حضرموت الحضارة

> سعيد عبدالرب الحوثري:

>
حضرموت التاريخ والإرث الحضاري بكل ما تمثله من موروث وحضارة وذات الثقل الراقي يشهد به العالم منذ العصور الأولى لفجر التاريخ والإسلام من خلال ذلك الزخم التي تزخر به تلك الشعوب في شتى أصقاع المعمورة وبالذات آسيا وأفريقيا والخليج والجزيرة العربية تاريخ ناصع البياض.
حضرموت ذلك النسيج الذي يمثل عقداً اجتماعياً لا مثيل له هذا النسيج الذي لم يتلوث بلوثة الحضارة المصطنعة، وإن كان بعض أبناء هذا الجيل يحاول التنكر لهويته وعاداته من خلال استبدالها بعادات دخيلة باعتبارها تقدماً حضارياً إلا أن هذا النكران كان محدوداً جداً ربما لجهل بعض هذا الجيل بماضيهم الناصع.. حضرموت منذ حقبة الستينيات بدأ أجزاء من ملامحها وواقعها يتغير بفعل فاعل (الزمان والإنسان)، حيث برزت بعض القوى والقيادات فجاءوا على السطح التي اعتبرت التغيير الوسيلة المثلى لذلك العصر على كل شيء، باعتبار ذلك الماضي في مجمله تخلفاً ورجعية، حيث حاولت تلك القيادات تحت ذرائع شتى تغيير نمط الحياة العامة بما ينسجم مع معتقداتها الجديدة باعتبار المواطن مجرد آلة أو جزء من قطيع الماشية حتى تسمية حضرموت (الحضارة) حاولت تلك القيادات تغييرها إلى رقم خمسة، بل وتغيير أغلب هوامش الحياة من ثقافة وشعر وتراث وأدب ودراسة لدرجة وصل الأمر إلى العبادات الإلهية، وهذه أمور معروفه وموثقة..
ما يدعونا نحن أبناء حضرموت اليوم ليس من ناحية مناطقية كما قد يفسره بعض قصيري النظر، ومن لم يستوعبوا منطق التاريخ وإنما بما آل إليه وضع حضرموت من صراعات وحسابات دخيلة وحزبيات ضيقة جعلت من أبنائها شيعاً وفلاسفة وأحزابا ومزايدين ونفعيين، وعيبنا من داخلنا، هذه الصراعات التي لا تنسجم مع الواقع الذي كان سائداً، فحضرموت منذ الستينات هي الضحية في كل صراع نظراً لما تتميز به من مقومات وعشق أبنائها للأمن والأمان، حيث كانت ذات يوم دولة لها قوانين وتشريعات تحظى باحترام الجميع، ونحن هنا لا نود أن ننبش قبوراً أو ننكئ جراح ضد من أوصلوها إلى هذا الحال ومن مارسوا الجحود والعقوق في صفها، بل ومن صنعوا من أنفسهم زعامات جوفاء يستلهمون أفكارهم من خارج حدودها، من هنا نود أن نقول إن حضرموت يحلم أبناؤها الأخيار أن يكون لها الصون للمقتدر وهي ذات العمق الحضاري والجغرافي والثروات لِأن تكون في منأى عن أي صراع داخلي مستورد أو مفتعل إلا ما يريده رب العباد، وعلى أبنائها استيعاب الدروس من سجل طويل من المحن؛ لأنها البقرة الحلوب التي يشرب لبنها الآخرون من داخلها وخارجها، وأبناؤها يشربون البحر!
هذه الدروس والعبر لابد أن تفرض نفسها على الأخيار من أبنائها ممن يجسدون الانتماء الحقيقي لها أياً كانوا من أي انتماءً كان باعتبارها رقماً صعباً خاصة في مثل هذا الظرف لأنه بات أمراً ملحاً لأن يتكاتف جميع الأخيار للإبحار بها إلى بر الأمان، إلى تاريخها وأصالتها بعيداً عن أي حزبيات ضيقة أياً كانت دينية أو علمانية أم ماركسية، فحضرموت لم تعد تحتمل مزايدة المزايدين من داخل حدودها وخارجها من المتاجرين بها روحاً من الزمن تحت شعاراتهم البراقة.. نناشدهم بكل الرجاء والأمل أن يبتعدوا بعيداً عن الوصاية وأن لا يجعلوا من حضرموت شماعة لأهوائهم ونزواتهم ومصالحهم تحت مبررات شتى، مستغلين سماحة أبنائها وطيبة أهلها.. إنها حضرموت الحضارة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى