سراب الديمقراطية

> عبدالقوي الأشول:

> هي ليست أزمة اقتصادية التي نعانيها، لأن الأزمات لاتأتي إلا عقب وضع اقتصادي كان مستتباً اعترته مشكلات أدت إلى أزمات، في وضعنا لانعاني من أزمة لأن وضعنا الاقتصادي ينتقل من السيء إلى الأسوأ لاتوجد أنشطة تنموية اقتصادية تستوعب آلاف العاطلين عن العمل.

وكافة الشعارات التي رفعت وتم التحمس لها بصورة مؤقتة تبدو سراباً بعد مضي كل هذه السنين من دون أن يشهد الواقع تبدلاً ولو نسبياً في المستوى المعيشي للسكان.

حدة الفقر في تزايد مستمر، مدن تعج بآلاف السكان ممن يعشيون على هامش الحياة، أعداد هائلة من الأطفال لاينالون حظا من التعليم مايعني بروز حدة الأمية كمشكلة اجتماعية حادة يصعب تحت نسبها المرتفعة الحديث عن الإصلاح الاجتماعي الذي لايكون إلا مستنداً على تطور فعلي في قاعدة التعليم، وسط كل هذا الخلط يبدو الحديث مرتفع النبرة والتفاؤل عن استحقاقات ديمقراطية ماهي إلا وجه لآلية حكم تؤمن بهذه الممارسات، لكنها في الأصل لاتؤمن بالتغيير حتى وإن جاء ذلك التغيير عبر صناديق الاقتراع على الرغم من المحذور المتخذ بعدم إمكانية حدوث مثل هذه المفاجآت التي لو حدثت لأظهرت وجهاً مختلفاً ومخالفاً لكل مايقال عن تلك الاستحقاقات التي هي في الأصل سبل تفضي إلى استمرار هذه الأنظمة في أمد البقاء في السلطة. وبالمطلق وفق مفاهيم أجهزة الحكم لاتوجد لدينا مشكلات اقتصادية ولايوجد عدم استقرار سياسي، كما لاتوجد تنمية، بمعنى أن مناخاتنا الديمقراطية لاتؤتي أكلها بأي حال إلا لأجهزة الحكم التي لاتعاني في الأصل من اختلالات في مستواها المعيشي لفرط حاتمية الأنظمة في استباحة الموارد العامة وكافة المقدرات لصالح هذه الشلل المفرطة في وطنيتها شديدة الحساسية تجاه أي حديث يصب باتجاهات التغيير .

ديمقراطية لاتؤكل عيشا ولا تفضي لسبل انفراج حياتي اقتصادي يرفع المعاناة عن آلاف السكان. وسط حلبة رقصنا هذه ومناخاتنا الديمقراطية التي لم تفض قط نحو التغيير تتكثف معاناتنا بل تشتد في أفق سياسية ليس في معناها عوامل استقرار إلا أن مفهوم غياب الاستقرار السياسي لايكون عند السلطة إلا في حال وصول الأمور إلى درجة من التلاشي والفوضى والانهيار، وهي غاية منتظرة دون ريب وسط كل هذا الخلط الذي يحيط بواقع حياتنا والتسويف لأزماتنا والعدمية المطلقة في وضعنا التنموي الذي ليس فيه تنمية أصلاً .

ومع ذلك الحديث على أشده عن الاستحقاقات فبأي حال تكون مثل هذه الممارسات الشكلية استحقاقات إذا كانت في كامل مضمونها ووفقاً لنتائجها السابقة تعيدنا إلى مربع البداية إن لم يكن بواقع حال أشد وأمضى مأساوية، فماذا يعني كل ذلك لملايين السكان في مجتمع يخلو وجه الحياة فيه من كافة الأنشطة الاقتصادية وتبلغ مستويات البطالة فيه أعلى النسب .

بالطبع ليس لدينا أزمات لأننا فوق مستوى الأزمات، لدينا عدمية في كل شيء، وعدم الإحساس بالمسؤولية وهي حالة استمراء لانظن أمدها يطول إذ لم نعترف بحقائق واقعنا المزري، وبعمق مانعانيه جراء عدم الاستقرار السياسي الذي يعد شرطاً منطقياً للتنمية. وهنا يبرز السؤال المنطقي .. ماجدوى ممارساتنا الديمقراطية بكل صخبها وشعاراتها طالما وهي ليست أداة للتغيير بأي حال كان، فلما لايعد استخفافاً عوضاً عن الاستحقاق؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى