تشويه المعالم التاريخية والأثرية بتريم.. من المسؤول عنه؟

> «الأيام» سعيد شكابة:

> تريم مدينة معروفة ومشهورة على مستوى العالم أجمع ولها صيت عالٍ.. فهي مدينة العلم والعلماء والتاريخ والتراث, مدينة الفن والأدب والثقافة، مدينة الحضارة والفلكلور، مدينة المساجد الكثيرة ودور العلم والقصور الساحرة، مدينة العمارة الطينية الفريدة والمتميزة والأثرية.

تريم المدينة التي بها أشهر منارة (مئذنة) مسجد ذات الارتفاع الشاهق وذات المبنى الطيني المكون من مادة الطين واللبن والتبل (قش سنابل القمح) والمبنية بتقنية عالية وتصاميم رائعة بأيادٍ محلية خبيرة ومبدعة بقدرة فائقة.. ألا وهي منارة مسجد المحضار الشهيرة.. مدينة تتميز بوجود الكثير من الآثار العريقة التي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً باسمها منذ آلاف السنين..

«حصن الرناد أو قصر الشعب»، «سدة يادي»، «منارة المحضار»، «حصن النجير»، «سدة اللمي»، «حصن العر»، «معلامة باحرمي»، «رباط تريم» وغيرها الكثير مما له ارتباط واحد وهو وقوعها في مدينة تريم وارتباطها بحضارات رائعة وجميلة سادت في هذه المدينة. هذه المدينة الذائعة الصيت تتعرض منذ مدة لشيء من الإهمال واللامبالاة المتعمد تجاه ما تكتنزه في جنباتها من صفات تميزها عن غيرها وعلى رأسها الآثار والمعالم التاريخية التي تؤرخ هذه الأماكن، وطالها العبث وتعرضت للطمس والتدمير والسطو والاستيلاء وهو الأمر الذي أدى إلى تغيير معالمها التاريخية بدلاً من العناية بما فيها من آثار ومعالم وصيانتها كسلوك سوي دأبت المجتمعات الحضرية والمتحضرة على التمسك به من ناحية.. وتفصح عن ثقافة أصحاب ذلك السلوك من ناحية أخرى.

وقد وصلت آخر عمليات العبث بالآثار والمعالم التاريخية والقصور ومنها «قصور السادة آل كاف» الشهيرة إلى حجب مناظرها الجذابة بكابلات الكهرباء المختلفة بأعداد كبيرة مثلما يظهر عليه مدخل قصر التواهي (أحد قصور آل كاف بتريم) وواجهته الأمامية.. وهو الشيء الذي استنكره أولئك الخيرون والغيورون على تراث وتاريخ الآباء والأجداد، ومعالم تريم التاريخية وآثارها من أهالي تريم منهم معالمة بناء (بنائون) متمرسون وأصحاب خبرات في مثل هذه الجوانب وكذا شخصيات مختلفة اجتماعية وثقافية وسياسية وتربوية وأدبية وغيرها ومن بينها أفراد من أسرة السادة آل كاف من أصحاب تلك القصور وذلك خلال مقابلتهم لي من أجل نشر صيحاتهم وشكاواهم من على منبر صحيفة «الأيام» الغراء لتوصيلها لكل القيادات المسؤولة الرفيعة وكل من يهمه الأمر بحيث يتم توقيف كل تلك الأعمال التخريبية ومحاسبة ومعاقبة كل مسؤول متسبب في ارتكابها أو ساكت تجاه ما يرتكب بحق هذه الآثار والمعالم.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك فقط بل أن أعمال الاستحداث الجارية لمعلم «سدة يادين» التاريخية (البوابة الجنوبية للغناء تريم) لإقامة مجسم تذكاري لها يتم باستخدام المواد الأسمنتية وهي طامة كبرى، حيث كان الأجدر بهم بدلاً من إقامة مجسم إسمنتي يشوه ذلك المعلم أن يقوموا بترميم مبانٍي السدة القديمة القائمة والمبنية من مادة الطين واللبن والتبل وإعادة المندثر منها بمادته نفسها.

ولكن.. للأسف الشديد أن قيادة السلطة المحلية بالمديرية وأعضاء الهيئة الإدارية للمجلس المحلي والجهات المعنية يسعون جاهدين للقضاء على كل الآثار والمعالم التاريخية المشهورة والمعروفة بها الغناء تريم وتخريبها وتدميرها.. كونهم دخلاء على تريم ولا يعرفون مدى أهمية الحفاظ على الآثار والمعالم التاريخية وحمايتها كهوية وطنية تعبر عن الحضارات التي شهدتها بلادنا على مدار حقبات تاريخية.

ولكنهم لا يفقهون كل ذلك شيئاً ولذلك يواصلون تنفيذ مخططهم المرسوم للقضاء على كل ذلك، الذي بدأوا بتنفيذه منذ تشكيل المجالس المحلية عام 2001م عندما طالبوا منذ تلك اللحظة في إحدى دورات المجلس بتهديم الجزء الغربي من مبنى «حصن الرناد - قصر الشعب» الأثري والتاريخي من أجل إقامة مدرسة حديثة مكانه، بدلاً من أن يدافعوا عنه ويطالبوا بسرعة ترميمه وتجديده وصيانته وتأهيله للحفاظ عليه كونه معلماً أثرياً وتاريخياً بارزاً يحاكي حضارات قديمة شهدها منذ بنائه قبل الميلاد بأربعمائة عام.. ويعملوا على إعادة الاعتبار إليه وإلى المدينة بما يخدم برنامج التنمية في البلاد.. ليقدموا ولو شيئاً بسيطاً من التقدير والتكريم لأولئك الآباء والأجداد المخلصين الذين بنوا لنا حضارات وخلفوا لنا مثل هذه المعالم منذ آلاف السنين تقديراً وتكريماً وعرفاناً لدورهم الريادي البارز في إقامة تلك الحضارات الغابرة.

في الأخير لايسعني إلا أن أقول لا أدري حقيقـة لمـاذا لا تكـون الغـناء تـريم محميـة تاريخية نظـراً لما تكتنـزه مـن مـواقـع و معالم تـاريخية تجعلها في مصـاف المنـاطق المحمية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى