في ذكرى الشاعر الفنان

> «الأيام» متابعات:

> يصادف اليوم الخميس 16 أبريل 2009م الذكرى السابعة لوفاة الفنان المتعدد المواهب محمد سعد عبدالله (طيب الله ثراه) بعد طول معاناة وصراع مع المرض لفظ أنفاسه الأخيرة في مستشفى الجمهورية.

بعدن صباح الثلاثاء 16 أبريل 2002م بعد أن ترك للوطن مدرسة فنية متميزة (مدرسة بن سعد التجديدية) ولم يعطه الوطن سوى الجحود والنكران.

محمد سعد عبدالله تصعب الكتابة عنه أو إيفاؤه حقه فهو الأستاذ والفنان والشاعر والملحن، وهو الذي لم يخضع في أي يوم من الأيام إلا لفنه وإبداعه .. أرهب كل الذين كانوا يحاولون ممارسة الإرهاب على الفن والإبداع .

ذلك النغم الذي يعد من الرواد الذين أرسوا القواعد والأصول الفنية للأغنية اليمنية الحديثة، وعملوا على تطويرها من خلال تقديمه أروع الألحان المستمدة من روح وأصالة التراث الغنائي اليمني، ومن التراكم النغمي والإيقاعي الذي حفظه.. تلك الأعمال التي ترتقي إلى مستوى أعمال كبار الملحنين في اليمن بل وعلى المستوى العربي، وهذا هو سر نجاحه وسر إعجاب الجمهور به. قال عنه الأستاذ أحمد محمد المهندس:«أخيرا سيبقى محمد سعد عبدالله نغماً أبدياً في سماء الفن اليمني والعربي، ومدرسة صعب الدخول في صفوفها إلا إذا كان التلميذ يحكم ثلاثة أشياء: التأليف، والتلحين الجيد، والصوت الممتاز، وإلا لا يمكن أن ينتمي إلى مدرسة محمد سعد عبدالله وهو لا يتقن كل هذا».

الفنان محمد سعد عبدالله من مواليد محافظة لحج مدينة الحوطة عام 1934م، والده الشيخ (سعد عبدالله صالح اللحجي) وجاء في كتاب الفنان محمد مرشد ناجي (الغناء الصنعاني القديم ومشاهيره) مايلي :

«يقول الأديب عبدالله البردوني إن الشيخ سعد عبدالله أصلا من مدينة كوكبان ويقول الحاج عوني حسن العجمي أن الشيخ سعد عبدالله يعد شيخ مشايخ زمانه في الغناء لحفظه لألحان الموشح اليمني وألوان أخرى من الغناء إلى جانب أنه يحفظ ثلاثة آلاف مقطوعة شعرية، وأنه كان أديبا وشاعرا ويتمتع بصوت جميل أخاذ»،

وتوفر الجو الفني في منزل والده فقد كان محمد سعد يرافق الفنانين الكبار وتوفرت له بعض الآلات الفنية التي ساعدت في إبراز موهبته التي رافقته منذ الصغر، ومن هؤلاء الفنانين محمد سعد الصنعاني، عوض عبدالله المسلمي، إسماعيل سعيد هادي، أحمد عوض الجراش، الذين تأثر بهم كثيرا، وعمل معهم ضارباً للإيقاع أو الدف، وأحيانا يقوم بدور الكورس، وهذا كله ساعده على إجادة أصول الفن والاعتماد على نفسه .

بدأ محمد سعد عبدالله يكون شخصيته المستقلة من خلال التلحين حيث ضمه شاعر الرابطة الموسيقية العدنية آنذاك (الدكتور محمد عبده غانم) بقصيدة (محلا السمر جنبك) التي لحنها ولاقت نجاحا كبيرا .

وبعد ذلك الحين لحن للأستاذ لطفي جعفر أمان (ليش هذا الهجر) وإدريس حنبلة (شل فؤادي الحزين) ولعلي أمان (ماله كذا طبعك).

وبدأت قريحته الشعرية تتفجر وفيها المرارة والوجدان، وبدأ يدخل ميدان الشعر العاطفي، ولحن من كلماته (ردوا حبيبي)، (سلموا لي على خلي)، (كلمة ولو جبر خاطر) .

إنه شاعر غنائي بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. قدم الكثير من أعماله خصوصا في الوقت الذي توافد إليه أصحاب الإسطوانات جاءت (جدد أيام الصفا)، (نظرة من عيونك)،(الصبر طيب)، (اللي مضى ماعاد يرجع)، (ما با بديل)(أنا أقدر أنساك) .

كان الأستاذ محمد سعد عبدالله من معاناته يخلق أغانيه، ومن حزنه الدفين يخلق ألحانه ويختار لها مقامات موسيقية معبرة، حتى عندما يحزن ويبكي يختار سلوكا جديدا يختلف عن أي إنسان مثلا (لابكى ينفع) و(اهجره وانساه) تجد تلك الرقة والشعور الطيب، ويظهر أمامك شخصا ذا تجربة مصقولة وعنده من الأبعاد والمسافات مالا يحصى.

القامة الفنية محمد سعد عبدالله غنى الأغنية الحضرمية وبدأ للشاعر والموسيقار عبدالله محمد باحسن (عليك العمد، رب إني قصدت الباب، يامن على الصد) وأغنية (سبوح ياقدوس) لشاعر المكلا سالم بانبوع ، (يقول بن هاشم بكت لعيان دم) لشاعر الغنّاء حداد بن حسن الكاف .

ولاغرابة في أن يؤدي (أبومشتاق) هذه الأغاني الحضرمية فقد حباه الله الموهبة والقدرة الفائقة على أداء هذا اللون، وظهر تأثير اللون الحضرمي على تأليفه في أغنية (من بلى بالهوى) فقد جاءت بكلمات ومفردات تستخدم في نمط وطريقة الشعر الغنائي الحضرمي، أما اللحن ففيه العناصر والأدوات المستخدمة في تلاحين الغناء الحضرمي المحلي المعروف (بالشحري) .

ونجح الأستاذ محمد سعد عبدالله في تلحين الأغاني على الطريقة التقليدية في الغناء اليمني القديم (الصنعاني) وعلى مقامات موسيقية تتميز بنكهتها اليمنية ومن شعره لحن (وسط صنعاء - أمير الغيد - خلي سرنا مكنون).

وله إسهامات في مجال الأغنية الوطنية، وكتب ولحن العديد من الأغاني والأناشيد الوطنية، وقد لعبت دورا كبيرا في إشعال حماس الجماهير إبان مرحلة الكفاح المسلح منها: (قال بن سعد- يايمني هذه بلادك - الذهب الأحمر).

وبعد ذلك قدم رائعته (بلاد الثائرين)، (سعيدة). كرمته الدولة بإطلاق اسمه على الشارع الممتد من أمام مكتب بريد الشيخ عثمان.. مرورا بملاهي عدن (بستان الكمسري سابقا) وانتهاء بالطريق العام المؤدي إلى مدينة دار سعد .

وختاما: إن محمد سعد عبدالله .. قمة شامخة من قمم الفن، وهذا يتطلب الاهتمام والرعاية التي تليق بمكانته الكبيرة، ولذلك فأعمال هذا الفنان تتطلب دراسة وتوثيق كل شيء عن حياته الفنية، حتى تكون مرجعا ينهل منه طلاب الفنون والمختصون بأعمال الفن اليمني.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى