جنانُ وجنَّاتُ الأمهات

> نعمان الحكيم:

> لو أننا نحتفي بكل أيام السنة، بل يا ليتنا نفعلها، مثلما نحن اليوم نحني الهامات للأم، الأسرة، لمجرد إحياء مناسبة سنوية، نتجشم فيها الأفعال والإغداق بالمكرمات.. وللحظات.. ثم ينطوي اليوم بانتظار يوم آخر.

وما أكثر تلك الأيام التي نحتفي بها.. ولو.. لكان كل شيء على أحسن مايرام!.

عدت يا مارس.. وما أكثر الاحتفالات بك وفيك.. فيوم (8) عيدا المرأة، ويوم (15) يوما للمستهلك وعيدا للمدينة العربية و(21) عيدا للأم (الأسرة) بما يعني تجسيدا مزدوجا لمناسبة في مناسبتين تتعلقان بأغلى مخلوق هي الأم، الحياة، الدنيا كلها.. عدت يا مارس وبك يتجدد الفرح والترح (الحزن).. كيف؟!.

الفرح يتجدد لمن هم يرفلون بنعيم الدنيا لا ينقصهم شيء إلا التسبيح والحمد لله سبحانه واهب النعم ومديمها.. يفرح هؤلاء بتكريم الأمهات بالهدايا والقبلات والتهاني.. ومنهم من يرى ذلك احتفاء مجردا للأم.. في حين يراه آخرون للأسرة، ولا خلاف (فأُس) الأسرة وعمادها هي (الأم)، وهل من دونها يكون وجود أو تكون حياة؟!.

يفرح هؤلاء ونفرح نحن بما أنعم الله علينا من صحة وعافية وأمن وأمان.. ونسعد ويسعدون هم، أولئك الذين تخلو حياتهم من هموم ومشكلات وأمراض وديون تقصم الظهر.. يفرحون ونفرح معهم ولهم، لكننا نشعر بنقص وعجز واكفهرار وجوه.. لا تقوى على سبر غور حياتها.. وهنا يكون العكس يكون الترح (الحزن)، الآلام التي تعكس سوداوية الحياة وعبوسها، والسواد والعبوس في البشر.

يأتي المرادف (الترح) العكسي، ويكون الاحتفاء بالبكاء والنواح والعويل إزاء ما يحدث، فالمريض المتعب ومفارق الأحباب، أنى له أن يحتفي.. وكيف لمن فارقته أمه أو عزيزا عليه؟.. كيف لمعسر افتقد الأمان والصحة.. كيف له أي يبتسم أو يفرح؟!.. كيف له أن يشارك الناس ما هم فيه في يومهم الجميل (عيد الأسرة) (عيد بأية حال عدت ياعيد).. آه يا (تونتي ون).. ويا حسرتاه على أمثال هؤلاء.. ويا لهول الذكرى إن كانت مصادفة لليوم نفسه، هو أنت يا (21)؟!.

نتذكر أننا قبل عامين بالتمام والكمال افتقدنا في هذا اليوم أستاذا عالما معلما شاعرا إنسانا كبير القلب بشوش الخلق وعظيم المسلك والعطاء.. نتذكر فراق أستاذنا وحبيبنا المربي الفاضل والعلم البارز مربي الأجيال وشاعر الشباب وصحافي عدن السوماني الجميل محمد مجذوب علي.. نتذكره وهو يئن في فراش المرض، وجحود ونكران التضحيات التي قدمها لنا طيلة 44 سنة في عدن واليمن.. نتذكره في الذكرى الثانية لرحيله إلى الملكوت الأعلى.. نتذكره في هذه المناسبة التي شرفه الله بها وقبضه إليه لتكون ذكرى خالدة عطرة في حين هي تؤلمنا بقدر ما تسرنا.. لكنها مشيئة الله ولا راد لها.

إنها أتراح آل المجذوب، أتراحنا في (21) مارس، فليعصم الله قلوبهم جميعا ونحن معهم.. زوجته المخلصة الوفية وأبناؤه الأعزاء الذين سماهم بأسماء يمانية تخليدا وحبا لليمن وعدن (العيدروس، الهاشمي، الدودحية)، و(يا دودحية أنا ابعمّك أنا.. أنا اللي تدري بمو تم بيننا) والدودحية اليوم دكتورة ربما تزوجت ابن عمها كما كان يتمنى لها أبوها، وكتب في ذلك شعرا خالدا لا ينسى.

اختلطت الأفراح بالأتراح.. وهذه سنة الحياة التي سنها الله منذ الخليفة.. فلنفرح ونهنئ الأم، الأسرة ولنجعلها فوق الرؤوس وبين الجفون، لنرعاها ونحميها كل ثانية ودقيقة وساعة إلى نهاية العمر، لنرسخ الحب الأزلي لها في كل حركة/ خفقة صدر وغمضة جفن ترجمة حية للمناسبة، وليس في السنة مرة.. (زوروني في السنة مرة)..إلخ.

ومع الأفراح وتذكرنا للأتراح لا نملك إلا أن نتمنى لكل من صادف هذا اليوم لديهم بألم أو حزن أن يفرج الله عنهم ما هم فيه، وأن يجعلهم من السعداء المتحابين، وأن لا يريهم الله مكروها آخر.. مع تمنياتنا لأهل العيد (عيد الأسرة) الصحة والعافية.. وأجدني ملزما بتهنئة أسرتي وربتها (زوجتي الغالية) لأننا من دونها لا شيء يذكر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى