن سير ذاتية ضخمة توفر لهم سرعة التعاقد مع الأندية، ولكن من الصعب استمرار أي مدرب يزور سيرته الذاتية أكثر من شهرين بأي ناد لأن المباريات ستكشفه».

ترقب إلغاء التعاقدات

وعن آليات التعاقد مع المدربين، يكشف وسيط التعاقدات الإماراتي مرزوق المنهالي قائلا:«التعاقد مع المدربين يأتي أولاً عن طريق البحث عن السيرة الذاتية، إما عن طريق أندية سابقة دربها المدرب وتضاف من قبلنا لسيرته الذاتية، أو من خلال الشهادات التي نحصل عليها من قبل المدرب، ونحن نتلقى الاتصالات والفاكسات من قبل بعض المدربين العرب للبحث عن عقود، فنبحث عن طريقنا وعن طريق مندوبينا في دول الخليج لمعرفة احتياجات الأندية، ونراقب جميع دوريات الخليج لمعرفة أحوال المدربين، وعند إلغاء عقودهم يكون لدينا طلب من أحد الأندية يناسب قدراتهم..أما الوسطاء غير المرخص لهم فيبحثون عن تزوير السير الذاتية، فمثلاًَ نحن من جلب مدربين كباراً أمثال لطفي البنزرتي مدرب الشعب السابق بعد إلغاء عقده مع نادي نجران السعودي، وكذلك جلبنا المدرب شاكر المفتاح للدوري الليبي بعد إلغاء عقده مع النجمة السعودي، وكذلك نراقب عدة مدربين ونتعرف على إلغاء عقودهم فوراً عن طريق الممثلين، وكذلك نحصل على أسماء مدربين عن طريق المعاهد المعترف بها وخاصة في تونس والجزائر والبرازيل».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى