في الزريقة.. طرق وعرة محفوفة بالمخاطر.. فهل من منقذ؟!

> «الأيام» محمد العزعزي:

>
طريق ضيق
طريق ضيق
تعد الطرق شرايين الحياة بكل ما للكلمة من معنى.. وبدونها يعيش الناس في دهاليز من التخلف الرهيب، ولذا فإن تعبيد الطرق وسفلتتها والقيام بصيانتها ضرورة ملحة لدى المجتمعات كافة، باعتبارها الملاذ الوحيد للخروج من بوتقة العزلة الشائكة وسبباً رئيساً وحضارياً للتواصل.

فما أحرانا أن يتوجه الجميع وأن تتضافر الجهود المخلصة في هذا المضمار، وبالأخص في الريف حتى نتمكن من مواكبة الآخرين.. وبالتحديد في منطقة الزريقة التي قامت «الأيام» بعمل استطلاعي ميداني لمعرفة واستكشاف ما سنقرأه

طول الطريق وأهميته

قال عبده هداس(سائق): «يبلغ طول طريق الصحا زريقة اليمن بالمقاطرة في لحج (35) كم والنقيل 3 كم وهو شديد الانحدار وكثير المنعطفات الخطرة وضيقة في بعض الأماكن، ويعتبر هذا الطريق استراتيجي لربط الشمايتين بتعز بمناطق الزريقة والنجيشة وغرب المقاطرة وحجير العبادلة وطور الباحة وصولاً إلى عدن، وأول عملية شق تمت في منتصف السبعينات من القرن العشرين على يد نخبة من رجال التعاون ولجنة طريق الصحا، ومنذ الافتتاح لم تمس بإصلاحات حقيقية فزادت سوءا وتتعرض سنوياً لجرف السيول والانقطاع».

طريق وعر في حنو
طريق وعر في حنو
الانهيارات الصخرية

تتعرض طريق الصحا- وادي الزين لانهيارات صخرية وانجراف التربة وما تزال القلاع الصخرية الضخمة رابضة في بعض الأماكن مسببة اختناق في بعض الأجزاء وصخور معلقة على أهبة السقوط.

الصحا همزة وصل

المواطن هزاع أحمد شعلان قال:«تكمن أهمية الطريق، لكونه أداة ربط بين مناطق متعددة وهي بحاجة إلى إعادة الشق والتوسعة والرصف وبناء عبارات وجدران ساندة لحمايتها من خطر الانزلاقات».

إلى ذلك قال عبده هداس: «سمعنا اعتماد عدة مناقصات في الأعوام الماضية لإعادة تأهيل هذه الطريق ولم نلمس من ذلك شيئاً.. ويقال أن الرئيس اعتمد مبلغ 80 مليون ريال، لكن المقاول المنفذ لم يكمل، فزادت الأضرار وتغلق في مواسم الأمطار وتتعطل مصالح الناس».

رجل من ذهب

بسبب الإهمال وإغلاق النقيل في الصحا بادر رجل يدعى عبدالرحيم سلام الزريقي، للعمل الطوعي وترميم الأماكن الصعبة رحمة بالناس، فيجود عليه السائقون بمبالغ زهيدة تكاد لاتذكر فقام مالم تقم به الجهات الرسمية وإليه تزجى التحية.

الأمل موصول بالبدء

«الأيام» نقلت المعاناة وهموم الناس إلى أمين عام محلي المقاطرة طارق عبد الله محمد، فصرح قائلاً: «تم إعلان المناقصة في فبراير 2009 الخاصة بسفلتة طريق الصحا النجيشة - سوق الربوع وفرعها وادي أديم بطول 27 كم تمويل البنك الإسلامي عبر إدارة الطرق الريفية، وهذا الطريق استراتيجي يربط لحج بتعز، وقد انتظرناه والمواطنون بفارغ الصبر وإن شاء الله يتم العمل لتخفيف المعاناة».

انقلاب إحدى السيارات
انقلاب إحدى السيارات
طريق (الشرق - حنو) همزة قطع

قال الوالد عبده شعلان حيدرة: «بدأ الأهالي عملية شق هذا الطريق عام 1981م وتم الانتهاء منه عام 1983 بوسائل يدوية ومساعدة هيئة التعاون وتبرعات أفراد حرس الحدود، وأبرز المتعاونين الشيخ محمد قائد حوفكي وأحمد قائد حوفكي وسيف مقبل وسعيد عبده محمد وعلي بختان وطه سعيد بجاش وآخرون، ويبلغ طول الطريق قرابة 6 كم وهو شديد الانحدار بين الجبال العالية والمرور هنا نوع من المغامرة ويوصف بنقيل الموت».

إلى ذلك قال الشيخ أحمد حوفكي: «أطالب الدولة بإنجاز الطريق بشكل صحيح، لأن الناس تعبوا وظروفهم صعبة، ولا يستطيعون تحمل أعباء إضافية فهل نبدأ؟!».

طرق الموت

قال الأستاذ نبيل علي محمد (رئيس لجنة المستفيدين): «انزلقت سيارة يوم 3/3 هذا العام نحو هوة سحيقة كان يستقلها 6 مواطنين أصيب كل من معمر نعمان أحمد نعمان أحمد وإبراهيم علي محمد بجروح بالغة نقلا على إثر ذلك إلى مستشفى خليفة بالتربة محافظة تعز، ولأن الإصابات بالغة تم نقلهما لإحدى المستشفيات بصنعاء أما السيارة فأصيبت بأضرار كبيرة بعد أن انقلبت باتجاه منحدر عميق».

وقال مواطن: «هذه الطرق لا تصلح لسير الحمير فكيف بالإنسان؟ وذهب العديد من المواطنين ضحايا الإهمال».

أمل لم يكتمل

آلام الناس ومعاناتهم لا تنتهي وللحد من ذلك تقدمت لجنة مستخدمي الطريق بعزلة زريقة اليمن بالمقاطرة ممثلة بالأخ نبيل علي محمد بطلب إلى الصندوق الاجتماعي للتنمية في عدن فاستجاب مشكوراً وتم الاتفاق يوم 14/12/2008م وكلف المستفيدين دفع مساهمة مالية بلغت 5,4 مليون ريال ووفر الأهالي جزءًا من التكلفة ممثلة بأحجار الرصف البالغة 54 ألف حجر.

هل هذه طريق؟!
هل هذه طريق؟!
وقدم الشيخ علوي الزريقي مليون ريال دعماً للمشروع يشكر عليه، ولكن لم يف المبلغ بالغرض فتعثر العمل وناشد أبناء المنطقة الجهات الرسمية وأرباب الخير بالتبرع لإكمال العمل وإنجاز الطريق الحلم رحمة بالأطفال والنساء، وتقدم المواطنون بالشكر والتقدير للصندوق الاجتماعي فرع عدن لما يبذله من جهود تنموية لهذه المناطق النائية التي حرمت كثيراً.

شريان يحتاج إلى صياغة

يعتبر طريق الشرق - حنو شريان حيوي لربط المناطق النائية بالمحيط الداخلي والعالم وبسبب خطورة السير فيه فقد ذهب عدة ضحايا في الأعوام الماضية منهم المواطن قائد هداس الذي مات بسبب انقلاب سيارته وفقد عبدالوهاب زغير إصبعين أثناء عمل تطوعي لتوفير الأحجار، والمار على هذا الطريق خائف ومعذب فهل تبادر السلطات لفك المعاناة؟

النقل بالأنابيب

بسبب انعدام المواصلات بين الجبال الشاهقة ابتكر مواطن وسيلة نقل بواسطة الأنابيب اختصارا للمسافة وتوفيرا للجهد ووعورة الطريق المؤدية إلى منزله والمجاورين له عملاً بالمثل القائل (الحاجة أم الاختراع)

امرأة حاتمية

الحجة سعيدة بنت شمسان امرأة فريدة من نوعها، وقد بلغت من العمر أكثر 100 عام وهي ما تزال تقدم خدمات إنسانية للمرضى والمسافرين وطلبة المدارس بحكم موقع منزلها في بداية نقيل حنو حتى أصبح منزلها مكاناً آمناً يرتاده المتعبون بهذه القرى.. وعند إجراء هذا الاستطلاع سمعنا إطراء الناس عليها فمن يمر من هنا لابد أن يزورها فيلتمس بركة الدعاء وعند زيارتها وجدناها حزينة لوفاة أحد حفدتها لكنها لم تنس الدعاء لـ«الأيام» بدوام الاستمرار والازدهار.

منعطف خطير في نقيل الصحا
منعطف خطير في نقيل الصحا
خاتمة الوجع

من نقيل الصحا (التابع للشمايتين) حتى تخوم الزريقة بلحج بامتداد طرقها الوعرة والشائكة تذكرني بصخور (الدوفرز) الذي من الصعب الوصول إليها وينحني القلم إجلالا وتقديرا للرواد التعاونيين الذين استطاعوا بإمكاناتهم المتواضعة تذليل الصعاب، وكان الأحرى بالسلطات المحلية الغائبة الإسهام في إصلاح شبكة الطرقات وبالأخص المناطق النائية حتى يتمكن أبناؤها من كسر العزلة والخروج من عنق الزجاجة وتتمكن هذه القرى المتناثرة كالنجوم هنا وهناك من الحصول على أبسط الخدمات وأهمها الطرق، فهل نحن فاعلون؟.

فما أقسى الحياة بمشاهدها التراجيدية حينما يمرض الإنسان في هذه المناطق رجلاً أو امرأة ناهيك مخاض الولادة ويتبدى إسعافها صعباً وإذا فكر أحدهم إسعاف مريضة فيكون له الموت بالمرصاد قبل أن ينال ما يتمناه فيا هؤلاء رفقاً بهذه المناطق المنكوبة قبل فوات الأوان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى