حضرموت الـ.... أم حضرموت لا..

> حسين عبدالله بامطرف:

>
ربما يستغرب القارئ الكريم في اختيار هذا العنوان غير المشوق وغير اللافت، ولكن دعونا نسترسل قليلاً في تقريب الفكرة والخوض في بحر هذه الرموز وكشف طلاسمها.

لاشك في أن حضرموت الثقافة، التراث، العلم، الأدب، السياحة، التاريخ، إلخ.. منذ الأزل، ولا يختلف اثنان على ذلك فهي بلد الأحقاف وموطن عاد (ذات العماد) وثمود (الذين جابوا الصخر بالواد)، ومهد النبيين هود وصالح، والحضارات التي سادت ثم بادت، وميناء قنا التجاري الذي كان يزخر في ذلك العصر الذهبي، ودمون التي طمست معالمها والتي أطلق فيها امرؤ القيس أجمل أبياته الشعرية فهي كما أسلفت مليئة بـ «الـ...»، ولكنها الآن تئن من أوجاع العصور التي قلبت لها ظهر المجن، ولبست جلد الأفعى، فجردتها من الـ (التعريفية) إلى (لا) النافية، فعلى الرغم من أنها تعيش في عصر العولمة، إلا أنها تلبس الثياب البالية الرثة التي لا تعكس صورتها الحقيقية الجميلة لتفتخر بتاريخها، فقد أثرت فيها عوامل التعرية التاريخية - إن جاز التعبير.. فبدلاً من أن تكتسي ثوبها القشيب وحلتها الزاهية، فهي تصرخ في وجه التاريخ شاكية صروف الدهر، فأين حضرموت التي تفوح بعبق التاريخ وعراقة الماضي؟!.

معرض الكتاب الذي أقيم في صنعاء في شهر أكتوبر 2008م، كنت أحد زواره وكان معرضاً فاق تصوري كان له حضور عربي لمؤلفات أدبية وعلمية وإسلامية لا أستطيع أن أصفه بهذه الكلمات التي ربما لا تمنحه حقه من الوصف، ولعل الذاكرة لم تخني إذا قلت أنه خلا من الحضور الحضرمي باستثناء كتاب واحد موسوم بـ(الميزان) بطبعة حديثة لمؤلفه الأستاذ القدير محمد عبدالقادر بامطرف (يرحمه الله)، فقد كانت هناك حضرموت بلا عنوان- وما أكثر كتابها وما أكثر نتاجاتهم في شتى المجالات من علم وأدب وشعر وقصة ومسرح ومقامة وتاريخ وفنون وعلوم شتى إلخ.. في وقت تعج فيه المكتبات اليمنية عامة وحضرموت خاصة بمؤلفات عدة لهؤلاء المفكرين والمبدعين الذين دخلوا التاريخ من أوسع أبوابه، وحصل بعضهم على شهادات اتحاد المؤرخين العرب كالأستاذ سعيد عوض باوزير على سبيل المثال لا الحصر، فلماذا خلا المعرض من هذه المؤلفات التي تعتبر فخر لليمن بشكل عام وليس لحضرموت الـ...

ولأن المعرض لا يحمل أي بصمة حضرمية لذلك فقد تحول كل شيء من حضرموت (ال) التعريفية المشار إليها في بداية المقال إلى حضرموت (لا) بعكس (ال) لتكون نافية لكل من فيها من حضارة، ثقافة، تراث، علم، أدب،سياحة، تاريخ، إبداع، إلخ..

فهل تبقى حضرموت الـ.... كما عهدنا سابقاً، أم حضرموت لا.. كما هي الحال؟ ومن الجاني عليها ليضعها في هذا الموقع التهميشي من كل إبداعاتها وحضارتها وتاريخها وثقافتها؟ وهل هي في طريقها إلى الطمس التدريجي لتصل إلى الهاوية؟ أم ماذا ياحضرموت الـ...؟وهل نخرج من دائرة الصمت القاتل إلى ساحة الوضوح والكلمة الصريحة الصادقة المريحة؟ أم نسبح في بحر الكلام الرمزي المشفر؟ وهل رن في آذاننا بيت من الشعر أطلقه الأديب الروائي الشاعر علي أحمد با كثير حين قال: ولو ثقفت يوماً حضرمياً

لجاءك آية في النابغينا

فهل كان ذلك إنصافاً من الأديب والشاعر الباكثير لتكون حضرموت الـ...أم حضرموت لا؟.

*رئيس تحرير مجلة «الفكر»

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى