القات وأطفال حضرموت المعاناة واللامبالاة

> «الأيام» عبدالقادر باراس

> الطفولة هي البراءة الإنسانية، ولا ذنب لها في الحروب والأوبئة وآفات السياسات الاجتماعية والفقر، ولكنها الأكثر تأثرا بها.. لهذا فمعاناتهم ليست اختيارية أو مترتبة على خيار طوعي.

فطفولتهم لاتذنب ولاتعاقب، وإنما هم ضحايا مجتمعاتهم، وتقاس حضارة المجتمع ودرجة تطوره بكيفية تعامله مع الأطفال.

كان الدافع إلى كتابة هذه السطور تصفحي لكتاب اجتماعي قيِّم ونافع، يخص الطفولة، عنوانه: (القات وأطفال حضرموت.. المعاناة واللامبالاة) لمؤلفه د.عبدالله سعيد باحاج، الصادر عن دار دوعن للنشر، يقع في (104) صفحات، محتواه قيم ونافع، باعتبار أن مثل هذه الإصدارات المتعلقة بالقضايا المجتمعية غير متوفرة، وربما يكون المؤلف بفضل الله هو أول من يتناول شيئا من معاناة أطفال حضرموت من أضرار القات الخطيرة، كمساهمة فاعلة منه في نقل الصورة الحقيقية لمعاناة الأطفال.

سعى د.باحاج- مشكورا على ما بذل من جهود- في تواصله مع نهج المقاومة والرفض المطلق لآفة القات في حضرموت من خلال تناوله لمثل هذه القضية، والتي لم تعد أمرا مخفيا، حيث تصاعدت هذه المعاناة منذ غزو القات لحضرموت صيف 1990.

الكتاب يضم بين دفتيه مجموعة من المحاضرات والدراسات للمؤلف، تتعلق بجوانب يعانيها أطفال حضرموت من آثار القات التي تعصف بالوطن والمواطن، خصوصا أولئك الأطفال الذين ابتلي آباؤهم وأولياء أمورهم بمصيبة تناول القات، ومنها مقالات كتبها مؤخرا، ونشرت بعضها في الصحف والمجلات والدوريات المحلية معتمدا على الجانب التحليلي.

لمؤلفه: د.عبدالله سعيد باحاج

حرص المؤلف على أن يوجه من خلال كتابه نداءً إلى ضمير هذا المجتمع من المخلصين والحريصين حقا على سلامة أوضاعه وصيانة مستقبله بضرورة السعي الصادق والنزيه وبما يستطيعون من فعل أو قول لإزالة هذا البلاء، والخروج بعون الله تعالى من دروب التخلف التي فرضها القات علينا عنوة، دون أن يجد أمامه مقاومة أو مكافحة جادة.

أفرد الكاتب د.باحاج بداية كتابه لمقالة علمية (اليمن وحضارة القات إلى أين؟) وهي مقالة لم تنشر بعد، عدا بضعة أسطر منها في خاتمة كتابه الأول.

حرص المؤلف في كتابه هذا على عدم تكرار ما سبق أن كتبه في كتابه الأول (القات وحقوق الطفل في حضرموت) وإنما أدرج ما هو مناسب نظرا لعلاقته الوثيقة برسالة الكتاب الثاني وبمنظومة التصورات والمقترحات الممكنة لمكافحة هذه الآفة.

حمل د.باحاج الحزب الاشتراكي اليمني (الحاكم السابق لجنوب اليمن) إلى جانب الأحزاب السياسية، المسؤولية بدخول القات إلى محافظتي حضرموت والمهرة، بتعميمه قبل إعلان دولة الوحدة حين وافق على إزالة كافة الحواجز التي تحول دون دخول القات إلى حضرموت والمهرة، معتبرا أن هذه الإجراءات متناقضة كلية مع ما عرف عن الحزب الاشتراكي من أنه منع استهلاك القات أو التوسع في زراعته وتجارته، حيث إن النظام في الجنوب حرص منذ الاستقلال 1967 على أن تكون حضرموت والمهرة مناطق محمية تماما من دخول القات إليهما.

واعتبر المؤلف أن هناك اختلافا في طرح أضرار التدخين والقات عند الأطفال في حضرموت، معدا التدخين قضية عالمية لها مؤشراتها وأبعادها الخارجية، وينبغي دراسة ظاهرتها في إطارها الشامل والواسع ضمن الجهود المبذولة في المكافحة الدولية لأضرار التدخين، ووجد أن من الأفضل الفصل بين الظاهرتين الخطيرتين (التدخين والقات) بقصد الإفادة والاستفادة العلمية والتوعية ليس إلا.

وختم المؤلف كتابه بتصورات ومقترحات في المعالجات الممكنة لمعاناة الأطفال بقصد حث من بيدهم مقاليد الأمور على التحرك الجدي لحماية أطفال حضرموت من هذا الخطر الداهم، وهم يمثلون أمل الأمة والمجتمع وصيانة المستقبل والتنمية المنشودة.

يذكر أن المؤلف د.عبدالله سعيد باحاج أن أصدر كتابه الأول (القات في حضرموت بين الفرض والرفض) والآن بصدد إصدار كتابه الثالث عن القات، واضعا له عنوانا معبرا عن مضمونه ورسالته (لا للقات: نماذج موثقة لكتابات ومواقف الرافضين له والمحذرين منه خلال ثمانية قرون).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى