وداعا النسر الحكيم...

> أحمد مبارك الجوهي:

> من عاش حقاً مات حقيقةً، وكان رحيله فاجعة وخسارة فادحة لاتعوض، تاركاً برحيله فراغاً كبيراً يروي للتاريخ عظمة ومكانة صاحبه.. نعم رحل عن دنيانا الفانية الكاتب والأديب والشاعر الشخصية الوطنية والمصلح الاجتماعي المعروف صالح عبدالله النسر بن عوض الجوهي بعد أن عاش حياة حافلة بالخير والعطاء، ولد في 23 -11- 1930م في قرية قاع آل عوض- ريدة الجوهيين.

نشأ حياته يتيم الأبوين، التحق بالمدرسة الوسطى بغيل باوزير مع كوكبة من خيرة أبناء الوطن منهم علي سالم الغرابي، سعيد عبدالخير النوبان، صالح عبدالله بن طرش، عبدالله محمد باشراحيل، بكار صالح باشراحيل، محمد سالم الخلاقي، جنيد محمد باجنيد، سالم يعقوب باوزير، سالمين علي النهدي، وسعيد عاطف الكلدي، وغيرهم، تخرج عام 1947-1946م، بدأ حياته العملية في مكتب الزراعة والري بوادي حضرموت مع المناضل الكبير الرئيس الأسبق قحطان الشعبي أيام الحكم القعيطي ما قبل الاستقلال.

انتخب ممثلاً عن أبناء مركزه غيل بن يمين بمديرية الشحر في مجلس الشعب المحلي بالمحافظة، كان ممثلاً أمينا لأحلام وتطلعات وهموم من أنتخبوه من أبناء مركزه وأبناء اليمن عموماً، طرح وبشدة على المجلس- في تلك الفترة- أحلام وتطلعات وهموم من انتخبوه، لأن النسر معروف بالصدق والإخلاص والأمانة، يتطلع للعلياء دوماً، لايحب الشعارات ولا يؤمن بها، استقال من المجلس بعد نقاش طويل وغير مسؤول عن حاجة الإنسان للدجاج والبيض، فيما كان الناس من أبناء مركزه وغيرهم يموتون عطشاً في تلك الفترة، بالطبع دفع ثمن أفكاره وأهدافه السامية ورؤاه لمستقبل افضل لليمن.. غادر الوطن إلى المملكة العربية السعودية حاملاً وطنه بداخله، ظل طوال حياته يتغنى بالعشق للوطن الذي يحلم به والحب للأرض والاعتزاز بالانتماء إليها، من خلال أشعاره ومؤلفاته الأدبية وكتاباته الصحفية في مجلة (العربي) الكويتية و(الشرق الأوسط) اللندنية وغيرها من كبريات الصحف العربية، وقد ترك الفقيد مكتبه زاخرا بالمخطوطات والكتب النادرة، تحكي تاريخ حقبة مهمة في تاريخ اليمن والجزيرة العربية.

كما سعى وساهم في بناء أول صرح تعليمي في منطقته.

عرفته حضرموت مصلحاً اجتماعيا، تمتاز أحكامه بالصدق والحزم والقبول من الأطراف المتنازعة لما يجدونه فيه من صدق وإخلاص واحترام للجميع.

كان (رحمه الله) حكيماً يملأ المجالس حلما وهيبة وتواضع وظرافة، كان لحديثه سلطاناً يأسر القلوب وتطرق الآذان لسماعه، وتنشرح الصدور للقائه، كان كبيرا في فكره و أخلاقه، متواضعاً في تعاملاته، محبا للجميع، يوقر الكبير ويعطف على الصغير و محبا للفقراء والمساكين.

غربت شمس كانت تملأ الزمان والمكان دفئاً وحياة وفكراً وتواضعاً وأخلأقا عظيمة مساء يوم الخميس، وخيم الحزن على وطن يحمله النسر بداخله وخسر الوطن عموماً برحيله وأبناء حضرموت وسيبان والجوهيين خصوصاً هامة وطنية فذة، سنفتقدها كثيراً.

عزاؤنا الوحيد أن للنسر سيرة حافلة بالخير والعطاء وذكرى طيبة وعطرة كانت ومازالت وستبقى إلى ماشاء الله تملأ الفضاء، مثلما كان النسر محباً للعليا محلقاً في الأفق البعيد سابحاً مع النجوم في فلك الفضاء. كما للفقيد ذرية صالحه - إن شاء الله تعالى - سبعة أبناء ثلاثة منهم ذكورا هم: عبدالله، أحمد وعمر وكلهم نسور تهوى العلياء.. و كما قال العرب «ما مات من خلف الأبناء».

ختاماً لن نقول إلا ما يرضي الله وحده «إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا على فراقك يا أبا عبدالله لمحزونون».. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

غيل بن يمين / ريدة الجوهيين

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى