الخنجر اليماني .. تراث الأجداد الذي نفاخر به الأمم.. أم أداة فتك تهدد حياتنا وحان الوقت لوضعها في المتاحف؟

> «الأيام» سالم لعور:

>
الشيخ صالح أحمد محمد عبدالله الصمة
الشيخ صالح أحمد محمد عبدالله الصمة
عملت الدولة على إقامة عدد من المتاحف الأثرية في عدد من المدن الرئيسية في البلاد للحفاظ على موروثها الشعبي وتراث الأجداد الأقدمين من سيوف وجنابي وتماثيل وأسلحة قديمة ومتنوعة لكي تظل هذه الآثار الموروثة شاهدة على عصر الأجداد وتراثهم الشعبي الحضاري منذ آلآف السنين.

والخنجر اليماني صنعه الأجداد الأولون للدفاع عن أنفسهم في عصر قانون الغاب وليحميهم من خطر الوحوش الكاسرة في الغابات.. وظل الخنجر والجنبية اليمانية يحتفظان بفرص استخدامها بين أوساط اليمانيين منذ آلاف السنين، ونحن نعيش في الألفية الثالثة، هل آن الأوان أن نضع الخنجر في متاحفنا لتعريف الأمم الأخرى والأبناء بتاريخ الأجداد؟ هل الخنجر اليماني تراث أجدادنا ويجب أن نتمنطق به دون مراعاة لمضاره وآثاره السلبية؟ أم أنه أداة فتاكة أصبحت تهدد حياتنا، وأنه قد حان الوقت لوضعها في مكانها الصحيح، في المتاحف؟

أسئلة بحاجة إلى إجابات، كانت موضوع استطلاعنا، ونقلنا آراء عدد من المستهدفين بكل حيادية ونترك الحكم للقارئ

> ناصر الخضر صالح هزم (معلم بمدرسة الفاروق للتعليم الأساسي) تحدث وقال: بالرجوع إلى التقارير السنوية لوزارة الداخلية نجدها تشير إلى أن الآلاف من المواطنين يقتلون سنوياً بهذا السلاح الفتاك المسمى (الجنبية اليمانية) أو الخنجر اليماني مقارنة بأعداد من يقتلون بأي سلاح آخر.

إن لبس الخنجر من قبل البعض في الأسواق يعد- في نظري- ظاهرة غير مستحبة وفي نظر الكثيرين ممن تعودوا على التسوق في الأسواق بأمن وأمان بعيداً عن مظاهر حمل السلاح بأنواعه المختلفة تلك المظاهر التي تزعزع الأمن والأمان والسكينة العامة للناس، لاسيما ونحن نقول أننا نعيش في دولة النظام والقانون.

ولو رجعنا قليلاً إلى التطرق لبعض الآثار الصحية لهذا الخنجر أو الجنبية لوجدنا بأن معظم الأمراض في المجاري البولية والتناسلية وتليف الكبد نجدها بنسبة كبيرة عند أولئك الذين يتمنطقون بتلك الأداة (الخنجر) لأطول وقت ممكن.

ويتابع الأخ ناصر الخضر حديثة: البعض قد يدافع عن الجنبية أو الخنجر بأنه تراث الأجداد وأنه شرف القبيلي وعزه وعزوته، نقول لابأس بأنه من صنع الأجداد، ولكن آن الأوان لأن نضعه في متاحفنا المنتشرة في المدن لكي يراه الزوار والسياح ليعرفوا عظمة أجدادنا الأولين، فإذا كان كل شعب يفخر بما فعله أجداده، فالكنديون هم من صنع بندقية الكندا المشهورة، ترى لماذا لانراهم (يتمشون) و(يشطحون) بها في أسواق اتاوا (العاصمة الكندية) لكي يقولوا للعالم هذا من صنع أجدادنا.

> أما الشيخ صالح أحمد محمد عبدالله الصمة، فكانت له وجهة نظر مغايرة تجاه الجنبية أو الخنجر اليماني الأصيل على حد تعبيره، فقال: الخنجر اليماني لبسه الأقدمون من أجدادنا العرب الأوائل، وظلت الأجيال تتوارثه من بعدهم جيلاً بعد جيل وتفتخر به باعتباره أحد أبرز المكونات التي تكتمل بها شخصية الشخص الذي بلغ سن الرشد، حيث تهتم الأسرة بشراء هذا الخنجر كواحد من أهم المستلزمات (المقتنيات) لهذه المرحلة العمرية، وكان لايمكن لأحد من الأبناء أن يتزوج دون أن يتمنطق بخنجر عند زواجه.. وكان أجدادنا يحرصون على شراء الخنجر قبل الزواج لكي يكون بوصفهم زواج الشاب (المستلب) بالخنجر وهذه عادة رسمية وقديمة عند أجدادنا.

وعندها أشهر الشيخ صالح الصمة خنجره من الجفير قائلاً لنا: هذا هو خنجر جدي عمره يزيد على 300 عام توارثته أسرتنا واحداً تلو الآخر، هو من النوع الصيفاني والنصلة الحضرمية.

وأردف الشيخ الصمة قائلا: أنا واحد ممن يعتزون بلبس الخنجر ولا أستطيع التخلي عنه وفيه فوائد كثيرة بالنسبة لي فهو الوجه الذي يظهر الشخص وقبيلته، حيث يظل رجل القبيلة مهتماً بالفوز بنوعية الخنجر وجودتها حسب نوعية رأس الخنجر كون الأصالة هي التي يمتد فيها عمر الخنجر إلى أكثر من 800 عام.

> الأخ صالح عبدالله الجيلاني، تحدث قائلاً: بالنسبة للجنبية أو الخنجر بغض النظر عن التسميات فهي من الآثار التراثية التي توارثتها الأجيال منذ عصور قديمة.. وقد واكبت الجنبية ذلك العصر الذي صنعت فيه كسلاح لحماية الإنسان آنذاك من الوحوش الكاسرة التي كانت تنتشر بكثرة في الغابات والجبال الوعرة وكان الإنسان يتعرض لخطر هذه الحيوانات والوحوش، لذا فإن الجنبية والخنجر ظلت ملازمة للإنسان حتى تعدى تلك المرحلة، حيث بدأ التطور الصناعي وتطورت صناعات الكثير من الأسلحة كبديل لهذا النوع من السلاح (الجنابي والخناجر)، فكان ينبغي الاستغناء عن الجنبية أو الخنجر لتبقى في متاحفنا الوطنية كتراث للأجداد.

ولكي نكون صريحين فلابد من القول إن من بين الذين يتمنطقون بالجنابي والخناجر من هم مصابون بأمراض نفسية وعصبية، ولأن هذا السلاح قريب من حامله، فقد يتسبب في ارتكاب الكثير من الجرائم، وإذا ما قارنا بين العصور الغابرة وعصرنا الحالي لوجدنا الفرق كبيرا من حيث تطور العقل البشري الذي وضع القوانين لحماية الإنسان من الاعتداءات، وأصبح سلوك وتفكير الإنسان في تطور مستمر وأصبح يقدس تلك الروح الإنسانية السامية وذلك بفعل انتشار دور العلم التي أسهمت في رفع مستواه العلمي وتنمية معارفه ومداركه واتجاهاته، وأصبح يفرق بين الصحيح والخطأ وبين ما هو حلال وما هو حرام.

وبالتالي فإنه يفترض أن تطبق تلك القوانين التي تحمي الأرواح البشرية من الاعتداءات وتمنع التمنطق بهذا النوع القديم من السلاح الفتاك في المدن والمناطق المكتظة بالسكان تجنباً لارتكاب الجريمة وتبعاتها من الثارات من أجل العيش بوئام وفي أمن واستقرار وسلام.

> الأخ جابر بن عبدالله الحماطي (من نشطاء المجتمع المدني بلودر) قال: أعتبر الجنبية والخنجر اليماني مصدر فخر واعتزاز وملمحاً أساسياً ورئيسياً واضحاً لأنه حاضر في حياة اليمنيين جميعاً وعلى مر العصور وحتى الآن هو الملمح المهم في رداء الشخصية اليمنية الذي بقي فارضاً نفسه على الجميع ولم يندثر، من الصغير إلى الكبير من الغني إلى الفقير من أعلى مسئول إلى الأدنى مرتبة، وهكذا أرى ضرورة الحفاظ عليه مع التعقل لكي لانلحق الضرر بالآخرين عن طريقه وهذا رأيي الشخصي ليس إلا.

> الأخ محمد أحمد الضريبي رئيس المنتدى الثقافي العوذلي م/لودر والشخصية الاجتماعية المعروفة بمديرية لودر تحدث، وقال: الخنجر والسيف اليماني معروفان، وهذا ما ذكره القادة والفاتحون وشعراء العرب في صدر الإسلام وفي العصور التي سبقت ظهور الإسلام، وكان الخنجر اليماني مشهورا وذاعت شهرته في الآفاق.

والجنبية أو الخنجر اليماني يعتبران من مكونات التراث الشعبي اليمني الأصيل والذي نفاخر به الأمم لما لهما من قيمة حضارية لأنهما يخلدان تاريخ وحضارة الأجداد.

والخنجر اليماني ظل يحتفظ بموقع الصدارة في تميزه عن نظيراته الجنابي التي تصنعها الشعوب الأخرى منذ آلاف السنين، وظلت الجنبية تحتل مكاناً مرموقاً في الأسواق، حيث تباع بمبالغ باهظة ومتفاوته الثمن تصل إلى الملايين، وفاقت أثمانها قيمة الأسلحة الأخرى، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على اعتزاز اليمني بها باعتبارها المكمل لشخصيته في ملبسه الذي يتباهى به في لقاءات الأعياد ومراسم الزواج واللقاءات القبلية أو مظاهر الرقص والشرح والبرع.

وتعتبر الجنبية وجها لحاملها تلزمه بقبول الأحكام في القضايا القبلية ويعد هذا الوجه (الجنبية) مدخلاً للاحتكام بين طرفي النزاع، ولانعتبرها أداة قتل وإنما يجب علينا توعية الأجيال بأن استخدامها ليس للأعمال الشريرة وإنما جزء من تراثنا الحضاري، ولا مانع من الاحتفاظ بنماذج معينة منها في متاحفنا، ولانتشاءم ونقول يجب التخلص منها، لأنها تراثنا الذي نفخر به أمام الأمم الأخرى.

> الأخ حسين عبدالله عبدربه السيد تحدث وقال: بعضهم يقول إن الخنجر اليماني تراث أجدادنا ويجب علينا الاحتفاظ به والتمنطق به، نقول لابأس لاخلاف حول التراث، فبإمكاننا حفظه في المتاحف بنماذج معينة لأنه أصبح أداة خطرة، فتسبب القتل والبعض يلبسها دون أن يعي أنها تراث لأنه يعتقد أن لبسها للحماية من الآخرين أو الاعتداء عليهم لو تطلب الأمر ذلك، وإذا كان لابد من التمنطق بها فيجب أن نقوم بتلحيم أو تثبيت الجنبية أو الخنجر إلى الجفير، فقد سمعنا عن استخدام ذلك في عمان الشقيقة، ولا أدري لما ينفق البعض الملايين من أجل شراء جنبية، بإمكانه استثمار تلك الملايين في تجارة مفيدة ومشروعة تدر بعض الفائدة له أو حتى لغيره.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى