القصة الكاملة لإقالة سكولاري من تشلسي.. إبراموفيتش اتخذ القرار شخصياً لأنه لا يريد ربط إسمه بالفشل

> لندن «الأيام الرياضي» عن إيلاف :

> كان وصول ثلاثة رجال يوم الاثنين الماضي إلى مركز تدريب تشلسي ليس في حد ذاته سبباً للانزعاج..ولكن التعبير على وجوههم كان يشير إلى أن هناك خللا ما.

مالك النادي رومان إبراموفيتش كان يبدو كأنه يرتدي ما نستطيع تسميته «قناع الموت»، الذي كان من شأنه أن يمسح الابتسامة في وقت قريب جداً عن وجه المدير الفني البرازيلي لويس فيليبي سكولاري ولو لفترة قصيرة جداً..ويحيط بمساعده الأيمن يوجين تننباوم ورئيس مجلس إدارة «البلوز» بروس باك ، تقدم إبراموفيتش باتجاه مركز التدريب الذي كلف بناءه 20 مليون جنيه استرليني حسب مواصفات الروسي.

تخطى الثلاثة الحديقة الصغيرة من خلال أبواب أوتوماتيكية ومن ثم إلى بهو أنيق حيث كان الاستقبال كبيراً وأكثر من المعتاد. «قناع الموت» واصل طريقه ، متوجهاً إلى إحدى قاعات الاجتماعات، ووصلت الرسالة المشؤومة إلى سكولاري بالانضمام إلى المجموعة الزائرة باعتبارها مسألة ملحة.

سكولاري لم يعرف من هم القادمين، ولكنه حين دخوله القاعة في الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم الاثنين الماضي عرف أن أيامه انتهت في «ستامفورد بريدج» ، وقيل له:«إن هذا لن ينفع»..ومضمون هذا التعبير أن الناس يرغبون في استخدامه عند إنهاء علاقة تحتضر..وقالوا للبرازيلي إنهم يقدرون كل ما قام به، وجاء ذلك بعد سبعة أشهر فقط من مدة سنتين من عقده مع خيار تجديده لمدة عام آخر، وأصبح من المتعذر عليه أن يدافع عن موقفه..وأضافوا أنهم شاهدوا دلائل مزعجة على التدهور في مستوى الفريق ، خصوصاً بعد التعادل السلبي أمام هال سيتي في «ستامفورد بريدج» يوم السبت الماضي التي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير.

ابتسم سكولاري ابتسامة ذات دلالة، وتقبل مصيره..ولم تكن هناك أي من الألعاب النارية الدرامية التي صاحبت المدير الفني السابق لتشلسي خوسيه مورينيو عند إقالته قبل 17 شهراً، عندما ختم مصيره من خلال خروجه من الاجتماع العاصف مع إبراموفيتش متحدياً له إذا كان يستطيع أن يعثر على مدير فني آخر يستطيع القيام بالمهمة على نحو أفضل..في هذا الوقت انتهى الاجتماع مع تقديم الاعتذارات وتوزيع الابتسامات والمصافحات التصالحية بينهما.

ومع قبول سكولاري قرار إقالته تقدم النادي بعرض رائع لدفع مبلغ الـ17 شهرا المتبقية من عقده مع تقديم شكر لخدماته وهو شكرهم بالمثل ، لأن الأمور سارت بشكل حضاري ملحوظ.الجلادون تركوا سكولاري في مركز التدريب حيث عندما بدأ خبر إقالته يتسرب، أجاب على أسئلة واضحة ومميزة وتجاهل الابتسامات..وفي الوقت نفسه اتصل إبراموفيتش بكابتن الفريق جون تيري هاتفياً ليخبره بقراره..وكان تيري في ذلك الوقت بعيداً 30 ميلاً عن لندن في فندق قرب واتفورد قبل سفر منتخب انجلترا لمواجهة اسبانيا ودياً يوم الأربعاء الماضي.

وبالكاد كاد يصدق ما يسمع، وكذا زميله لاعب خط الوسط فرانك لامبارد الذي استقبل الاتصال ذاته..واللاعبان أظهرا دهشتيهما، ولكن بصورة شخصية، فكلاهما أبديا قلقهما بشأن وجهة الفريق السلبية مع أسلوب سكولاري، ولكن أياً منهما لم يكن يتوقع إقالته.. إقالته في نهاية الموسم ربما إذا لم تكن قد تحسنت نتائج الفريق، ولكن ليس الآن.

ولكن تيري ولامبارد والجميع في «ستامفورد بريدج» يعلمون أن ما يقوله إبراموفيتش يقوم بتنفيذه..إلا أن اتصال الروسي بالنادي في الآونة الأخيرة كان ضئيلاً جداً، وحتى ظهوره فيه لم يكن بالمستوى المعروف عنه في السابق، ولم يصرف في سوق الانتقالات الشتوية الحالية إلا قليلاً، ما أثار تساؤلات بشأن التزامه بتشلسي في وقت أن مصالحه التجارية كانت قد تعرضت لخسائر كبيرة بسبب الأزمة المالية العالمية داخل النادي وخارجه..وكان مشجعو النادي ينتظرون نوعاً ما من علامة على أن ابراموفيتش ما زال مهتماً بالنادي. وبعد الحدث المأساوي الذي وقع يوم الاثنين الماضي، أثبت أنه يهتم بتشلسي في السراء والضراء. وقد شارك تننباوم وباك في المناقشات التي سبقت إقالة سكولاري، إلا أن الرئيس التنفيذي بيتر كينيون كان يقضي إجازته في بربادوس، ما يشير إلى أن القرار لم يكن قد اتخذ من قبل مجلس إدارة النادي..ببساطة إبراموفيتش قرر بما فيه الكفاية على ما يحصل النادي من نتائج.

فمنذ اللحظة التي بدأ يشك في أسلوب سكولاري، فإن فترة البرازيلي قد انتهت..فلم يكن هناك أي إرجاء لتنفيذ القرار أو وقف تنفيذه، ولم ينتظر عودة كينيون من عطلته، وحتى لو كان هناك أي شخص يميل إلى إعطاء سكولاري فرصة أخرى، فلم تكن هناك فرصة أمام إبراموفيتش ليتحدث عنها.وبعد خمس سنوات ونصف سنة منذ أن اشترى تشلسي، فإن إبراموفيتش ما زال لغزاً..ولكن الجميع يعلم بأنه على قدم المساواة مسرف ومتقلب وبلا رحمة، سواء عندما كان يشتري خدمات لاعبين في الوقت المبكر من نشاطات الانتقالات أو التعاقد مع المديرين الفنيين أو إقالتهم، أو حتى صرف 61 مليون جنيه استرليني في شراء لوحتين فنيتين لفرانسيس بيكون ولوسيان فرويد في غضون 48 ساعة في أيار الماضي. وكان دائماً يفكر بطريقة عمله الثابتة كما له أن الشخص الذي يعرف أنه على حق. وفي هذا ثبت أنه كان مخطئاً، ولكن كان لديه شيئاً واحداً يمكن بموجبه تصحيح أي خطأ: المال.

فقبل شهر تقريباً زادت التكهنات حول التزام إبراموفيتش لتشلسي، وحاول أحد من المقربين القلائل إليه أن يشرح أن ما يبدو بفقدان الاهتمام سيكون مؤقتاً، إذ قال:«تحتاج إلى فهم إبراموفيتش، فلديه الكثير من المصالح في حياته..تشلسي هو مجرد واحد منهم، وما زال مهتماً به إنه لا يحاول بيعه ، وإنه لم يختف وسيعود قريباً».

وعاد إبراموفيتش إلى النادي واستغنى عن خدمات أغلى مدير فني وتكاليفه باهظة. وهذا ليس بفعل رجل يسعى لبيع نادٍ لكرة القدم..والقرار الذي اتخذ كان جزءاً منه لأن الروسي ومجلس الإدارة كانوا قلقين من عدم وصول النادي إلى دوري الأبطال للأندية الأوروبية في الموسم المقبل، على رغم وجود التأكيدات المالية، ولهذا السبب كان يتطلع إلى جعل النادي مكتفياً ذاتياً.

أما الجزء الآخر فإن إبراموفيتش يعبر عن عدم رغبته بارتباط إسمه بالفشل،ولم تكن السنوات الثلاث الماضية سهلة لإبراموفيتش، الذي تعود على أن يحصل على ما يريد. وبغض النظر عن طلاقه زوجته ايرينا، والتي تشير التقديرات إلى أنها كلفته أكثر من بليون جنيه استرليني، والأزمة المالية العالمية، وتراجع أسعار النفط الذي كلفته أكثر من ذلك، كان من العار رؤية دمار طموحات هيمنة تشلسي على العالم من قبل المستعيد نشاطه مانشستر يونايتد. ولا يمكن التقليل من مقدار الألم الذي ألحق بابراموفيتش الذي اشترى النادي ليس استثماراً، بل على أنه متعة رياضية.

ولم تكن جزءاً من خطته وجود النادي في المركز الثاني بعد مانشستر يونايتد في الدوري الممتاز الانجليزي، ولا الخسارة بركلات الترجيح أمام النادي ذاته في نهائي دوري الأبطال للأندية الأوروبية في موسكو. والانزلاق بعيداً إلى المركز الرابع في جدول الدوري الممتاز بعد فشل الفوز على هال سيتي في «ستامفورد بريدج» كانت آخر هزة لاعتزازه، فيما «الشياطين الحمر»، في إطار ملكيته لعائلة غليزر الأميركية، ما زال مستمراً باكتساح الأندية في كل المنافسات قبلهم.وكان من المفترض أن يكون سكولاري المدير الفني الذي يحول «البلوز» إلى كل ما يريده ابراموفيتش، ليس مجرد الفريق الفائز مثلما كان النادي تحت إدارة مورينيو، بل كان يريد من الفريق أن يلعب كرة قدم مثيرة وجميلة مثل مانشستر يونايتد أو ريال مدريد.

وعلى رغم البداية المشجعة، إلا أن تشلسي تعرض لمشاكل ، خصوصاً عندما انضم هال سيتي إلى الأندية التي خرجت من «ستامفورد بريدج» من دون خسارة، وتضمن هذا أيضاً نادي ساوث إند يونايتد في بطولة كأس الاتحاد وبيرنلي في «كارلينج كاب»، لذا قرر إبراموفيتش بأن هناك حاجة لاتخاذ إجراء سريع.

وهكذا كان، فقد عاد «قناع الموت» إلى وجه ابراموفيتش، فيما كان يستعد لتنفيذ واجبات الجلاد مرة أخرى.

سكولاري تقبل مصيره وهو يبتسم، لأنه ليس مغفلاً، فقد كان يعلم بأن هذا اليوم سيأتي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى