قضية الصيادين الثلاثة عالقة فهل ستذهب أدراج الرياح?!

> «الأيام» سعيد بجاش:

>
أمين سليمان سالم
أمين سليمان سالم
بالرغم من مرور ثلاثة أشهر على حادث الاعتداء المسلح على قاربي الصـيد (الوديعة) و (زهرة الوادي) يوم 13 ينايـر الماضي، لازالت قضية الصيادين الثـلاثـة عالـقة ويـخشى أن تذهـب أدراج الريـاح.

وكان القاربان قد تعرضا لاعتداء من مروحية تابعة للبارجة الحربية الروسية (الأدميرال فينوجرادوف) المضادة للغواصات، وهما يصطادان داخل المياه الإقليمية اليمنية بحجة أن من كانوا على القاربين هم من القراصنة ـ كما يدعي قبطان البارجة الروسية ـ مبررا بذلك الأوامر التي أعطاها للمروحية بإطلاق النار على القاربين، دون أن يقدم في تقريره الذي أعده بشأن الحادث أبسط دليل يثبت صحة ادعائه بأن من استهدفتهم المروحية هم قراصنة وليسوا صيادين يمنيين.

وضحايا الحادث هم ثلاثة صيادين الأول محمد سالم داؤد جبلي (35) عاما لقي مصرعه متأثرا بجراحه ومصابان اثنان هما يعقوب عباس دموكي (20) عاما بترت إحدى قدميه وسليمان سالم دموكي (50) عاما بترت يده وحالته الصحية خطيرة لتعرض جرحه للتعفن، ناهيك عن الخسائر المادية التي لحقت بالقاربين وبالمحصول السمكي الكبير الذي كانا يحتويانه.

وعلى العكس من ذلك، فقد كشف هذا الحادث الأليم عن حقيقة مروعة وهي أن هناك خطرا جديا أضحى يهدد أرواح الصيادين اليمنيين أثناء بحثهم للرزق داخل المياه الإقليمية الوطنية «وكأننا في هذه البلاد ناقصين مشاكل».. كما يقـول أحـد الصيادين الناجـين في هـذه العـملية.

كما كشف الحادث عن أن عمليات مكافحة القراصنة الصوماليين أضحت تجري بأسلوب عشوائي فج يستند إلى عنصر (الظن)، وما يؤكد هذه الحقيقة أن الاعتداء علـى القاربين (الوديعة) و(زهرة الوادي)، جاء بعد أقل من أسـبوع من قيام مروحية فرنـسية يوم 8 من الشهر نفسه بإطلاق نيرانها على قارب صيد (فيبر جلاس) كان على ظـهره 4 صياديـن يمنييـن في منطقة تبعد نحو 30 ميلا من سـواحل المكلا، وأصيب في الحادث أحد الصيادين الأربعة وتعرض القارب لأضرار مادية.

ووفقا لهذا الأسلوب في مكافحة القرصنة، فإن «كل ما يتواجد على سطح مياه البحر في هذه المنطقة هو (قرصان) ينبغي إبادته».. أي أن قوات مكافحة القرصنة أظهرت أنها لا تميز بين من هم (صيادون) ومن هم (قراصنة).. هذا ما يقوله الصيادون الناجون.

ولنا في ظل وضع كهذا أن نتصور حجم المأساة عندما يجد الصيادون من أبناء المحافظات الساحلية (الحديدة، تعز، لحج، عدن، أبين، شبوة، حضرموت، المهرة) أنفسهم غير قادرين على النزول إلى البحر بحثا عن الرزق.. «إنها كارثة بكل المقاييس إذا ما بقيت هذه العشوائية توجه عمليات مكافحة القرصنة البحرية».

المصاب في الضربة الجوية من البارجة الروسية
المصاب في الضربة الجوية من البارجة الروسية
تداعيات ومترتبات الاعتداء

ومن التداعيات التي لازالت قائمة إلى اليوم أن أقارب الصيادين المجني عليهم في هذا الحادث، يبدون امتعاضا شديدا إزاء ما يصفونه بـ«الصمت الرسمي»، الذي قوبل به الحادث، وغياب أي موقف من شأنه طمأنة الصيادين بأن وجودهم في عرض البحر لن يعرضهم للخطر.

إلى ذلك يشكو هؤلاء من عدم ظهور أية بادرة من قبل الاتحاد التعاوني السمكي دفاعا عن حقوق وأرواح الصيادين «لا من جهة تبني القضية والدفع بها إلى القضاء لاستخلاص حقوق الضحايا والمصابين في الحادث، ولا من جهة مد العون للمصابين أو حتى متابعة الجهات الرسمية من أجل تقديم العلاج والرعاية الطبية اللازمة لهم باعتبار ذلك واجب عليها تأديته».

وفي مواجهة هذه المأساة التي حلت بصيادي القاربين (الوديعة) و(زهرة الوادي)، لم نجد في الصورة باديا يمد يد العون للمصابين غير رجل واحد يدعى ناصر سليمان (أبوخالد)، صاحب محل تجاري داخل حراج (الدوكيارد) بميناء عدن يقدم للصيادين خدمة تموين القوارب بالغذاء والـوقـود ومعدات الصيد بالآجل.

وعلى الرغم من أن رحلة القاربين المذكورين الأخيرة كانت خاسرة، حيث لم يتمكن الصيادون من دفع ما عليهم من دين بعد أن فقدوا كل شيء، بما فيه محصول أيام من البقاء في البحر، إلا أن أبا خالد لم يطالبهم بتلك الديون التي عليهم واندفع بوفاء يحسد عليه لتقديم ما يستطيعه من تكاليف العلاج ومتابعة قضية مترتبات هذا الحادث مع الجهات المسئولة بمحافظة عدن.

الأدميرال فينوجرادوف
الأدميرال فينوجرادوف
ويقول (أبوخالد): «هناك مراسلات من نيابة استئناف عدن (نورا ضيف الله) موجهة إلى الجهات المعنية بالمحافظة بشأن معالجة الجرحى في أي مستشفى بسبب حالتهم الصحية التي تتجه نحو التدهور، لكن هذه المراسلات دخلت إلى المكاتب ولم تخرج بعد».. لكنه أثنى على صحيفة «الأيام» التي كانت «السباقة إلى ابلاغ الرأي العام حول هذه القضية».

كما أثنى على موقف مدير أمن عدن العميد عبدالله عبده قيران، والأخوين ردفان علي عنتر، عضو المجلس المحلي بعدن وردفان سعيد صالح، مديرعام مديرية الخوخة بمحافظة الحديدة.

يقول أبوخالد: «استقبلنا العميد قيران وكلف المقدم عبدالحكيم الجبري، بمتابعة كافة الإجراءات القانونية لدى خفر السواحل والنيابة العامة بشأن أمر القبض على قبطان البارجة الروسية».

وأضاف: «وبالفعل قام الضابط الجبري بمتابعة تلك الإجراءات القانونية بما فيها إجراءات تشريح الجثة واستخراج شهادة الوفاة وإجراءات نقل الجثة إلى مديرية حيس بمحافظة الحديدة وتسليمها إلى ذوي القتيل».

وقال: «لولا الله سبحانه وتعالى ثم هذا الضابط لكانت حقوقنا ضائعة».

أما المحامي أحمد موسى حرسي، الموكل من قبل ذوي المجني عليهم في هذه القضية، فقد أثنى هو الآخر على موقف العميد قيران «لتوجيهه بسرعة اتخاذ الإجراءات القانونية و إحالة الملف إلى النيابة العامة»، منوها إلى أن نيابة استئناف عدن قد أحالت القضية إلى ممثل النيابة بمديرية التواهي منصر الحجري «الذي كان قد أصدر أمر قبض على قبطان البارجة الروسية جرى تسليمه الأسبوع الماضي إلى سلطات خفر السواحل بعدن».

وطالب المحامي حرسي بسرعة إحضار المتسببين في حادث الاعتداء على صيادي القاربين (الوديعة) و(زهرة الوادي) وإحالة الملف إلى المحكمة المختصة، كما طالب جميع المحامين ومنظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية تقديم العون بما يحافظ على حقوق الضحية والمصابين في هذه القضية.

البحرية الروسية تسحب (الأدميرال فينوجرادوف) من خليج عدن

وفي وقت متأخر من مساء أمس الثلاثاء تناقلت الأنباء تصريحا لمصدر بالمكتب الإعلامي للإسطول الروسي بالمحيط الهادي قوله أن السفينة (الأدميرال فينوجرادوف) المضادة للغواصات «قد أنجزت بمعية الناقلة (بوريس بوتوما) التابعتان لاسطول المحيط الهادي في منطقة القرن الافريقي مهمتهما بعد أن شاركتا منذ مطلع هذا العام في مهمة مكافحة القراصنة وحماية السفن التجارية في هذه المنطقة».

وأفاد المصدر أن السفينتين تبحران حاليا نحو شواطئ جاكرتا في اندونيسيا، مشيرا الى أن سفينة (الادميرال بانتلييف) المضادة للغواصات ستتجه من قاعدة الاسطول في فلاديفوستوك الروسية إلى خليج عدن لتحل محل سفينة (الادميرال فينوجرادوف) في مهمة مكافحة القرصنة قبالة السواحل الصومالية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى