وماذا عنا نحن الأغلبية الصامتة ؟

> محمد فارع الشيباني:

> في ما مضى قبل سنوات جاء مسؤول كبير في عدن إلى صديق لي فنان وشاعر مشهور، وسأل صديقي إن كان يقبل أن يعين عضوا في مجلس الشعب الأعلى (البرلمان) كممثل عن الفنانين والمثقفين.

وسأله صديقي مستفسرا «قصدك ذول الذين يرفعون البطاقة وعادهم في جولة كالتكس؟» أيامها كان مقر المجلس (البرلمان) في مدينة الشعب المحافظة الأولى، وعندما أجابه المسؤول الكبير بالإيجاب رفض صديقي الطلب، ولم يكتف بذلك، بل قال كلاما لا أستطيع نشره.

هذا كان في ما مضى، وهذه الأيام في حديث مع صديق آخر حول الموضوع نفسه قال لي صديقي: «إذا كان الأولون يرفعون البطاقة وهم عند جولة كالتكس فإن الحاضرين يرفعون البطاقة وهم في نقيل يسلح في طريق صنعاء»، ولكن نسي صديقي أن الاقتراع برفع البطاقة كان يتم في مجلس الشعب الأعلى، أما الآن فإن الاقتراع يتم برفع اليد، رغم اعتقادي أن لافرق بينهما، لأنه في النهاية يعطي النتيجة نفسها ولافرق بين ماكان والحاضر رغم مرور تلك السنوات ورغم قيام الوحدة والديمقراطية كما قيل لنا وصدقناه أو كما يقولون في صنعاء «ديمة وقلبنا بابها»، والذي اختلف هو أن العضوية في البرلمان هذه الأيام أصبح مصدره الثروة، بينما كان أعضاء مجلس الشعب لايستلمون أي راتب فقد كان عملا تطوعيا ولايحصلون على أية امتيازات. ولكن بالنسبة لنا أصبح لافرق بين الماضي وبين الحاضر، وخاصة نحن الأغلبية الصامتة..

وكما يعرف الكل فإن لفظ الأغلبية الصامتة يطلق على أغلبية أفراد الشعب الذين لايشاركون ولايهتمون بالعمل السياسي بعد أن يئسوا من كل شيء ووصلوا إلى نتيجة أنه لافائدة من المشاركة، لأنهم إن شاركوا أو لم يشاركوا لن يتغير أي شيء، وصوتهم لن يغير أي شيء، فإذن لماذا يتعبون أنفسهم؟.. فخلال عامين ظل المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك يختلفون ثم يعقدون الاتفاقات المبهمة ثم يعودون للاختلاف، ونحن الأغلبية الصامتة لاندري لماذا اختلفوا وعلى ماذا اتفقوا؟.

كل ذلك ونحن نعيش حياة بؤس وفقر ومرض، ونعاني من الغلاء وانقطاع الكهرباء والماء أحيانا لأيام، وهم (المشترك والمؤتمر) يتفقون ثم يختلفون، ويصدرون البيانات المنددة كل طرف ضد الآخر، ونحن الأغلبية نتابع بصمت وجوع وفقر ومرض، وأخيرا أعلنوا أنهم اتفقوا على تأجيل الانتخابات البرلمانية لمدة عامين، وصوروا لنا ذلك بأنه مكسب جديد لنا، كأننا كنا منتظرين تلك الانتخابات أو حتى كنا نهتم بإجرائها أو بعدم إجرائها أو حتى كنا نتابع ذلك، لأن البحث عن لقمة العيش وتربية الأطفال أو حتى الحصول على علاج للمرضى منهم كان يشغلنا عن كل شيء.

والآن أرجو أن يسمح لي المؤتمر الشعبي وأحزاب اللقاء المشترك أن أسألهم هل تأجيل الانتخابات لمدة عامين أو أكثر أو إجرائها الآن سيحل ذلك جميع المشاكل في هذا الوطن البائس؟ هل سيحل ذلك حلا عادلا لقضية الجنوب؟ هل سيحل ذلك حلا عادلا لقضية صعدة؟ هل سيوفر ذلك لنا اللقمة الشريفة ؟ هل سيوفر ذلك عملا شريفا لشبابنا العاطل عن العمل؟ هل سينهي ذلك الفيد القائم على الأرض والمؤسسات العامة في الجنوب؟ هل سيوفر لنا الماء والكهرباء؟ هل ستتوفر لنا المستشفيات والعلاج والأدوية الكافية؟ هل سيسود القانون والنظام؟ هل سيوفر لنا ذلك المواطنة المتساوية؟ وهل وهل إلى مالانهاية.. والجواب عن جميع تلك الأسئلة هو طبعا لا وألف لا.. إذن ماذا يهمنا إن أجلتم الانتخابات أو أجريتموها يوم غد؟ ماذا يمهنا إن اتفقتم أو اختلفتم؟.. ومن جعلكم أولياء علينا؟ ومن جعلكم ممثلين عنا؟، ومن اختاركم؟ ولماذا تفرضون أنفسكم متحدثين باسمنا، نحن الأغلبية الصامتة في هذا الوطن والمغلوبون على أمرهم؟.. ورحم الله الشهيد محمد محمود الزبيري الذي قال:

«يلفقون قوانين العبيد لنا ونحن شعب أبي مارد شرس»..

اللهم احفظ عدن.. آمين يارب العالمين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى