تعبنا من الفهلوة والكذب

> د.سمير عبدالرحمن شميري:

> أبرز عنوان لحياتنا هو الفلهوة والكذب، نكذب فنصدق أنفسنا ونعتقد أن الآخرين بلهاء تنقصهم مهارة الذكاء، وبلداء في أحاسيسهم لايستطيعون التفريق مابين الخيط الأبيض والأسود .

الكذب مفردة عريضة في إيقاع حياتنا اليومية ومن لايكذب نتهمه بالغباء وسماجة السلوك وعدم إجادة قراءة الواقع الذي يحتاج إلى تزلف ورياء وقفز من مربع إلى آخر .

أجرؤ على القول، أن ثمة أناسا ينتمون لمدرسة المتحذلقين التي لاتخلو من الفضاضة وعلى درجة عالية من القسوة البغيضة، فهذه المدرسة لاتقود إلا إلى السقوط في أوحال الرذيلة، نكاد نفتقد التوازن من التلوث اللفظي والنفسي والمعيشي والاجتماعي والحياة بوجه عام .

إننا نشعر بالدوار والملل والسأم والغثيان من هذا الصراخ البليد ومن التلوث البيئي والحياتي ومن هذا الحشد الكثيف للجمل والمفردات والعبارات الرنانة المرقطة والصياغات الجامدة والضجيج الأرعن (ضجيج بلا طحين) .

وأشد مايؤلمني الوجوه المترعة بالمساحيق الدسمة التي تغوي العامة بثقافة الكذب وتصيب حياتنا بالتكلس والوحشة والجزع والرنين المزيف .

ألمي يتضخم عندما أسمع دندنة هؤلاء في الطعن والرجم والشتم والهواجس المرضية وفي استغباء الناس والضحك على ذقونهم في اختراع الحيل والمراوغات المفعمة بالمكر والقسوة والخداع .

فبعض البائسين الذين تضرب عقولهم فيروسات الغباء يتحدثون كثيراً ولايفهمون إلا القليل، أو على حد تعبير المفكر الفرنسي جان جاك روسو: «الذين يعرفون القليل يتحدثون كثيراً، أما الذين يعرفون الكثير لايتحدثون إلا قليلاً» .

إن حياتنا تدار بعقلية الثعالب، ولقد قال مرة الشاعر أحمد شوقي :

مخطئ من ظن يوما

أن للثعلب دينا

لقد وصلنا إلى نطقة حرجة من البؤس الثقافي والمعرفي والأخلاقي. إننا أمام فهلوة يقود سيمفونيتها المتحذلقون الذين تسلقوا قطار النجومية دون وجه حق، ويوجهون طعنات نجلاء للقيم والضمير المهني تحت مظلة الفسفسة والتلون وعبارات واجمة وفارغة التي تقرع أسماعنا وتفتقر لروح الصدق والأمانة وخادعة كسراب الصحراء .

لقد عذبنا هؤلاء بكذبهم وفهلوتهم وتلون وجوههم ولعبهم المريض. إنهم يجلدوننا تحت ستار سميك من البهرجة والدعايات الصاخبة التي تقتل الإرادة وتميت الشهامة في القلوب :

«فأصحاب الجلد الغليظ فقدوا رقة الإحساس أو خاصمتهم رهافة الشعور، فصاروا يقتحمون حياتنا بكل بلادة، يفرضون أذواقهم الرخيصة ويمارسون سلوكهم البغيض على الجميع !.. أصحاب الجلد الغليظ موجودون في كل مهنة، وإن أعدادهم في ازدياد كلما انحط المجتمع واختلت قوانينه الأخلاقية...» (ناصر عراق).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى