ياما مظاليم !

> أحمد يسلم صالح:

> في أبريل من العام الفائت ساقتني الأقدار إلى صنعاء لمظلمة حلت بأبي العزيز أطال الله عمره .. حين أحيل إلى التقاعد باحتساب 21 عاما، ومن ثم نصف راتب تقاعدي 34،600 ريال وهو المربي الفاضل والتربوي الذي قضى خدمة تربو على ضعف المدة المحتسبة ظلما.

وبغية طلوعي صنعاء رجاء إنصافه أو تصحيح لما لحق به من جور وحيف ومثله كثيرون.

ظننت أن مخاطبات وزارة التربية والدكتور المحترم عبدالعزيز حبتور نائب الوزير يومها وخطاب رئيس مجلس الوزراء كفيلة بتصحيح الأمر وإعادة النظر، وهو مالم يحدث حتى اليوم للأسف الشديد، وحين لم نجد مناصا وإنصافا لم يزد والدي عن القول: الصبر ياولدي !!

كل الذي جعلني أتلو ماسبق هو أنني وفي أبريل الماضي قصدت في زيارة الإنسان العزيز الصابر أحمد عمر المرقشي في سجن صنعاء، وحين قابلته ومن خلف القضبان أدهشتني ثقته بنفسه وقوة شكيمته ورحابة صدره التي تذكرك بنقاء سريرة بدوي أصيل تشرب قيم الرجولة والوفاء والعزة والكرامة، وكذلك هم أهله ورجال المراقشة الذين عرفناهم عن قرب، وربطتنا معهم علاقات النسب والمصاهرة .

المرقشي العبادي ليس السجن مشكلته أو مشكلة الجهة التي يتشرف أحمد بالانتساب إليها بقدر ما هو حال العدالة والعدل اليوم التي تمثل مكمن الإشكال والقضية.

كان وقع عبارة (ياما مظاليم في السجن) يومها وأنا أطالع في جبين أحمد شديدا وبالغ الشدة .. منها أدركت أن اختلال ميزان العدالة يقود إلى ظلم مرتعه وخيم .. هذا الاختلال يجسد نفسه في أكثر من صورة ولون ومعنى، ويتجاوز إلى ماهو أكبر من مساواة الجلاد بالضحية، إلى مايمكن وصفه بقلب المعادلة وتحويل الضحية إلى جلاد والجلاد إلى ضحية، وباختلال ضوابط ونواميس الحياة العامة نعود إلى شرعنة وتبرير الفساد والقهر والظلم والاستيلاء والقوة، وكل ما له علاقة بتضاد قوانين، مثل الحرية والإنسانية والديمقراطية والعدالة .

لم يكن أحمد عمر المرقشي مجرد موظف بسيط لدى مؤسسة عريقة اسمها «الأيام» يدفع الآن في غياهب السجن ثمن كرامته ونبله وسجاياه الإنسانية الرفيعة، كما هي «الأيام» أيضا تدفع ثمن شهرتها ونجاحها المتألق مع كل إشراقة أو قبس من نور أو صرخة حق واستغاثة مظلوم.. هكذا هي «الأيام» يتداولها الناس مع كل صباح يوم جديد بشوق ورغبة ولهفة .

أحمد أنت اليوم مثال صارخ لهبوط سقف العدالة بكل صنوفها القضائية والاجتماعية والاقتصادية .. الخ ، لست وحدك من يدفع الثمن، لا فرق بين السجن المحاط بالأسلاك والعسكر، وبين سجن كبير فيه تتهاوى وتتأرجح قيم الفضيلة والخير والعدل والأمان وحق العيش الكريم بالعمل والتعليم والصحة والضمان الاجتماعي والمواطنة المتساوية .

أحمد المرقشي.. كما وجدتك يومها رافعا الهامة مبتسما غير هياب، مؤمنا أن الحق يعلو ولا يعلى عليه، كل هذا يمنحنا ويمنحك الأمل والشوق ليوم تنتصر فيه قيم العدالة والحرية والفضيلة والخير وكان الله في العون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى