اليمن غّنية في الخارج .. فقيرة في الداخل

> عياش علي محمد:

> بعد حرب صيف 1994 م بعشر سنوات،زار عدن احد الخبراء الروس الذين عملوا في حقول النفط المكتشفة في حضرموت، والتقيته بالصدفة برفقه أحد اصدقائه اليمنيين، ووجدتها فرصة كي أوجه له سؤالاً ظل يراودني منذ اكتشاف السوفيت لحقول النفط عندنا، ووجهت السؤال مباشرة، لماذا لم تستثمر دولة الجنوب نفطها عندما كان الجنوب جنوباً؟ أي عندما كان الجنوب دولة، رد علي رداً مباشراً كما فعلت له بطريقتي المباشرة فقال: أنتم إذا شبعتم سوف (تزبطونا)، قالها بلغتنا الدارجة (باتزبطونا) لأنكم سريعو التحضر ولا تقبلون الضيم، لهذا لن يجعلكم العالم تؤسسون دولة حضارية متقدمة وأنتم تحتلون طريقاً عالمياً.. لهذا ستجدون أنفسكم فقط متلقي أعانات ومساعدات للحفاظ على جنسكم البشري، وبفضل هذا الطريق أنتم تحصلون على رزقكم.
جواب الروسي أفضى إلى تساؤلات عديدة لا تزال تحضرني، كيف تقاطرت الدول الخارجية على احتلال الجنوب أبتداءً من البرتغاليين، والعثمانيين، والإنجليز.. والدولة القاسمية في الشمال، والجنوبيون كلما قاوموا دولة محتلة وأخرجوها، جاءت بعدها دولة محتلة أخرى.. وطلعت بإجابة كما قالها (الروسي) أنتم (حراس الطريق)، تحاصرنا دول كبيرة طامعة في السيطرة على هذا الطريق فهناك اثيوبيا وهناك الشقيقة الكبرى وهناك الشمال فهل الجنوب سهل يمكن احتلاله في أي وقت ؟!!.
وتواصلاً مع هذه الاستفسارات نتطرق إلى تجارنا فهل هم أيضاً محتلون لنرى ذلك في العهد البريطاني كان يتصدر التجارة (توني بي) وبيكاجي قهوجي، وبعد الاستقلال الوطني جاءت تجارة القطاع العام ولم يكن للتجار الجنوبيين نصيب فيها، واليوم سطوة المال والتجارة مع المتنفذين الذين تسللوا بتجارتهم وبسطوا على ما كان بيد الآخرين.
والفرق كبير بين تجارة (اسياد القرنفل) الحضارم، وبين تجارة التهريب وتبيض الاموال المهربة والمحرمة التي يقال عليها بأنها نقود كذره يجري غسلها بطريقة تأسيس مشاريع وهمية كي تغطي الأموال القذرة.
أموال اليمنيين تتدفق في الخارج وليس لها مستقر في الداخل بل هناك من يشجع على أن ترحل الاموال من اليمن الى الخارج
وكم من مشروع نهضوي جرى تدميره في الداخل ليظل اليمن فقيراً في الداخل، وغنياً في الخارج.
وكم من مشاريع اقتصادية جرى تمويلها من الصناديق العربية والدولية لم تظهر على وجه الأرض، وأموالها ذهبت ادراج الرياح.. واليوم تصادر العديد من الأموال اليمنية في الخارج بحجة تبييض الأموال.
وبهذا المعنى، فالاقتصاد اليمني مقلوب راساً على عقب، ويحتاج من يعيد استقامته من جديد ويجعل الاقتصاد يسير على قدميه بدلاً من وقوفه على رأسه.. أي بتحويل تجارته كي تعود للداخل ويسهم في ازدهار اليمن، وجعل رأس المال اليمني ينتج تطورا
وإبداعا، لكن لن يحصل ذلك الا بعد تنظيف البيت اليمني ومع ذلك يجب ان يحسب حساب ما قاله (الروسي) بأننا فقط حراس
الطريق، وبفضلة نأكل ونشرب وليس أكثر من ذلك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى