عودة«الأيام».. بين المرتجي والمرتقب

> سعاد العلس:

>
جاء توقف إصدار صحيفة «الأيام» في وقت بلغ ذروة الصراع السياسي الذي شهدته البلاد، ولعل قرار المنع كان أبلغ تعبيرا عن شراسة الهجمة التي شُنت على عدن وكل مناطق الجنوب. وقد ضاعف هذا الأمر من وطأة الظلم على الإنسان في الجنوب، حيث اعتبرت السلطات أن منع «الأيام» هو قطع أخير لألسنة المواطنين، باعتبار «الأيام» لسان حال المواطن في الجنوب، وهي لعدن رمز خاص، أرادوا كسره، لكن السحر انقلب على الساحر، فما زادهم هذا المنع إلا التصاقا بـ «الأيام».
خلال فترة المنع كانت البلاد تموج بحالة من انفساح الرؤى (قراءة وقولا)، أمر سمحت به السلطات ضمن مخطط خاص لضرب الشعب بعضه بالآخر، وبموازاة ذلك ظهرت صحف هزيلة، دعمت هذا الاتجاه، القائمون عليها من ذوي الأرضيات الثقافية الهشة، المندفعون وراء الرغائب، هؤلاء الذين سمحوا بالنشر المباح غير الخاضع لأدبيات النشر، وكأنما جاءت هذه الحرية المفأجاة لتعزز مقولة برنادشو "من عيوب الديمقراطية أنها تجبرك على الاستماع إلى رأي الحمقى".
الأمر لا يتوقف عند النشر المستهدف لإثارة الفتنة، بل تعداه إلى مبنى المطروح، حيث لا تبذل إدارات تحرير هذه الصحف أي جهد في الاختيار النوعي للمواضيع، بتمييز الخبيث من الطيب، ولا تلجأ إلى التمحيص والتدقيق، بل أنها اعتمدت على ما تفيض به بعض أوبئة الأنترنت وخفافيش الكلمة الذين وجدوا في الفضاء الافتراضي مرتعا لعربدة الحروف المنفلت من أصول واشتراطات الكتابة.
الكتابة دوافع ومعطيات، والكلمة رسالة، كي تصل بهدفها ينبغي أن تكون سليمة معافاة من هنات الكتابة، أي أنها (الكلمة) مبنى ومضمون، ولن يتحقق الطرف الثاني من المعادلة إن كان طرفها الأول عاجزا.
هذه الصحف الصفراء خلقت طبقة من الناشرين وقعوا في فخ توصيف "الكاتب"، حتى ظن النفر منهم أنه إذا كتب تحلّقت حوله النجوم وأصغى لكلامه القمر.
اليوم وبعد انتظار 3 سنوات من السقوط المسرحي للنظام السابق، عقب ثورة الربيع الدموي، تعود «الأيام» ونحن نتضرع لله أن يكون في عودتها خلاص من غثاء الصحف الصفراء، وتعود أيام المرحوم محمد علي باشراحيل، كما أرادها الراحل هشام باشراحيل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى