"الأيام" قهوة البسطاء وفطورهم اليومي

> علي عمر الهيج:

> عند خليج الفيل تستوطن "الأيام" .. الدار والتاريخ والناس والجيران والأهل والصحيفة.
تطل عليها من الأعلى قلعة صيرة الشامخة، وهي تشرف على مدينة عدن العتيقة لتحكي للناس والزمن والتاريخ حكاية "الأيام" التي طالها القمع والقهر والمطاردة، حتى أعانها الله لتطل علينا في المرة الثالثة، وقد ازدادت إيماناً بالله وعادت إلينا بقوة ومهنيّة رائعة، كما عرفناها سابقاً، لتنقل وتناقش قضايا وهموم الناس وأحزانهم.
"الأيام" صدق الكلمة وعدالة الطرح يجاوزها من الأطراف ويسامرها الصيادون البسطاء وقواربهم الخشبية التي يشقون بها أسوار البحار العدنية العتيقة، طلباً للرزق الشريف وحماية عائلاتهم وأطفالهم من الجوع والعوز.
يا جماعة الخير "الأيام" ليست صحيفة ورقية فقط .. لكنها مؤسسة إعلامية ودار نشر واسعة المعارف والأفكار .. حملت على عاتقها قضايا أمة وفقراء ومطحونين وعاطلين عن العمل، وقضايا الصحة والفساد الإداري والمالي، وقضايا الفكر والأدب والتاريخ والسياسة. "الأيام" رافد وطني كبير للإصلاح والإعمار، وساهمت في توظيف عشرات من الشباب .. "الأيام" ملتقى رائع وخصب للفكر والثقافة والحوار.
في منتداها رحبت بأعضاء من السلطة والمعارضة والأحزاب والمكونات والأطياف، من أجل المصلحة العامة وإشاعة الخير والصلاح .. هي ملتقى واسع للعلماء والمفكرين والمبدعين والفن والموسيقى، فقد سامرت في منتداها وعلى شواطئ البحر الفنانين العمّالقة محمد مرشد ناجي وفيصل علوي ـ طيب الله ترابهما ـ وعوض أحمد ونايف عوض وفنانين كثير.
أول مرة تشرفت بدخول "الأيام" عندما تخرجت من كلية الاقتصاد بصحبة الزميلين عادل الأعسم وصالح الصايلي، ومن هنا فقط قابلنا الأستاذ هشام باشراحيل ـ طيب الله ترابه ـ والأستاذ تمام باشراحيل، أطال الله في عمره، وهو أستاذ مثقف لديه الخبرات الواسعة في العمل الصحفي ودنيا الصحافة، ويمتلك قدرات واسعة في إدارة المؤسسة بحنكة واقتدار.
من هنا فقط ومن هذا المنبر الرفيع تعلمت في مدرسة "الأيام" أبجديات الكلمة وصياغة الحرف.. من "الأيام" عرفتني الناس وراحوا يلقون عليَّ التحايا في الشارع والطرقات.
شكراً لـ "الأيام" هذه المؤسسة العرقية التي تعلمت منها الكثير والكثير، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
عانت "الأيام" الأمرين، حاصرتها السلطة بالأطقم والأسلحة وبداخلها أناس مدنيون يقومون بعملهم خدمة للناس والوطن.
لم تستطع السلطة حينها محاصرة أوكار الإرهاب وتجار الموت الذين أغرقوا البلاد في الفوضى.
أستاذي هشام باشراحيل كنتُ حاضراً في لحظة الوداع الأخير وذرفت عيني بالدموع .. كان الحشد مهيبا في مقبرة العيدروس .. جاءوا من كل أصقاع الأرض ليودعوا هامة وطنية كبيرة، كرست كل عمرها لخدمة الأرض والوطن والناس.
"الأيام" صرح عملاق .. هي الهواء النقي الذي يتنفسه الناس البسطاء. فمع إطلالة كل يوم جديد تطل "الأيام" على الناس فيصافحونها ويطالعونها في المقاهي والمنتديات، كأنها قهوتهم الصباحية وفطورهم اليومي .. كيف لا، وهي ملاذهم الأول والأخير.
لقد عادت "الأيام" والعودة حميدة.
كل الحب والدعاء للصحيفة بالتوفيق .. كل الدعاء للأسير البطل المرقشي المسجون ظلمـا .. فقد كان ومازال بطلاً فذا، اللهم أزح عنه الظلم وفك أسره.. فبيت الظالم خراب ولو بعد حين.
النفس تبكي على الدنيا وقد علمت
إن السلامة فيها ترك ما فيهـا
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها
إلا التي كان قبل الموت يبنيهــا
فإن بناها بخير طاب مسكنه
وإن بناها بشر خاب بانيهـا

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى