اتفاق (الستة) الإقصائيين..!

> علي الكثيري:

> لقد احتكر (هؤلاء) و(أولئك) لذواتهم الحزبية كل شيء في هذا الوطن الذي تتناتفه المحن والخطوب، إذ يمعن الحزب الحاكم وبضعة أحزاب من منظومة المعارضة في ممارسة كل صنوف إلغاء الآخرين وإقصائهم وتغييبهم.

منطلقين في ذلك من عقليات شمولية تجاوزها الزمن، تسوغ لهم وحدهم امتلاك الوطن، وتدفعهم إلى ممارسة كل ما يعبر عن أنهم أصحاب الوصاية على البلاد -أرضا وبشرا، شجرا وحجرا ومدرا- وأنهم أصحاب الحق في تقرير مصير استحقاقات الوطن وحاجاته، وأن لا قيمة ولا حقوق ولا وجود لغيرهم من الأطياف السياسية والمجتمعية، وذاك- لعمري- استلاء شمولي مفضوح، دفعت هذه البلاد وهذا الشعب المغذور بتطلعاته، أثمانا وخسائر فادحة، نتيجة لفاعليته المدمرة طوال العقود الخمسة الفارطة.

إن الطريقة التي تم من خلالها إعلان تأجيل الانتخابات البرلمانية لمدة عامين، تعد أحدث ممارسة في مسار ذلك التطاول الشمولي المدان، الذي تصر من خلاله تلك الأحزاب (البضعة) على مارسته بحق الوطن وأطيافه ومنظماته ورجالاته، إذ إن تأجيل الاستحقاق الانتخابي المرتقب، وهو شأن وطني عام يهم الاحزاب السياسية والمنظمات المدنية والنخب السياسية والثقافية والاجتماعية كافة على امتداد البلاد. إنه -التأجيل- لم يكن إلا نتاجا لاتفاق وتوافق تم خلف أبواب مغلقة، بين الحزب الحاكم وخمسة من أحزاب المعارضة، وبعيدا عن شركاء سياسيين فاعلين في منظومة المعارضة، وكأني بتلك الأحزاب (الستة) قد امتلكت البلاد والعباد، وباتت وحدها من يقرر شئون استحقاقات الوطن، أما الأحزاب المستثناة التي تأبى التبعية لهؤلاء وأولئك، والتي تمتلك من التوجهات والرؤى مايجعلها ذات تفردات وحضور مايز على الساحة الوطنية، فلا ينبغي إلا أن تظل تحت طائلة الإبعاد والتغييب المفروض عليها من الفرقاء (الستة) الذين تجمعهم -رغم ما بينهم من صراعات وثأرات وتناقضات- سمة ارتكازهم على ذهنية أحادية شمولية متأصلة، تجعلهم لا يحيدون عن ممارسة احتكارهم للحقيقة، ووصايتهم على الوطن وأبنائه، رغم غزارة ادعاءاتهم وشعاراتهم الديمقراطية، وتقديم ذواتهم الحزبية بصفتها حامية حمى التعددية والحقوق والحريات، التي تسقط مصداقيتها وجديتها مثل تلك الأفاعيل التسلطية..بأي حق يمعن (الستة) في تقرير أمر استحقاق انتخابي وطني لايخصهم وحدهم فقط بل يخص كل الشركاء السياسيين على امتداد البلاد؟.. ومن ذا الذي فوضهم ومكنهم من المضي في اختزال المنظومة السياسية اليمنية في صورة تكويناتهم الحزبية المعدودة، وتغييب الآخرين ومصادرة حقوقهم في المشاركة واتخاذ القرار؟.. وإلى أين يقود هؤلاء (الستة)، بعقلياتهم الإقصائية هذه، وطننا المأزوم والمنكوب الذي ظل يدفع ثمن (التوافقات) و(الاتفاقات) و(الصفقات) سحقا ومحقا وانهيارات؟.. نسأل الله اللطف والسداد وهو الهادي إلى سواء السبيل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى