الشاعر اللحجي سالم عبد هاشم .. قصائد تتلمس دروب الأضواء

> «الأيام» سند حسين شهاب:

> في مدن الإبداع تظل الأرض ولادة بكل جديد، ويأتي هذا الجديد امتداداً لما سبقه ليؤكد علو كعب هذه المدينة وامتلاكها ناصية التميز، ويظهر هذا الإبداع في شكل صور عدة تجسد تأكيد هذا اللقب لهذه المدينة وأحقيتها به .

لحج مدينة مبدعة بكل ماتحمله هذه الكلمة من معنى، وتاريخ هذه المدينة منذ نشأتها يؤكد أنها كانت هي السباقة في إظهار الإبداع في مناحي الحياة كافة..

وفي الثقافة كانت لحج العنوان الأبرز في هذا المنحى بما قدمته من رموز وأعلام ظلت أسماؤهم خالدة على مدى التاريخ..

ولأن عنصر الزمن لم يتوقف فإن الإبداع يظل ملازماً لعنصر الزمن وتظل لحج تقدم كل جديد في كل زمن.

سالم عبد هاشم واحد من المبدعين المحسوبين على هذا الزمن الذي يمثل امتداداً حياً لتاريخ لحج المنير.

فن الشعر وغرضه هو اهتمام سالم ووسيلته للإفصاح عن مايجول في كوامنه من آلآم وآمال، لتأتي القصيدة بعد ذلك خلاصة لهذا الوجع اللذيذ .

من قراءة أولية لبعض أعمال هذا الشاعر يتضح حجم ما يكابده شاعرنا من لوعة وشجن، فقد فعل الهوى فعله في قلب شاعرنا لما لا وهذا الشاعر لايملك إلا قلباً رقيقاً لايقوى على مقاومة هذا الجمال الأخاذ الذي يفتنه في كل لحظة:

فتنة لقلبي وعيني ما رأت مثلك

الرب صاغك ملك رضوان بهذا شهد لك

المال والجاه أنته وكل ما أملك

قررت باكتبه لك لو جيت ليلة برجلك

أن يكون فعل الهجران والقساوة من المحبوب هو الوفاء تجاه هذه العاطفة الصادقة، فهذا يزيد من عذاب الشاعر ويجعل الحيرة هي لسان حاله، لاسيما وأنه لم يكن يضع محبوبه إلا في خانة الأوفياء وإلا لما قدم له كل تلك المشاعر الفياضة التي أضحت اليوم وبالاً على حياته ككل .

ماكان ظني صاحبي يقسى علي شدى

لو بالملامة بدى

لكان أسلم وأجدى

أنا أعرفه صاحبي لايسوس ويغذى

ولايصيبه صدى

هجين من ذاك ومن ذى

سنة مرت والثانية نصفها عدى

وهب عمري سدى

أصبحت لا شوف ولا هدى

تتجلى أصالة شاعرنا وصدق مشاعره في تقبله آلاما كثيرة وإن كان وقع هذه الآللم كبيراً، إلا أنه يرتضيها لأنه قد نذر حياته لهذا المحبوب ولا يعلم شاعرنا المقاصد الحقيقية من وراء تعذيبه هذا، إلا أنه يعلن تقبلها كيفما كانت علها تفضي في الأخير إلى تحقيق مبتغاه:

سوي ذى تبا فيني

وليكن مايكون

خلي الشوق يضنيني

وتكويني الشجون

القلب بك مسكون

مفتون بك مفتون

جمالك قد ملا عيني

وأنساني جمال الكون

إذا تغنج وتدلل

من باب الدلع

أنا بصبر وباتحمل

وجع فوق الوجع

زيدني من الأوجاع

بازيدك غرام

وسيبني كذا ملتاع

في حبك دوام

بلا أنوار انصافك

يغلفني الظلام

سوي ذى تبا فيني

يعترف الشاعر سالم عبد هاشم في قرارة شعره أنه لا يقوى على مجابهة ثورة الشوق التي تعصف به لتذكره بمحبوبه، فلا يملك إلا إطلاق نفسه الشعري متسائلاً عن مغزى هذا المحبوب الذي فضل الابتعاد عن قلب مازال معلقا بتلابيبه:

وين انته

يبات الشوق يلعب بي

وين انته

أنا محتاج لك جنبي

فيك القلب ولعته

على لقياك ولفته

وين انته

لابقنع ولابامل

يهب حتى نصيف عمري

لعل أو عسى تعدل

تجازيني على صبري

تجيني في الغلس سكته
وتنعش قلب أتعبته
وقلبي الشجي يرجع
كأنك يوم ما فارقته
وين انته

لاشك أن أعراف الهوى تقتضي أن تستقيم معادلته على عنصرين، أما أن تظل عاطفة واحدة تضخ من طرف واحد، فهذا الأمر ليس فيه عدل، ومع هذا فإن شاعرنا يتفهم هذا الأمر ويعطي العذر لمحبوبه معلناً استعداده لكل مايتطلب شريطة أن يظهر هذا المحبوب قدراً من العواطف علها تكون نقطة انطلاق جديدة:

شل الوقت ذي يكفيك
واعطني آخر كلام

وإن فكرت تباني جيك
باجيك كلي غرام
باجي وانور العيون
باجي وكلي شجون
باشم خلف الأذون
لما تقلي تمام

خلنا من جديد نبدأ
وماقد مر يكفي

خلنا للماضي ننسى
تعال سامح واعفي

لاتشفّي بي الشوافي

وأهل الحسد والفضول

إياك تقول ماتباني

لايكن حكمك عجول

وشل الوقت ذي يكفيك

واعطني آخر كلام

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى