غلاء المهور والأزمات الزوجية

> أحمد محمد عبده مقرمي:

> قرأت كلمة في جريدة «الأيام» الزاهرة بعدد 115 في صفحة (شؤون المرأة) تحت عنوان «لماذا يحجم الرجل عن الزواج؟» وهو سؤال حساس وعلى جانب عظيم من الاهمية وقد عالج محرر الباب الاجابة على السؤال من زاوية ضيقة بقوله: «ان سبب الاحجام عن الزواج انما يرجع في الغالب الي تغيير احوال النساء.

فمنذ ان تركت المرأة البيت واستقلت اقتصادياً ودخلت مرحلة المنافسة مع الرجل فقد الرجل أهم المعاني التي تجعل الزواج يشعر بالرغبة في حماية امرأته والكد في سبيلها..

ونحن على اتفاق مع المحرر بان ماذكره من جملة الاسباب باعتبار الغالب ولكنني ابدي ملاحظة دقيقة، وهي انه ان صح جعله من اسباب الاحجام بالنسبة لكثير من البلدان الا انه بالنظر الى محيط جنوبنا العربي الذي مازال محافظاً على التقاليد الاسلامية من ناحية حسن العلاقة بين المرأة وواجبات البيت، واما النظرالى الاغلبية فانه لم يحصل على الاستقلال الاقتصادي والاجتماعي بل مازالت معظم الفتيات كما قلت محافظات على التقاليد والسلوك الحسن مع الاسرة ومع الواجبات الزوجية والحجاب مازال مرخياً سدوله وسارياً مفعوله محفظ العفاف والشرف وبيت الطاعة ما برحت معمورة ومع نتائج كل هذا فان الاحجام عن الزواج موجود ومشاهد، وهنا اود ان يقدر دعاة السفور نتائج غلطتهم ويفكروا في مدى عمق الهواة السحيقة التي ستنجم من جراء السفور الذي قد يزيد نار التمرد اشتعالاً ممن لم يلقن المعرفة في حقوق الاسرة والزواج ومهام البيت المملكة الصغيرة للمرأة انهم لو فكروا قليلاً بعيدين عن النزوات العاطفية والرغبات النفسية لكفوا عن هذه الدعوة وأزاحوا انفسهم ونحن حينما نعالج مشكلة الاحجام عن الزواج، وهي من المعضلات المعقدة التي تهدد النوع الانساني عن النمو وتعوقه عن اداء وظيفته التناسلية بالطرق المشروعة وتجعل من افراد المجتمع من يعاكسون الطبيعة بلجؤهم الى اعمال شذوذية والعبث بالاعراض وتمزيق العفاف وتحطيم الطهارة الخلقية..

لذا نرى ان بتوسع اطار البحث حتى نصل الى جذور هذه المشكلة ونتتبع الاسباب التي نجمت عنها وتعرض حلولا علمية لاستئصال تلك الاسباب بصورة حاسمة حتى تمهد الطريق الى الزواج من غير عناء وبما ان مشكلة الاحجام عن الزواج شملت المدن والقرى والارياف، فاني ارى ان لها اسباباً عدة اعظمها ارتفاع المهر ارتفاعاً فاحشاً وتكاليف الزواج المرهقة وهذه منشأة الجهل والعصبية ولازال الشرق العربي يرزح تحت اغلاله ويكابد مشقة نتائجه..

ان الدين الاسلامي لم يقر المغالاة في المهور، بل انه حين فرض على الرجل ان يدفع صداقاً للمرأة التي يريد ان يربط حياته بحياتها ويفرض قوامه عليها تجاوباً لما فرض فيه بحكم الطبيعة.. انه المكافح في الحياة لم يجدها بمقدار بل جعله عطية عن سماحة نفس وطيب خاطر لا يثقل كاهل ولا يلتهم ما في يد الزوج من الاخضر واليابس فيصبح عاجزاً عن تسيير دفة الحياة الزوجية وبينما نجد القرآن يسمى الصداق نحلة أي عطية عن سماحة ورضا نجد الرسول [ من يقول لطالب الزواج وهو فقير «التمس ولوخاتما من حديد» وهناك احاديث صريحة تحث على تخفيض الصداق وتجعل اليمن والبركة في قلته..

اضربنا عنها لتشعب الكلام عليها ولكن المسلمين اليوم قد حادوا عن هذه التعاليم المقدسة ولم يفطنوا للحكمة التي فرض المهر من اجلها وحدا بهم الجشع الى المغالات بالمهور والمباهاة بتكاليف الزواج والتوغل في اوحال عادات ما انزله الله بها من سلطان فاحجم معظم الرجال بمختلف درجاتهم عن الزواج وتمادى الآباء في عضل بناتهم وحالوا بينهن وبين ممارسة الحياة الزوجية.. جاعلين منهن سلعة للبيع والمساومة والكسب الوافر وليتهم يدركون انهم بعملهم هذا يفتحون لاعداء المسلمين والاسلام ويطعنون فيه بأنه ما جعل المهر الا ثمناً للفتاة التي حملها كسلعة ومتاع بيد الزوج والاب ويستمدون الدليل على زعمهم في ذلك من عمل المسلمين، والإسلام منه بريء ولنا الى الموضوع عودة.

العدد 141 في 20 يناير 1959م

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى