مرسال الأحبة.. ومناش طامع!

> «الأيام» أحمد المهندس:

> مناش طامع مشاش ** قراب ولا أثوار ** ولا تصدر قروش ** تعمر الدار ** أشاك يا ابني تعود ** كفاك أسفار

والكلمات من قصيدة غنائية تغنى بها ولحنها الفنان الراحل المقيم طه فارغ بعنوان (الأب) كانت من أشهر أغاني الاغتراب والغربة في ستينيات القرن الميلادي المنصرم كان يحلو للأهل في اليمن طلبها عبر الإذاعة العدنية والبرنامج الشهير (ما يطلبه المستمعون) ليهدوها للآباء والأبناء والأخوة المغتربين خارج جغرافية الوطن.. فكانت بمثابة السلوى والحنين للأهل والوطن وترابه.. فقد كان الوطن غالياً على الرغم من غياهب الاستعمار وكهنوت الإمامة والتخلف.

تذكرتها واستعدت كوبليهات كلماتها وأنغامها دندنة وأنا أشاهد وعيوني تذرف الدمع حزناً برنامج (مرسال الأحبة) الذي يعده ويقدمه المذيع المتألق الأستاذ محمد المحمدي عبر قناة (اليمن) الفضائية من إخراج شاكر الشامي مساء كل جمعة.. فقد استطاع أن يشدنا إليه بجمال التقديم ومستوى الكلمات المؤثرة والمادة الهادفة للمشاعر التي لا يستطيع أن يخفيها المذيع وهو يلتقي بالأمهات والزوجات اللاتي فقدن أبناءهن وأزواجهن لسنوات طوال نتيجة الاغتراب.. ومضى الأولاد كضحية لوباء اسمه الغربة القاتلة التي تخطف ببريقها المادي والحاجة الإنسانية.. الناس من بعضهم بأسلوب حزين.. يخيل لمن يقع في براثنه بأنه النجاح والجاه.. والعكس هو الصحيح.

وفي كل مرة أشاهد فيها هذا البرنامج الممتع الذي يدعو إلى المحبة والتواصل لا أستطيع إخفاء دمعة الحزن التي تنذرف نتيجة للمواقف الإنسانية واللقاء الحزين بعد فراق طويل أمنه لحقب ثلاث.. نفرح ونضحك للقاء المفرح لتلك الأم التي حرمت من فلذة كبدها لأكثر من خمسة وثلاثين عاماً وقيل لها وهي رضيعة بأنها ماتت ونقل لها برنامج (مرسال الأحبة) حقيقة حياتها.. فكان اللقاء السعيد المنتظر ودموع الفرح للعجوز بابنتها الوحيدة قبل أن ترحل بحق وحقيق عن هذه الدنيا الفانية.

لقد أعاد هذا البرنامج الجميل آهات الحنين إلى الأسر اليمنية في الداخل والخارج بالصدق والعودة إلى الواقع الجميل بصدق.. بعد أن كان بالصوت فقط عبر المذياع وأغاني (الأب) بالأمس والاغتراب المحزنة.

تحية وتهنئة لمعد ومقدم البرنامج الرائع الذي استطاع أن يحقق المعادلة الصعبة ويضمد الجراح ويمسح دموع الثكالى والأرامل.. ويحيل أيام الحزن.. لفرح ويقرب البعيد عبر مرسال المحبة.

أديب وصحفي سعودي

عضو هيئة الصحفيين السعوديين

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى