> وسط حضور أمني ورسمي مكثف وبحضور إعلامي وجماهيري كبير عقدت المحكمة الجزائية بمحافظة عمران جلستها القضائية العلنية للنطق بالحكم في قضية مقتل المواطن اليهودي اليمني ماشا يعيش النهاري أمس، برئاسة القاضي عبدالباري عقبة.

وقضى منطوق الحكم بقبول الدفع المقدم من هيئة الدفاع عن المتهم عبدالعزيز يحيى حمود العبدي شكلا وموضوع وإدانة المتهم عبدالعزيز يحيى العبدي بما نسب إليه في قرار اتهام النيابة العامة بقتله المجني عليه ماشا يعيش يوسف النهاري عمدا وعدوانا.

كما أكد منطوق الحكم أن المتهم عبدالعزيز العبدي قد ارتكب جريمته وهو يعاني من اختلال عقلي مازالت آثاره مستمرة حتى النطق بالحكم، وذلك استنادا إلى ماورد في التقرير الطبي المؤرخ في 14/2/2009 المدعوم بشهادة عدد من الشهود.

وتضمن الحكم القضائي في جانبه الأساسي إلزام المتهم عبدالعزيز العبدي بدفع دية المجني عليه ماشا النهاري قدرتها المحكمة بمبلغ خمسة ملايين وخمسمائة ألف ريال، وإلزام النيابة بإيداع المتهم عبدالعزيز العبدي المصحة العقلية والنفسية لمعالجته ولا يتم الإفراج عنه إلا بعد رفع تقرير صادر عن اللجنة الطبية التي ستقوم بالإشراف على علاجه مرفوعا إلى المحكمة عن طريق النيابة، تثبت فيه سلامة المتهم وعودته إلى حالته الطبيعية وزوال الخطورة التي تشكلها حالته الحالية، بما يأمن عدم تكراره لأي اعتداء قد يطال أي شخص، ومصادرة أداة الجريمة وهي بندقية آلية إلى خزينة الدولة، وإعطاء حق الاستئناف للادعاء العام والمتهم ولأصحاب الادعاء الشخصي والمدني خلال المدة القانونية المحددة قانونا لتقديم الاستئناف.

وعقب انتهاء هيئة المحكمة من تلاوة منطوق الحكم صرخ والد المجني عليه ماشا يعيش من داخل قاعة المحكمة محتجا بأن هذا الحكم ليس حكم محمد بن عبدالله في إشارة إلى الرسول الكريم [ والشريعة الإسلامية.. وأكد أنه لن يرتضي بأموال الدنيا مقابل تنازله عن دم ابنه ماشا، وأنه يتمسك بطلبه السابق في القصاص الشرعي من الجاني، مبديا الاستئناف العاجل لهذا الحكم.

من جهته احتفظ ممثل النيابة بحق رئيس النيابة بالاستئناف خلال المدة القانونية، وقيد محامي أولياء الدم خالد الآنسي استئنافه على الحكم.

وفي الوقت الذي تحفظت فيه هيئة الدفاع عن المتهم بحق موكلها في الاستئناف خلال المدة القانونية صرخ المتهم العبدي من داخل قفص الاتهام قائلا: «استأنفوا الحكم يايهود وأنا معكم، أنا أرفض هذا الحكم لأنه أعد بقرار سياسي، أنا أستأنف وأطالب بالقصاص والإعدام، أريد الجنة والفوز بالآخرة، ولا أريد المصحة النفسية، أنا لست مجنونا، لقد قتلته وأنا بكل قواي العقلية وأطالب بإعدامي».

وكانت جلسة النطق بالحكم قد عقدت بحضور الأخوة عادل الحمادي عضو النيابة العامة، وطه الناشري أمين السر، والمتهم عبدالعزيز العبدي، وفريق الدفاع عنه برئاسة المحامي خالد الشلالي، وأولياء الدم يعيش النهاري والد المجني عليه وزوجة المجني عليه، ومنع من دخول ساحة المحكمة المحامي خالد الآنسي وفريق مؤسسة (علاو) المترافعون طوعا عن أولياء الدم حتى الدقائق الأخيرة من النطق بالحكم، حينها سماح لهم رجال الأمن بالدخول إلى قاعة المحكمة.

على صعيد متصل عقب صدور الحكم القضائي أصدر عدد من أبناء الطائفة اليهودية في ريدة وخارف بيانا (تحصلت «الأيام» على نسخة منه).. جاء فيه:

«اجتمع ممثلو الطائفة اليهودية مساء اليوم (أمس) بمنزل ماشا يعيش النهاري بمدينة ريدة، وذلك لتدارس الحكم الصادر صباح اليوم (أمس) عن المحكمة الجزائية المختصة بمحافظة عمران في قضية مقتل ماشا بن يعيش النهاري أحد أبناء الطائفة اليهودية بمدينة ريدة، وإننا نؤكد نحن ممثلي الطائفة اليهودية على التالي: رفضنا القاطع للحكم الصادر في قضية مقتل ولدنا ماشا النهاري، وفي الوقت ذاته نستنكر وبشدة إجراءات المحاكمة وماشهدته القضية من أعمال عبث في أروقة المحكمة منذ الوهلة الأولى لانعقاد جلساتها، كما نناشد فخامة الأخ رئيس الجمهورية التدخل السريع ومحاسبة كل من شارك في إصدار هذا الحكم القضائي وبهذه الطريقة».

وأضاف البيان :«كما لاننسى أن نناشد كافة المنظمات الحقوقية و منظمات المجتمع المدني ونطالبها بالتضامن مع أولياء دم المجني عليه والنصرة الفعلية لأبناء الطائفة اليهودية في اليمن الحبيب، وندعو كافة علماء المسلمين الوقوف إلى جانب قضية مقتل ولدنا ماشا النهاري، التي لم تكن أولى جرائم القتل التي يتعرض لها أبناء الطائفة اليهودية في اليمن، كما ندعو كافة أبناء الشعب اليمني إلى إعلان التضامن معنا كوننا مواطنين يمنيين نحب وطننا مثلنا مثل الآخرين ولنا منه من الحقوق مايعادلها من الواجبات، ونناشد المسؤولين والقضاة إعادة النظر في الحكم الصادر من جزائية محافظة عمران والذي نرفضه نصا ومضمونا، حيث إننا نطالب بالقصاص العادل من القاتل المدعو عبدالعزيز يحيى حمود العبدي الذي ارتكب جريمته ظلما وعدوانا».

وفي أول تعليق له حول الحكم في مقتل ماشا النهاري قال المحامي خالد الآنسي: «إن الحكم يهدر دماء الناس».

وأضاف المدير التنفيذي لـ«هود» في تصريحه لـ«نيوزيمن» «هو نتاج طبيعي لمحاكمة في ظروف غير طبيعية، صدر من قاض خائف».

وقال: «في تلك الظروف توقعنا أن تفضي الجلسات إلى حكم غير عادل». معتبرا إياه «استرخاص لليمنيين من معتنقي الديانة اليهودية».

وأكد الآنسي تقديم أولياء الدم الاستئناف، كما نقل عنهم بأنهم لن يرضوا بالدية، مطالبين بدم ابنهم، وأن والد ماشا سوف يشكو إلى رئيس الجمهورية وسيقوم بقطع زنارتيه، وإذا لم يتم إنصافه سيقوم بقطع رقبته. وعبر الآنسي عن مخاوفه من أن يؤدي الحكم إلى مسلسل تهجير اليهود من اليمن.

حاخام الطائفة اليهودية بعمران يحيي يعيش أسف للحكم، وقال لـ«نيوزيمن»: «الحكم مجاملة لأولياء الدم، ولا يستبعد أن يكون وراءه ضغوطات مورست على القاضي الذي أصدره». مبديا خوفه من أن يكون الحكم تشجيع على قتل اليمنيين اليهود. وممارسة الابتزاز بحقهم.