الشراكة في الوحدة والجمهورية

> محمد علي محسن:

> الوحدة والجمهورية كلاهما تعني الشراكة في السلطة والثروة وهما صنوان لليمنيين في الشمال والجنوب وكلاهما مشكلة قائمة ومعقدة حتى اللحظة.

الهروب من الوحدة إلى الانفصال ليس هروباً للأمام مثلما يعتقد البعض بل يعد هرولة للخلف المجهول، كذلك الحال مع الجمهورية المسكوت عن تخلفها ومصادرتها لحق المجتمع في السلطة والثروة بداعي حفظ الدولة الواحدة من التمزق والتشرذم لأوصالها حتى وإن كانت مهددة بها نتيجة لغياب الشراكة ذاتها في السلطة والثروة.

بعد مضي عقدين من الوحدة بين الدولتين هاهي الشراكة تتصدر أولويات القضية الجنوبية في كل مكان وزمان يطرح بهما القضية، خمسة عقود مضت على الثورة والجمهورية ومازالت هذه الشراكة في السلطة والثروة موضع مطالبة ونقاش في الوسط النخبوي في الدولة الموحدة التي أضافت لمجتمع الجنوب أعباء الشراكة المفقودة في الجمهورية فعلى الرغم من كونها قضية القضايا بالنسبة للقوة الوطنية في الشمال إلا أنها صارت اليوم في كنف الوحدة قضية كل اليمنيين شمالاً وجنوباً، بمعنى آخر أن على الطرف المهزوم في حرب 94م أن يناضل سلمياً من أجل الشراكة في دولة الوحدة وفي الوقت ذاته في سبيل شراكة الجميع في الجمهورية.

هكذا يمكن قراءة وتفسير ما تشهده الساحة الوطنية من احتجاجات ونقاشات وجدل فعلى صعيد المحافظات الجنوبية لا توجد فيها مشكلة مع الجمهورية حتى الوحدة والحرب مثلما هي مع الوحدة القائمة بأنموذج الدولة الشطرية السابقة في المحافظات الشمالية التي ينبغي فهم معاناتها المستديمة من هذه الدولة الموحدة الآن على أساس الدولة الشطرية وليس بسبب الوحدة المختلة والمشوهة كما هي معاناة المحافظات الجنوبية منذ إقصائها من الشراكة في دولة الوحدة.

ما يحدث إذاً في الجنوب هو ثورة شعبية مناهضة لإقصائه وإلغائه كطرف رئيس في المعادلة السياسية والاقتصادية والثقافية والوطنية المكونة للدولة الموحدة، وتم الانقلاب على هذه المعادلة في حرب 94م. ما يحدث في الشمال هو من أجل الشراكة الغائبة في الدولة والثورة اليمنية والجمهورية، ولكن بمطالبة نخبوية لم تصل بعد لثورة مجتمعية كما هي في الجنوب.

السؤال الماثل هو كيف ستحقق الشراكة في الوحدة إذا كانت الشراكة مفقودة في الجمهورية ذاتها؟ وهل الجنوب بأوضاعه وظروفه يمكن له انتزاع حقه في السلطة والثروة بمعزل عن الشمال وأوضاعه وظروفه وحقه أيضاً في الحكم والثروة؟ أعتقد أن علينا جميعاً كمجتمع وأحزاب سياسية وفعاليات نضالية ووطنية وغيرها من المسميات النضالية والديمقراطية في البلد قراءة وتشخيص الواقع كما هو بمشكلاته، بتناقضاته، بوعيه، بثقافته، بقضاياه، بوسائله، بمكوناته، و،و، إلخ فمن دون قراءة صحيحة ومشخصة للحالة الراهنة في الجنوب والشمال على السواء يصعب الحديث عن المعالجة للقضية الجنوبية، بل قد تكون مثل هذه المعالجة خاطئة وتزيد من مضاعفات الحالة.

الهرولة يميناً أو يساراً لن تؤدي سوى إلى الكارثة، والبقاء أو التوقف لن يفضي لغير التأجيل والتخلف عن ركب البناء للدولة اليمنية الحديثة، وعليه فإننا مازلنا لم نفقد الأمل بإمكانية الإصلاح وترميم الجسور بين الأخوة المتشظين بمعاناة واحدة وإن اختلفت أوجهها فدونما رؤية واضحة تشخص محنة الجنوب وأهله لايمكن كسب تعاطف ومؤازرة الشمال المتوجس والقلق مما يحدث في الجنوب ومن دون خروج شراكة الشمال وأهله إلى العلن والمجتمع عامة سيبقى الجنوب وحيداً ومنكسراً من صمت الشمال، فهلا أزلنا تلكم الهواجس واليأس في سبيل الشراكة في الوحدة والجمهورية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى