ملك إسبانيا يتخلى عن العرش لنجله بعد (38) سنة من الحكم

> مدريد«الأيام» سيلفي غرو:

> > اعلن ملك اسبانيا خوان كارلوس الذي انهكته المتاعب الصحية ونالت الفضائح من شعبيته، بشكل مفاجىء أمس الإثنين تنازله عن العرش لنجله الامير فيليبي تاركا له مهمة شاقة لدفع الملكية الغارقة في الازمة نحو "الحداثة".
وسيصبح فيليبي امير استورياس البالغ من العمر 46 عاما ملك اسبانيا المقبل تحت اسم فيليبي السادس. لكن سيتعين على فيليبي الذي بقي اليوم في منأى عن تدهور شعبية والده، اقناع البلاد بقدراته في وقت تشكك فيه اسبانيا الغارقة في الازمة الاقتصادية والبطالة بمؤسساتها.
وقد اعتلى خوان كارولس العرش على اثر وفاة الدكتاتور فرنشيسكو فرانكو في تشرين الثاني/نوفمبر 1975، وبنى شعبيته من خلال مواكبة مسيرة انتقال اسبانيا الى الديموقراطية، قبل ان تلطخ السنوات الاخيرة من حكمه بالفضائح المترافقة مع متاعب صحية.
لكن البلاد لم تنس صورته مطلع يناير اثناء حفل عسكري عندما ظهر متعبا متكئا على عكازين وهو يتلعثم بالكلام اثناء القاء خطابه. وتاهت الصحافة انذاك في التوقعات حول تخليه الوشيك عن العرش.
ورغم مواظبة الملك البالغ من العمر 76 عاما على الالتزام بجدول اعماله المثقل، كشف في نهاية المطاف أمس انه اعتبر في تلك الاونة بعد الاحتفال بعيد ميلاده في الخامس من كانون الثاني/يناير "ان الوقت قد حان ليعد للانتقال".
وتوجه خوان كارلوس بنفسه أمس الى الشعب الاسباني واكد في خطاب نقله التلفزيون تنازله عن العرش، الذي كان اعلنه في الصباح رئيس الحكومة ماريانو راخوي معبرا عن "امتنانه" للشعب الاسباني.
وقال الملك "ان امير استورياس يتمتع بالنضج والاستعداد وحس المسؤولية (وهي مواصفات) ضرورية لتسلم رئاسة الدولة مع كل الضمانات، وبالتالي فتح مرحلة جديدة من الامل تجمع بين الخبرة المكتسبة وزخم الجيل الجديد".
وتابع "ان نجلي فيليبي ولي العهد يجسد الاستقرار الذي هو ميزة هوية المؤسسة الملكية".
وفي وقت تسجل فيه اسبانيا احد معدلات البطالة الاكثر ارتفاعا في العالم الصناعي، ليبلغ نحو 26%، تحدث العاهل الاسباني عن "الازمة الاقتصادية الخطيرة" التي تمر بها البلاد منذ 2008.
وقال ان الازمة "تركت جروحا عميقة في النسيج الاجتماعي لكنها تظهر لنا الطريق نحو مستقبل مفعم بالامل".
واضاف "كل ذلك ايقظ فينا زخما للحداثة وتعاليا عن الذات وتصحيحا للاخطاء" بدون ان يلمح مباشرة الى الفضيحة القضائية التي طالت ابنته كريستينا ثاني اولاده وصهره ايناكي اوردنغارين.
وتابع "اتمنى الافضل لاسبانيا التي كرست لها حياتي كلها ووضعت كل قدراتي وحماسي ونشاطي في خدمتها".
وبعد ان عبر عن "امتنانه" للملكة صوفيا زوجته اكد ان بامكان ابنه فيليبي ان يعتمد من جهته على "دعم" الاميرة ليتيسيا التي تزوج منها منذ عشر سنين.
وقبل ساعات قليلة من ذلك اعلن رئيس الحكومة الاسبانية ماريانو راخوي في تصريح رسمي استثنائي طلب منه على عجل "ان الملك بدا لي مقتنعا ان هذه اللحظة هي الافضل لاجراء تغيير على راس الدولة بشكل طبيعي ونقل التاج الى امير استورياس".
واضاف راخوي ان الملك خوان كارلوس "كان اكبر محرك لديموقراطيتنا".
ودعا رئيس الحكومة الاسبانية الى انعقاد جلسة "استثنائية لمجلس الوزراء" الثلاثاء، مذكرا بانه "من الضروري التصديق على قانون اساسي" لعملية التنازل عن العرش.
واضاف راخوي "آمل ان يتمكن مجلس النواب في وقت قصير جدا من المصادقة" على اعتلاء الامير فيليبي (46 عاما) العرش الاسباني.
ويشغل الامير الى جانب الملكة المقبلة الاميرة ليتيسيا منذ سنوات مكانة متنامية حيث مثل والده في المناسبات الرسمية وبقي في منأى عن تدهور شعبية الملكية الاسبانية.
لكن الطريق التي ترتسم امام الملك المقبل تبدو شائكة.
وقال الكاتب خوسي اباثارينا "انها لحظة صعبة جدا لاعتلاء العرش، لان هناك امورا كثيرة جارية. فلدينا بلادا لا تزال تعاني من الازمة الاقتصادية وملف اوردنغارين (قضية الفساد التي تطال صهر الملك) لم ينته بعد".
ورغم اصابتهم بالذهول فان الاسبان كانوا يتحضرون منذ زمن طويل للتنحي عن العرش. وعلقت ماريا خوسي غونزاليس التي جاءت من لاكورونيا بشمال غرب اسبانيا لزيارة مدريد مع صديقة على الحدث بقولها "بالتأكيد انه امر يفترض ان يحصل. فالملك مسن". واضافت "انه الافضل من اجل استقرار الملكية. نعتقد ان الامير فيليبي سيضطلع بدوره بشكل جيد جدا. انه محضر بشكل جيد".
وتوج خوان كارلوس في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1975 ملكا بينما كان في السابعة والثلاثين من عمره، بعد يومين على وفاة فرانكو، ليرافق مصير اسبانيا التي خرجت من حكم دكتاتوري لتنضم الى دائرة الديموقراطيات الاوروبية الكبرى.
وفي 23 فبراير 1981 امر الملك الشاب وهو يرتدي زيا عسكريا، في رسالة متلفزة بقية محفورة في الذاكرة، الضباط الانقلابيين في الحرس المدني الذين كانوا يحتلون انذاك البرلمان بالعودة الى ثكنهم.
وباحباطه تلك المحاولة الانقلابية التي قام بها اللفتنانت كولونيل انطونيو تيخيرو فرض الذي اختاره الدكتاتور فرنشيسكو فرانكو منذ 1969 خلفه المحتمل، نفسه في ذلك اليوم بقوة كبطل الانتقال الديموقراطي.
وخلال سنوات بنى الملك شعبية كبيرة وكسب حب الاسبان بتصرفاته البسيطة والطبيعية. واشتهر رأس الدولة بقربه من شعبه وبحياته الخاصة البعيدة عن الاضواء وكذلك بولعه بالرياضة خاصة التزلج.
ويعد الملك خوان كارلوس وجها كبيرا في الديموقراطية الاسبانية لكن شعبيته بدات تتراجع تحت وطأة الفضائح التي لطخت سنواته الاخيرة في الحكم.
في البداية اندلعت الفضيحة القضائية التي طالت ابنته كريستينا (48 عاما) التي وجهت اليها تهمة التهرب من الضرائب وتبييض الاموال والى زوجها ايناكي اوردنغارين تهمة الفساد.
ورحلة صيد الفيلة المكلفة التي قام بها خوان كارلوس في ربيع 2012 الى بواتسوانا صدمت الاسبان الذين يعانون من الازمة. ولما كان ليكشف امرها لو لم يعد الملك على عجل الى بلاده بعد تعرضه لحادث سقوط.
يضاف الى كل ذلك متاعب صحية متعددة المت بالملك خوان كارلوس الذي خضع لعمليات جراحية عدة في السنوات الاخيرة.
لكن الملك بدا في صحة افضل في الاسابيع الاخيرة واستعاد انشطته الرسمية. ووصف ك"سفير باذخ لاسبانيا" لعلاقاته الطيبة مع العديد من قادة العالم. وقد زار الملك في منتصف مايو السعودية للقاء مسؤولين سعوديين بهدف تشجيع العلاقات التجارية بين البلدين.ا.ف.ب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى