القائمة النسبية مابين القبائل والأحزاب

> محمد علي محسن:

> نظام القائمة النسبية كان يفترض الأخذ به منذ أول انتخابات نيابية عام 93م التي اعتمد فيها نظام الدائرة الواحدة على مافيه من مساوئ واختلالات كشفت عنها الممارسة الانتخابية ونتائجها المخيبة للآمال والتطلعات الوحدوية.

إذ جاءت هذه النتيجة مكرسة لوضعية ماقبل التوحد بحيث استأثر النظامان السابقان على مجمل الدوائر المشكلة لبرلمان دولة الوحدة، ولكن وفق قاعدة شطرية أعادت محافظات الجنوب للحزب الاشتراكي اليمني ومحافظات الشمال للمؤتمر والإصلاح، وباستثناء الدوائر التي حصلت عليها الأحزاب الأخرى مجتمعة وعددها 12 مقعداً فإن 241 مقعداً ذهبت للمؤتمر 123 والإصلاح 62 والاشتراكي 56 ناهيك عن بقية الدوائر الخمسين الفائز بها المستقلون أغلبهم بدعم من الأحزاب الثلاثة.

الناظر في الانتخابات الرئاسية 2006م سيدرك مدى حاجتنا لنظام القائمة النسبية ليس من اليوم فحسب وإنما من أول استحقاق ديمقراطي أعقب قيام الدولة الواحدة، خاصة بعد التجربة الأولى الفاشلة في تحقيق الاندماج الوطني بين النظامين والشعبين في الدولتين، واستدعت بالضرورة حالة من التأزم ومن ثم الحرب في صيف 94م، صحيح أن الانتخابات الرئاسية لم تغير شيئاً يمكن الاعتداد به لمصلحة الديمقراطية والتعددية والوحدة المختلفة بنيانها ومداميكها، ومع ذلك يحسب للانتخابات أنها أخرجت الناخب اليمني من دائرة القبيلة والمنطقة والجهة الجغرافية الضيقة إلى دائرة الحزب والتحالف السياسي والوطني الفسيح فحتى وإن غابت النزاهة والتنافسية في هذه الانتخابات أو أنها مثلت هزيمة جديدة لعملية الاندماج والشراكة السياسية إلا أنها تبقى الانتخابات الوحيدة الجامعة لكل الناخبين في البلد الذين قدر لهم الاصطفاف على أساس حزبي وسياسي ووطني ولو في الحدود المتاحة.

هذا الاصطفاف الضئيل خلف مرشحي السلطة والمعارضة، فكيف سيكون الأمر إذا كانت الانتخابات بنظام القائمة النسبية؟

لا أدري لماذا الأحزاب السياسية مازال طرحها للمسألة على استحياء أو في نطاق النخبة السياسية والصحفية على الرغم من مضي عقد ونصف على توقيع وثيقة العهد والاتفاق التي أهم بنودها القائمة النسبية والحكم المحلي الواسع الصلاحيات؟

في لقاءين؛ الأول مع قيادي في حزب الرابطة والآخر في تكتل المشترك أجاب الأول عن سؤالي حول القائمة النسبية وموضعها في الحوار مع المؤتمر ورئيسه بتأجيل المسألة لوقت آخر وإلى حين تكون القوى القبلية في الشمال مستعدة لقبول مثل هذه الانتخابات أما الآن -والكلام للرئيس- فستجد معارضة من القوى التقليدية، أما القيادي في المشترك فأجاب عن السؤال ذاته حول التعديلات لقانون الانتخابات بحصول الأحزاب على التزام شفهي من الرئيس بشأن تعديل النظام الانتخابي القائم واستبداله بنظام القائمة النسبية ابتداءً من العام الحالي 2009م .

بلد مثل اليمن وبظروفه المتخلفة سياسياً وحزبياً واجتماعياً ومؤسسياً ووحدوياً وثقافياً وديمقراطياً وانتخابياً هو بحاجة قصوى للاندماج المجتمعي وللوحدة الوطنية وللدولة الواحدة القوية بوجودها وسلطتها ومجتمعها، انتخابات الدائرة الواحدة أثبتت فشلها منذ أول تجربة تشريعية وحتى اللحظة الفاصلة عن الانتخابات الرابعة التي فقدت قيمتها ومعناها قبل الذهاب لصناديقها، المرأة انقرضت والأحزاب ضعفت وعلى وشك الانقراض والقبيلة تمددت وتوسعت والمناطقية والجهوية تجلت بأبشع صورها والبرلمان صار للذوات والقوى القبلية والعسكرية والتجارية وعلى الرغم من التجربة المريرة هنالك من يشكك بملاءمة القائمة النسبية بل ويعدها خطراً لوجوده القبلي والمناطقي والفئوي والانتخابي .

نظام القائمة سيحل معضلة التمثيل للمرأة وسيعطي للأحزاب والبرلمان قيمة وأهمية سواء من حيث التصويت على قائمة الأحزاب أو بماهية الأسماء ونوعيتها وفعاليتها بداخل البرلمان، كما أن الناخب سيضع صوته هذه المرة لأحزاب وقوائم واحدة تمثل كل مساحة الوطن بأطيافه ومكوناته القبلية والطائفية والمناطقية والجهوية بدلاً عن التمثيل الفردي لكل دائرة، وكان من مظاهر نظام الدائرة الواحدة هذا مانشاهده من انحسار للأحزاب والكفاءات والقدرات النوعية وللمرأة وللطموحات والتطلعات الوطنية وللوحدة ذاتها، التي لن تتحقق بتجسيد الانتماء العشائري القبلي والمناطقي والطائفي مثلما هي الآن قائمة بانتخاب الدائرة، ولكنها ربما ستنجز بالانتماء الوطني والسياسي والعقائدي والحزبي إذا ماتم الأخذ بنظام القائمة النسبية التي يحسب لها إخراج المجتمعات من أفق القبيلة والمنطقة الضيق إلى فضاء الوطن الفسيح.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى