من الأوروغواي 1930م إلى جنوب أفريقيا 2010م (الحلقة الرابعة)

> تختلف الروايات حول نشأة كرة القدم، فمنهم من يقول إن الرومان كانوا أول من مارسوها في القرون الوسطى، والبعض الآخر يقول إن الصينيين هم الذين اكتشفوها، لكن نشأتها الحقيقية كانت في القرن التاسع عشر، وبالتحديد في 26 نوفمبر 1863م عندما أسس الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم.
وأقيمت أول مباراة رسمية في 30 نوفمبر عام 1872م بين إنجلترا وأسكتلندا، وأسفرت عن تعادلهما (صفر- صفر) .. وكان الإنجليز أول من قدم إلى العالم لعبة كرة القدم الحديثة، وذلك عبر المهاجرين الذي كانوا وراء إنشاء اتحاد الدنمارك عام 1889م، ليكون بذلك أول بلد خارج الجزر البريطانية الذي يملك اتحادًا خاصًا به.
وتطورت كرة القدم التي مارسها 160 مليونًا في العالم، وفي مطلع القرن العشرين قام المسئولون وعلى رأسهم الفرنسي روبير غيران والهولندي هيرشمان بمحاولات جادة لتنظيم شئون اللعبة، فأسسوا الاتحاد الدولي لكرة القدم في 21 مايو 1904م في حضور ممثلين عن سبع دول هي: (فرنسا وبلجيكا وهولندا والدنمارك والسويد وسويسرا)، وغاب عن هذا الاجتماع ممثلو إنجلترا والجزر البريطانية لأنهم اعتبروا أن لا حاجة لقيام مثل هذا الاتحاد .. وحاول (غيران) إقناع البريطانيين بجدوى الانضمام إلى هذا الاتحاد، لكن محاولاته ذهبت أدراج الرياح.
وعرفت كرة القدم طريقها إلى الأولمبياد للمرة الأولى عام 1920م في مدينة أنتورب البلجيكية ومنذ ذلك الحين لم تغب عن الأولمبياد، لكن الاتحاد الدولي الذي انتخب الفرنسي جول ريميه رئيسًا له عام 1918م خلفًا لمواطنه غيران بدأ يفكر جديًا في تنظيم بطولة عالمية خارج إطار الدورات الأولمبية .. وفي 26 مايو 1928م شهدت مدينة أمستردام الهولندية اجتماعًا مهمًا للفيفا، واتخذ قرارًا بتنظيم أول بطولة عالمية، واختار عام 1930م موعدًا لإقامتها .. كما أفسح المجال أمام جميع الاتحادات العالمية المشاركة في هذا الحدث المميز.
**** تشيلي 1962م:
اختار الاتحاد الدولي في مؤتمره في لشبونة عام 1956م تشيلي لاحتضان كأس العالم عام 1962م على حساب الأرجنتين وألمانيا الغربية، وأقيمت النهائيات من 30 مايو إلى 17 يونيو، بمشاركة (16) منتخبًا: (10) من أوروبا و(4) من أميركا الجنوبية وواحد من أميركا الشمالية.
وقبل نحو سنة من انطلاق البطولة تعرضت تشيلي لزلزال عنيف ذهب ضحيته نحو (7) آلاف شخص، وهدد الاتحاد الدولي بسحب التنظيم منها، لكن الرئيس التشيلي كارلوس ديتبورن المعروف بشخصيته القوية وجه نداءً وجدانيًا (للفيفا) جاء فيه: "لم نعد نملك شيئًا لذا نريد استضافت كأس العالم". وبنت تشيلي ملعب (سانتياغو) الذي يتسع لـ(80) ألف مفترج، وكان جاهزًا لاستضافة المباريات، وكانت كرة القدم بدأت تثبت نفسها، خصوصا في أوروبا بعد انطلاق المسابقات الأوروبية الثلاث، وبروز ريال مدريد الأسباني الذي أحرز الألقاب الخمسة الاولى في مسابقة كأس الأبطال الأوروبية.
ولم تبقَ كأس العالم السابعة في الأذهان لأنها حفلت بالخشونة، وبشحة الأهداف (انتهت أربع مباريات بالتعادل السلبي في الدور الأول)، كما اقتصرت مشاركة النجم الأسطوري بيليه في مباراة واحدة قبل إصابة شديدة أبعدته عن باقي المباريات.
وحقق المنتخب التشيكوسلوفاكي المفاجأة بقيادة جوزف مازوبوست الذي اختير أفضل لاعب أوروبي في ذلك العام، وتمكن من بلوغ المباراة النهائية للمرة الثانية، وكانت على موعد مع المنتخب البرازيلي حامل اللقب.
وكان المنتخبان التقيا في الدور الأول، وأسفرت المباراة عن تعادلهما (صفر-صفر)، وحل (أماريلدو) مكان (بيليه) فسجل هدفًا في مرمى أسبانيا، وتقدمت تشيكوسلوفاكيا بهدف عن طريق مازوبوست في الدقيقة (15)، لكن أماريلدو رد بعد دقيقتين من زاوية صعبة.. وفي الشوط الثاني أضاف زيتو وفافا هدفين لتحتفظ البرازيل باللقب.
وسجل في البطولة (89) هدفًا منها (7) من ركلات جزاء وطرد لاعبان، وتوج اليوغوسلافي يركوفيتش هدافًا برصيد (5) أهداف .. أدار المباراة الحكم الروسي لاتيشيف.
**** نجوم البطولة:
- تافاريس دي سيلفيرا أماريلدو (البرازيل): عوض غياب بيليه وبرز في المباريات إلى جانب غارينشا.
- مانويل فرانسيسكو دوس سانتوس (غارينشا) (البرازيل): أذهل الجميع بمراوغته وتحركاته السريعة، واختير أفضل لاعب في البطولة.
- دوس سانتوس نفيس جيلمار (البرازيل): حارس المرمى الوحيد حتى اليوم الذي أحرز كأس العالم مرتين.
- جوزف مازوبوست (تشيكوسلوفاكيا): ساهم إلى درجة كبيرة في بلوغ تشيكوسلوفاكيا المباراة النهائية، وسجل فيها هدف الافتتاح في مرمى البرازيل.
- دراغوسلاف سيكولارك (يوغوسلافيا): قاد بلاده للفوز على ألمانيا (1-صفر) في ربع النهائي، تميز بمهاراته لدرجة أن لاعبي الأوروغواي هنأوه وحملوه على الأكتاف رغم خسارتهم أمام يوغوسلافيا.
**** المباراة النهائية:
أقيمت في 17 يونيو، وفازت البرازيل على تشيكوسلوفاكيا (3-1) في سانتياغو أمام (68679) متفرجًا، وسجل أماريلدو في الدقيقة (17) وزيتو في الدقيقة (69)، وفافا في الدقيقة (78) أهداف البرازيل، ومازوبوست في الدقيقة (15) هدف تشيكوسلوفاكيا.
**** مثل البرازيل:
جيلمار د. سانتوس، وماورو (قائد المنتخب) وزوزيميو ن. سانتوس وزيتو وديدي وزاغالو وغارينشا وفافا واماريلدو. المدرب مريرا.
**** مثل تشيكوسلوفاكيا:
شرويف وتيشي وبلوسكال وبوبلوهار ونوفاك (قائد المنتخب) ومازوبوست وكفاسناك وبوسييشال وشيرر وكادرابا ويليناتش. المدرب فيتلاسيل.

**** إنجلترا 1966م:
أقيمت البطولة الثامنة في إنجلترا مهد اللعبة الأكثر شعبية في العالم، وحيث أقيمت أول مباراة رسمية بينها وبين جارتها أسكتلندا (صفر-صفر) عام 1872م.
وجرت النهائيات من 11 إلى 30 تموز / يوليو، بمشاركة (16) منتخبًا: (10) من أوروبا، و(4) من أميركا الجنوبية وواحد من أميركا الشمالية وواحد من آسيا.
وجاء التنظيم في منتهى الروعة، وعكس جدية الإنجليز واندفاعهم لاستضافة هذا الحدث للمرة الأولى، كما أن الجمهور الإنجليزي أضفى جوًا حماسيًا، خصوصًا أن المسافة بين المدرجات والملاعب في إنجلترا ليست بعيدة، ولا تتعدى في بعض الأحيان الثلاثة أمتار.
وشعر المسئولون الإنجليز بالحرج قبل أربعة أشهر من البطولة عندما اختفت كأس جول ريميه من المعرض الموجودة فيه، وجندت إنجلترا شرطة أسكتلنديارد للبحث عنها لكن مساعيها ذهبت أدراج الرياح إلى أن تمكن كلب يدعى بيكلز من العثور عليها مرمية في إحدى سلات المهملات في منطقة نوروود (جنوب لندن) بعد ستة أيام على ضياعها فنال صاحبه مكافأة مالية ومنح بطاقات لدخول الملاعب مجانًا.
وغاب التمثيل الأفريقي عن التصفيات، لأن الاتحاد الدولي لم يمنح القارة السمراء مقعدًا إضافيًا في النهائيات، وحصل المنتخب الإنجليزي على أفضلية لأنه خاض جميع مبارياته على ملعب ويمبلي الشهير في لندن، وذلك خلافًا لما كان يحصل في البطولات السابقة، حيث خاضت المنتخبات المضيفة مبارياتها على ملاعب مختلفة، وقد ساعد وجود الإنجليزي ستانلي راوس على رأس الاتحاد الدولي لكرة القدم إنجلترا في أن تحصل على هذه الأفضلية.
وبفضل الأقمار الاصطناعية فقد تسنى لجميع المشاهدين حول العالم متابعتها.
وفقدت البطولة في الدور الأول ثلاثة منتخبات عريقة هي أسبانيا وإيطاليا والبرازيل حاملة اللقب التي خسرت أمام البرتغال وأمام المجر. وقد خرجت إيطاليا تجر أذيال الهزيمة بسقوطها أمام كوريا الشمالية بهدف شهير سجله باك دوو ايك فبلغت كوريا الدور الثاني، في حين رشق أنصار المنتخب أعضاءه بالبيض والطماطم لدى عودته إلى مطار روما.
وكادت كوريا الشمالية تتابع مفاجآتها عندما تقدمت على البرتغال بقيادة نجمها أوزيبيو (3-صفر) بعد (20) دقيقة، قبل أن يسجل الأخير أربعة أهداف، ويخرج منتخب بلاده فائزًا (5-3).
وبلغت إنجلترا بقيادة نجميها بوبي مور وبوبي تشارلتون المباراة النهائية لتقابل ألمانيا الغربية ونجمها فرانتس بكنباور بعد فوزهما على البرتغال والاتحاد السوفياتي بنتيجة واحدة (2-1) على التوالي.
وأقيمت المباراة النهائية في 30 تموز / يوليو أمام 95 ألف متفرج، وتقدمت ألمانيا بواسطة هالر في الدقيقة (12)، وردت إنجلترا بهدفين عن طريق هيرست في الدقيقة (18) وبيترز في الدقيقة (78)، وقبل نهاية المباراة بدقيقة واحدة انتزع فيبر هدف التعادل لألمانيا ليفرض التمديد.
وفي الدقيقة (100) سجل هيرست هدفًا لا يزال يثير جدلاً حتى الآن لأنه سدد من مسافة قريبة كرة اصطدمت بالعارضة وارتدت إلى الأرض، وبعد التشاور بين حكم الساحة وحامل الراية احتسب الأول هدفًا لأنجلترا وسط احتجاج ألماني.
وقبل النهاية بقليل أضاف هيرست هدفه الثالث ليصبح بالتالي أول لاعب يسجل ثلاثية في إحدى المباريات النهائية وأهدى اللقب الأول لمنتخب بلاده.

وسجل في البطولة (89) هدفًا منها (6) من ركلات جزاء وطرد خمسة لاعبين، وتوج البرتغالي أوزيبيو هدافًا برصيد (9) أهداف.
**** نجوم البطولة:
- فلوريان البرت (المجر): قاد بلاده إلى فوز كبير (3-1) على بطلة العالم البرازيل.
- فرانتس بكنبارو (ألمانيا الغربية): سجل (4) أهداف في أول بطولة عالم يشارك فيها.
- أنطونيو كارباخال (المكسيك): حارس مرمى وصاحب الرقم القياسي في المشاركات في كأس العالم، لعب في النهائيات (5) مرات متتالية أعوام 1950م و1954م و1958م و1962م و1966م.. وعقب مباراته الأخيرة ضد الأوروغواي قبّل كارباخال قائمي المرمى وتوجه إلى منتصف الملعب حيث لقي تصفيقًا حارًا من الجمهور الإنجليزي الحاضر في ويمبلي ومن الرئيس المكسيكي الذي خضر خصيصًا لهذه المناسبة.
- بوبي تشارلتون (إنجلترا): هداف المنتخب الإنجليزي سجل هدفي بلاده في نصف النهائي ضد البرتغال (2-1).
- باك دوو ايك (كوريا الجنوبية): صاحب هدف الفوز التاريخي في مرمى إيطاليا في إحدى أكبر المفاجآت في تاريخ كأس العالم علمًا أن هذا اللاعب كان يعمل طبيبًا للأسنان في إحدى ثكنات الجيش في بلاده.
- فيريرا داسيلفا أوزيبيو (البرتغال): هداف البطولة برصيد (9) أهداف.
- جف هيرست (إنجلترا): لا يزال هدفه الثاني (الثالث لإنجلترا) في مرمى ألمانيا في المباراة النهائية مصدر جدل في الأوساط الكروية، وهو أول لاعب يسجل (3) أهداف في المباراة النهائية.
- بوبي مور (إنجلترا): قائد المنتخب البطل.
المباراة النهائية: أقيمت في 30 تموز / يوليو، وفازت بها إنجلترا على ألمانيا الغربية (4-2) بعد التمديد في لندن أمام (97) ألف متفرج، وسجل هيرست في الدقائق (18 و100 و120)، وبيترز في الدقيقة (78) أهداف إنجلترا، وسجل هالر في الدقيقة (12) وفيبر في الدقيقة (89) هدفي ألمانيا الغربية.. أدار المباراة الحكم: السويسري دينست.
**** مثل إنجلترا:
بانكس وكوهن وجاكي وتشارلتون ومور (قائد المنتخب) وويلسون وبال وستيلز وبوبي تشارلتون وهيرست وهانت وبيترز. المدرب رامسي.
**** مثل ألمانيا الغربية:
تيكوفسكي وهوتغس وشولتز وفيبر وشنيلنغر وبكنباور واوفيرات وهالر وزيلر (قائد المنتخب) وهيلد وايميريش. المدرب شون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى