أسهل لهم وأطعم لنا

> علي صالح عاطف:

> قيل - والعهدة على الراوي - إن إمام اليمن (السابق) قام بزيارة لإحدى قبائل شمال اليمن فقاموا كعادتهم بالترحيب بجلالته والاحتفاء به وبمن معه من حاشية وحرس ومرافقين وآنذاك حان وقت الغداء - ظهرا - والقوم في هرج ومرج نتيجة نقاش محتدم.

وتناهى إلى علم الإمام أن هناك خلافا ما، فتساءل عن ما يدور مستفسرا من مستشاريه.

فأخبروه أن القوم في حيرة مما يمكن تقديمه من أصناف الطعام على المائدة.. فدعا الإمام كبار مضيفيه من مشايخ وأعيان وكبار القوم، فحضروا جميعا بحضور كبار مساعديه ووجه كلامه إليهم متسائلا: «ما الأمر؟!».. فردوا: «يامولانا جلالتكم شرفتمونا بزيارتكم المفاجئة لنا ووقعنا في حيرة من أمرنا ماذا عسانا أن نقدم لجلالتكم من أصناف الطعام التي تليق بذوق جلالتكم والوقت لا يسعفنا؟» وتسائل مبتسما: «وماهي الأصناف التي دار حولها الخلاف؟!»، فأجابوه بذكر الأصناف المتعددة من (سوسي)، (بنت الصحن)، (سبايا)، وأخذوا يعددون الأصناف المختلفة من الطعام (المعروفة لديهم).. ففاجأهم الإمام بقوله: «لقد ذكرتم العديد من الأسماء والأصناف المتنوعة واللذيدة، ولكنكم لم تذكروا (الهريش) وهو أبسط صنعا من سواه من الأصناف. وبما أن (الهريش) وجبة مكونة من القمح - نصف المطحون - ويطبخ سريعا بإضافة الماء (فقط) والقليل من الملح، فإنه يغني عن الخلاف حول ما يمكن تقديمه من الأصناف الأخرى».. منبها إلى ضيق الوقت وحلول موعد الغداء، وقد أصابهم حديثه بالذهول بمقترحه - السامي- الذي لم يكن في الحسبان، ولاذوا بصمت أملته الدهشة، وأردف جلالته موجها كلامه إلى مستشاريه: «دعوهم يصنعون لنا (هريش) فإنه أسهل - (صنعا)- لهم وأطعم - (ألذ)- لنا».

ما سردته هذه الحكاية البسيطة يختزل ما جاءت به نتائج التفاوض والأخذ والرد والاختلاف والوفاق بين ممثلي وقيادات أحزاب اللقاء المشترك التي كانت تدور طوال الفترة التي سبقت موعد الاستحقاق الدستوري للانتخابات النيابية التي تعددت وتنوعت ليفاجأ الجميع بالاتفاق.

وبسهولة بعد حرق أعصاب المترقبين وتجاهل ما يؤمله الشعب بالخروج بالحلول الصائبة بحيث تقام الانتخابات وفق الدستور وفي موعدها، ولكن يبدو أن التعدد والتنوع في الطروحات والمغالاة في السير وراء أماني الساسة (المعارضين) جعل التأجيل ولفترة عامين هو ما يرضي كل الأطراف المتنازعة.

وكون الوقت قد أزف ووضع الجميع في حيرة فيما يمكن صنعه في وقت رأوه ضيقا بعد إضاعته في نقاشات ومداولات عقيمة.. ونظرا لحلول الموعد المحدد قبل التوصل إلى نتيجة، فقد جاء المقترح بالتمديد ولعامين أسهل (لأولئك) وأطعم (لهؤلاء)، نظرا لحلول الموعد الذي كان يجب على الجميع احترامه.. بدلا عن الأخذ بمقترح التمديد الطويل (الهريش) السهل لهم الذي رأى كل الأطراف باستساغته على مائدتهم (ونعم الاتفاق!!)، وقد أثبت الحاكم القدرة على المبادرة المفاجئة والتفوق في الطرح بما لا يرقى المشترك إلى مسايرته أو توقعه مما يضعهم (دائما) في مواقف لا يحسدون عليها.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

* المدير التنفيذي لشركة سبأ

للملاحة - عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى