أحمد العبادي المرقشي ضحية لضياع القيم وإباحة ارتكاب المحرمات

> عبدالله أحمد الحوتري:

> كنا نعتقد أن القائمين على أمر هذا المجتمع بمختلف مستوياتهم سيرعون الأمانة التي يحملونها على أعناقهم، انطلاقا من إدراكهم ومراعاتهم لليوم الذي تشخص فيه الأبصار، وأن يتجنبوا التلذذ بظلم مظلوم لإرضاء ظالم.

وهم جميعا يعلمون أن إرساء قواعد مخلة بالعدل هي قبل كل شيء خروج على تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف الذي نزلت أحكامه من لدن خبير عليم.

وثانيا تلحق أضرارا لا حدود لها بتماسك المجتمع وتجانسه، وتخلق الضغائن والأحقاد، وتبذر بذور فقدان الثقة بل والعداء بين الحاكم والمحكوم، الأمر الذي يدفع بالمحكوم المظلوم للبحث عن وسائل حماية أخرى خارج إطار أجهزة الدولة، التي بسلوكها هذا تترك مواقعها لتملأه جهات غيرها تحل محلها في رفع الظلم عمن ينتمون لها -القبيلة.

كانت هذه المقدمة ضرورية للدخول في مأساة فقدان العدل، بل وفرض الباطل بقوة الدولة على ولدنا أحمد عمر العبادي المرقشي، ذلك الشاب الذي نشأ على قيم دينية وخلقية وسلوكية يقدسها كل أفراد مجتمعنا اليمني من أقصاه إلى أقصاه، ويصبو إلى تعميمها مثل حب الناس، الوفاء، الكرم الشجاعة، احترام آدمية الإنسان وكرامته، والذود عنها بالوقوف الرجولي في وجه الباطل بكل صوره وجبروته، حتى وإن كلف هذا الموقف حياته.

من يكره الرجال المنصفين بمثل هذه الصفات وبصفات حميدة أشمل ؟

في 12 فبراير 2008م كان أحمد عمر على موعد مع الاختبار لمدى إيمانه بهذه الصفات التي تربى عليها من صغره، فكيف تعامل مع قوة الباطل التي كان يمثلها من سمى نفسه في رسالة تهديد للباشراحيل بـ(فرعون اليمن) الضابط أحمد الحضاري، وكيف تعاملوا مع (أحمد عمر) من يمثلون أجهزة حماية المجتمع ؟

كان أحمد عمر قد حضر من عدن إلى صنعاء مرافقا للأستاذ هشام باشراحيل رئيس تحرير صحيفة «الأيام» الذي وقف إلى جانب أحمد عمر عندما تعرض لهجوم مسلح، بغرض تكسير منزله في منطقة العريش عدن وإخراج أسرته إلى الشارع، وفي هذا الموقف كان أحمد صنديدا في الدفاع عن أسرته وكرامته، وكانت صحيفة «الأيام»- ممثلة برئيس تحريرها- بحق نصيرا للمظلومين والمقهورين، فهي لم تكتف بالدفاع عن أحمد في هذه القضية، بل جرى توظيفه في صحيفة «الأيام» لمساعدته على مواجهة الظروف المعيشية.

وجاء دور الوفاء من أحمد في يوم 12 فبراير، عندما دخلت إحدى العاملات في الصحيفة ناقلة لهم خبر حضور مجموعة مسلحة وقيامهم بالكتابة على السور الخارجي للمبنى عبارة (هذه أرضية الشيخ أحمد الحضاري) وألزموها - العاملة بـ«الأيام»- إبلاغ هشام باشراحيل بالخروج من المبنى خلال 12 ساعة مالم سيحصل كلام ثاني؟

عند سماع الخبر خرج أحمد ووجد المجموعة قد تحركت تاركة الكتابة على السور، وطلب من يحضر طلاء لطمس الكتابة وأثناء الطمس عاد الضابط أحمد الحضاري بعد أن خدع مجموعة من معارفه لمرافقته، دون إعلامهم بنيته مهاجمة باشراحيل وأسرته -(من ملف التحقيقات)- وأمام البوابة نزل من سيارته واتجه لاقتحام البوابة أثناء تبادل إطلاق النار مع أحمد الذي كان واقفا بشموخ أمام البوابة.

لم يكن أمام أحمد غير الدفاع الرجولي عن ما يؤمن بالدفاع عنه (النفس والعرض والمال) المكفول شرعا وقانونا وعرفا .

لم يكن على عداء مع أحد، لكنه واجه عدوانا قاده المدعو أحمد الحضاري تحت ذريعة ملكيته لأرضية خلف السور الذي لم يكن وراءه غير منزل الأستاذ هشام باشراحيل الذي تم بناؤه عام 1978م أي قبل واحد وثلاثين عاما تقريبا .

عند حضور ممثلي الأجهزة المختصة لم يرفض أحمد تسليم نفسه، لأنه لم يدر بخلده ماحدث لاحقا، عندما أصبح المعتدي معتدى عليه، والمعتدى عليه معتديا وقاتلا، إيداع المعتدى عليه السجن المركزي ومحاكمته منفردا مقابل إطلاق سراح المعتدي وحمايته، ورفض إحضاره حتى إلى جلسات المحاكمة .

تكييف التهمة على ولدنا أحمد بحيث تم تصوير أحمد الحضاري- المعتدي مع سبق الإصرار والترصد- وكأنه حضر مسالما لايحمل سلاحا، ولاينوي الاعتداء على ثلاث من المحرمات (النفس والعرض والمال)، بعد أن أهملت الشهادات التي ورد فيها مشاهدة السلاح الذي يحمله الحضاري ومن معه، وكأن السلاح الذي قتل به صلاح المصري هو سلاح ولدنا أحمد عمر من دون دليل، مع ورود خطأ في رقم السلاح المستخدم في الجريمة لم ينتبهوا له.

لم يبق موقف أهل القتيل المصري الذي خدعه أحمد الحضاري بطلب مرافقته من دون إعلامه بالمهمة، ولاشك أنهم اطلعوا على تفاصيل التحقيق في الحادث، كما اطلعنا نحن، ولانعتقد بأنهم سيقبلون من الحضاري ومن يحميه استمرار رفضه حضور جلسات المحاكمة، ليتبينوا الأمر بشأن مقتل ولدهم، لكن ما مصلحة الجهة التي تحمي الحضاري وترفض حضوره جلسات المحاكمة؟ هل هناك سر تخشى أن يظهر؟ هل الحضاري ينفذ مهمة أوكلت إليه ؟

أسئلة كثيرة لم نجد الجواب الشافي لها، ولكن وإن كانت ألغازا فقد فتحت جوانب من شفراتها .. سؤال أخير نوجهه إلى علماء الدين والقائمين على القضاء والنيابة التي صاغت التهمة على المرقشي، وكذلك مشايخ القبائل اليمنية وحكمائها نقول فيه: هل ترون هذه القضية تسير في اتجاهها الصحيح ؟؟

أما موقف قبائل المراقشة تجاه هذه القضية فهو مرهون بموقف قبيلة آل عباد أولا حسب أعرافنا ... التي لازالت تراهن على قيام الدولة بواجبها في إحضار المعتدي وإيداعه السجن إلى جانب ولدها أحمد وإخضاعه - الحضاري- للمحاكمة على قيامه بالاعتداء المسلح على الآمنين داخل بيوتهم وعن قتل صلاح المصري.

ولأن فترة الانتظار قد تجاوزت العام، فإنني أخشى أن تأتي ردة الفعل بمشكلة أكبر من المشكلة موضوع البحث، وهذا مايسعى له من لايريد الأمن والاستقرار للبلاد والعباد.

سلاما لك أخي أحمد عمر العبادي المرقشي، ماقمت به لامجال لفعل غيره. فالحضاري لم يترك لك خيارا آخر، وتعلم أنك تنتمي إلى قبيلة ذات شأن، وإن كنت في السجن فأنت حاضر بين شبابها الذين لايبالون بالتضحيات في سبيل الكرامة والعزة، ولايقبلون الباطل وأهله، وشواهد التاريخ الدالة على ذلك كثيرة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى