لهذا شاركنا .. وهذا ما تحقق للجنوب

> د. محمد حسين حلبوب:

> بعد دراسة متأنية لجدوى مشاركة الحراك الجنوبي السلمي في مؤتمر الحوار الوطني الشامل توصلنا إلى الخلاصة التالية:
1 أن تجاهل دعوات الأمم المتحدة،وتجاهل رسالة مجلس الأمن الدولي الذي جاء بكل أعضائه ليجتمع في صنعاء، سوف تضع الحراك الجنوبي السلمي في موقف قد لا تحمد عقباه. فقد يتم إدراجه ضمن القائمة السوداء، وقد يتفاقم الأمر إلى أبعد من ذلك ويدرج ضمن قوائم الإرهاب.
2 أن العالم كله ينصح أبناء الجنوب بالمشاركة في الحوار، وقد نندم للمرة الثالثة، حيث ندم أبناء الجنوب على تجاهل نصيحة بريطانيا عام 1958 م، بعدما تم رفض فكرة الاتحاد الفيدرالي بين سلطنات وإمارات الجنوب، وندم أبناء الجنوب على تجاهل نصيحة المملكة العربية السعودية عام 1990 م، بعد ما تورط الجنوب في (وحدة اندماجية) متسرعة وغير مدروسة.
3 أن عدم مشاركة الحراك الجنوبي في مؤتمر الحوار الوطني سوف تؤدي إلى تصادم الحراك مع الرئيس عبدربه منصور هادي، مما سيؤدي إلى تحويل القضية الجنوبية إلى صراع بين الجنوبيين، وهو ما يسعى إليه أعداء الحراك. وقد تجلى ذلك بوضوح في (مؤامرة) احتفال 21 فبراير 2013 م بعدن التي تمخض عنها استشهاد 19 من نشطاء الحراك السلمي الجنوبي.
4 أن بديل المشاركة في الحوار لن يكون سوى الكفاح المسلح، ومن ثم الحرب الأهلية. ونعتقد بأن دعاة استعادة دولة الجنوب باستخدام الكفاح المسلح، يدعون عمليا إلى تسليم الجنوب إلى (الإرهاب). وتجربة (أفغانستان) و (العراق) و (ليبيا) و(سوريا) تؤكد ذلك.
5 أن جلوس ممثلي الجنوب مع ممثلي الشمال في حوار مناصفة (50 % للجنوب و 50 % للشمال( يمثل اعترافا رسميا بهوية الجنوب وبكيانه السياسي، ويمثل إلغاءً لشرعية اتفاق وحدة عام 1990 م، واتفاقية العهد والاتفاق، ويمثل إلغاءً لشرعية الدستور الحالي، وإلغاءً لشرعية الانتخابات.
6 أن الرعاية الدولية والإقليمية للحوار والإعداد والتحضير الجاد للمؤتمر، وشفافية نشاطاته يمثل فرصة نادرة لعرض (القضية الجنوبية) على العالم، وكسر التعتيم الإعلامي عنها. وهذا الأمر لوحده كان مبررا كافيا للمجازفة بالمشاركة في الحوار.
7 أن الحراك الجنوبي السلمي لن يخسر من مشاركته في مؤتمر الحوار الوطني سوى عزلته. وأن المستفيد من عدم مشاركة الحراك هم أعداء الجنوب، وعلى وجه الخصوص (المنفذون) في صنعاء.
8 أن الحراك الجنوبي حركة سياسية شعبية واسعة يتم قيادتها من قبل عدد كبير من القيادات الميدانية والفكرية، والحراك حتى الآن لا يمتلك قيادة سياسية منظمة، لذلك فإن الواقع التنظيمي للحراك يعطي إمكانية الاتفاق على الرفض، ولكن من الصعوبة إن لم يكون من المستحيل أن يتم الاتفاق على من يمثل الحراك أو على من يحق له التحدث باسمه.
بهذه الخلاصة توصلنا إلى قناعة بضرورة مشاركة الحراك الجنوبي السلمي في مؤتمر الحوار الوطني الشامل. وهذا ما تم فعلا.
ويمكن تلخيص أهم ما تحقق للجنوب حصادا لحراكه الميداني، وحراكه الفكري،وحراكه الإعلامي، وحراكه السياسي في مؤتمر الحوار الوطني، بالنقاط التالية: أولا: تحقيق الأهداف المرسومة، المشار اليها أعلاه. حيث تم:
1 تجنب التصادم مع المجتمع الدولي،وتحوله إلى متفهم للقضية الجنوبية، ثم إلى مناصر وداعم لها.
2 تجنب التصادم مع الرئيس عبدربه منصور هادي، والانتقال إلى مرحلة التحالف معه على طريق تحقيق هدف توحيد أبناء الجنوب.
3 ارتفاع سقف حرية التعبير والتظاهر إلى مستوى عالٍ، وكسر التعتيم الإعلامي عن القضية الجنوبية.
4 تعزيز النشاط الميداني بنشاط سياسي أفرز قيادات سياسية جديدة،حصلت على فرصة نادرة للاحتكاك بقيادات ذات تاريخ سياسي كبير.
5 عرض وثيقة (دعوى) الحراك الجنوبي عن القضية الجنوبية، ومناقشتها في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وتوزيعها رسميا على جميع سفارات الدول، ومكاتب المنظمات الدولية المعتمدة في اليمن.
ثانيا: بالإضافة إلى تحقيق الأهداف المرسومة المشار إليها أعلاه، فقد تم تحقيق التالي:
1 الاعتراف الرسمي بعدالة القضية الجنوبية، وأن الحراك السلمي الجنوبي هو الحامل السياسي لها.
2 مناقشة القضية الجنوبية في مجلس الأمن الدولي، والاعتراف بعدالتها.
3 الاعتراف الرسمي بعدم أخلاقية حرب صيف عام 1994 م، واعتذار الحكومة اليمنية لأبناء الجنوب.
4 الاعتراف بشهداء الجنوب دفاعا عن قضيتهم، وإقرار معاملتهم كشهداء الثورة وتعويض أسرهم.
5 الاعتراف بالإبعاد القسري للموظفين الحكوميين الجنوبيين، وإقرار إعادتهم إلى أعمالهم وتعويضهم.
6 الاعتراف بحصول نهب للممتلكات الخاصة، وإقرار إعادة المنهوبات إلى أصحابها.
7 الاعتراف بحصول نهب للممتلكات العامة, وإقرار استعادة المنهوبات.
8 الاعتراف بحصول تخريب لأسس الدولة ومؤسساتها، وإقرار إعادة ما تم تخريبه وتعويض الجنوب.
9 الاعتراف بحصول مظالم فردية لأبناء الجنوب، وإقرار تعويض أصحابها تعويضا عادلا.
10 الاعتراف بحصول مظالم جماعية لأبناء الجنوب، وإقرار المعالجات العادلة لها.
11 الاعتراف بحصول مظالم معنوية لأبناء الجنوب، وإقرار وضع المعالجات لها.
12 الاعتراف بالإقصاء والتهميش للجنوبيين من السلطة، واستعادة شراكتهم فيها بنسبة 50 % على المستوى الاتحادي خلال الخمس السنوات الأولى، ثم وفقا لنسبة السكان والمساحة وأي معايير أخرى بعد ذلك.
13 الاعتراف بالإقصاء والتهميش للجنوبيين من الثروة، والاتفاق على شراكة أبناء الجنوب فيها بنسبة عادلة. سيحققها قانون اتحادي يتم الاتفاق علية بمشاركة الاقاليم والولايات.
14 استعادة هوية الجنوب باتفاق أممي، يمثل عقدا اجتماعيا جديدا تم توقيعه بين ممثلي الجنوب وممثلي الشمال بإشراف دولي وبمشاركة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة.
15 الاتفاق على بناء دولة اتحادية جديدة تسمى (جمهورية اليمن الاتحادية). مبنية على أعلى المعايير الدولية لحقوق الإنسان، تمثل قطيعة كاملة مع الماضي،وتضمن للجنوب حكم نفسه بنفسه.
16 الاتفاق على مبادئ تضمن حق تقرير المصير للجنوب ولأي مستوى من مستويات الحكم الثلاثة.
17 الاتفاق على حق الولاية والإقليم في عقد اتفاقيات الاستكشافات النفطية والغازية بالتشارك مع الحكومة الاتحادية.
18 الاتفاق على حق الولاية والإقليم في عقد الاتفاقيات الخاصة بخدمات الشركات النفطية.
19 الاتفاق على ضمان حماية الجنوب من استقواء الشمال بالكثرة العددية لسكانه.
20 الاتفاق على ضمانات مؤسسية محلية ودولية لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
21 صدور قرار من مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع يدعم نتائج مؤتمر الحوار الوطني، ويضع آلية مؤسسية دولية لمعاقبة معرقلي تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار، وتضمن حماية أبناء الجنوب من الإبادة الجماعية التي كانت ولا تزال احتمالات أن يتعرضوا لها واردة.
ومن الجدير بالإشارة إليه هو أن الفضل في كل ما تحقق يعود بعد الله سبحانه وتعالى إلى التضحيات الكبيرة التي قدمها شهداء الحراك الجنوبي، وجرحاه،ومعتقليه. وإلى الزخم الهائل للحراك السلمي الذي تم تتويجه (بالمليونيات) التي تزامنه مع انعقاد مؤتمر الحوار.
وإلى التغيير الإيجابي الذي تحقق في اليمن بفضل شهداء الثورة السلمية، وجرحاها، ومعتقليها، ونشطائها. وإلى وقوف المجتمع الدولي بقوة إلى جانب الحق والمنطق والعدالة. وإلى القيادة الموفقة للرئيس عبدربه منصور هادي. والإشراف الناجح للأستاذ جمال بن عمر ومستشاريه وطاقمه الوظيفي. والإدارة المتميزة للأخ د. أحمد عوض بن مبارك وطاقمه الوظيفي. وإلى الدعم القوي من قبل معظم أبناء الجنوب المشاركين في مؤتمر الحوار. وإلى الموقف المنصف لمعظم أبناء الشمال المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
كما يجب الإشارة إلى أن عدم تحقيق مطلب أبناء الجنوب بالإبقاء على الجنوب في إقليم واحد. يعود لعوامل وأسباب كثيرة. من أهمها:
1 إجماع ممثلي المكونات السياسية والاجتماعية المشاركة عن محافظتي حضرموت وشبوة في مؤتمر الحوار الوطني بمن فيهم المشاركين عبر الحراك على مطلب الحصول على اقليم خاص بهم.
2 إجماع السياسيين المشاركين في التوقيع على (وثيقة العهد والاتفاق) عام 1994 م، على تقسيم اليمن إلى ما بين أربعة
إلى سبعة أقاليم. بما فيها تقسيم الجنوب إلى إقليمين أو أكثر.
3 تبني معظم الأحزاب السياسية باستثناء الحزب الاشتراكي لمطلب تقسيم اليمن إلى سته أقاليم.
4 انحياز الرئيس عبدربه منصور هادي إلى مطلب أبناء أقليم حضرموت من أعضاء مؤتمر الحوار الوطني.
5 مؤازرة دول الجوار الإقليمي لتحول اليمن إلى دولة اتحادية من أكثر من إقليمين.
6 رفض المجتمع الدولي لتحول اليمن إلى دولة اتحادية من إقليمين.
وعلى الرغم من كل ذلك فإن اتفاق تحديد عدد الأقاليم يعطي إمكانية استعادة توحيد الجنوب بالطرق السلمية والديمقراطية،
وذلك بموافقة سكان إقليمي حضرموت وعدن باستفتاء يمكن إجراؤه بعد مرور أربع سنوات أو ثمان سنوات.
كما أن (وثيقة اتفاق حل القضية الجنوبية)، في المبدأ الأول والمبدأ الثاني يمهدا طريقا سلميا ممكنا لاستعادة دولة الجنوب كاملة السيادة دون الحاجة إلى استخدام العنف.. وذلك في حال أجمع الجنوبيون على ذلك. أو تخلى الشمال عن الديمقراطية أو رفض الدولة الاتحادية،أو أقدم (الحوثي) على اجتياح العاصمة (صنعاء) أو تم الوصول إلى السلطة باستخدام القوة.
لذلك فإننا نوجة رسالة إلى جميع أبناء الجنوب بضرورة الابتعاد عن الشعارات التي كانت وبالا على الجنوب طوال الخمسين عام الماضية. ومحاكمة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل بالعقل والمنطق وعندها سوف يتأكد لهم بأن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل تقدم حلا عادلا ومنصفا للقضية الجنوبية.
*عضو الهيئة السياسية للحراك
الجنوبي السلمي المشارك في مؤتمر الحوار
الوطني الشامل

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى