في ذكرى رحيل هشام باشراحيل

> د. سمير عبد الرحمن شميري:

> لا نستطيع أن نتقدم قيد أنملة ولا نشتم نسمة الحرية ولا أن نقف على أرضية آمنة ولا نستطيع أن نستمتع بزرقة البحر وسعة السماء في فضاء مفتوح من التسامح والتلاقح والتساكن والتثاقف وجودة العلاقات الإنسانية في ظل أنظمة جهنمية غايتها قهر الإنسان والسيطرة على أنفاس المجتمع با لتنصت والمراقبة والهيمنة على دقات قلب الكائنات البشرية بالأحذية والخوذات العسكرية والتعبئة الضدية من قبل كائنات ذميمة مسلحة حتى الأسنان با لحقد والكراهية العمياء للفضيلة والقيم الأخلاقية وآدمي ة الإنسان.
تقول الروائية السورية هيفاء البيطار “لا شيء قادر على اعتقال الحرية حين تنفجر في قلوب الناس، لأن الحرية والكرامة كالهواء والماء لا يمكن اعتقالهما”.
عندما كان المرحوم هشام باشراحيل (1944 - 2012 م) مسجوناً مع نجليه هاني ومحمد هشام بعد أن اعتقلتهم مؤسسة القوة في 4 / 1/ 2010 م إثر الهجوم الغاشم على مؤسسة «الأيام» قلت حينها: “إن هشام باشراحيل يعاني من أمراض حادة ومزمنة وليس من العزة والشهامة الانقضاض على رجل مريض”.
لقد هاجمته الوحوش البشرية بمخالبها الحادة وتداخلت أح داث كثيرة في حياته وتوالت المحن والدسائس عندما أدار ظهره للسلطة وأخذ يتنفس ألم الآخرين ويكشف عذابات الناس وعنجهية النظام الذي داس بأق دامه أعناق الرجال على صدر صحيفة «الأيام»، وتلقى تهديدات صريحة من أهل القوة بالحتف وتعرض لعقوبات قاسية ورقابة شديدة وخنق لصحيفة «الأيام»،ولم يطأطئ رأس ه حتى في ظل الهجمات المسلحة على مؤسسة «الأيام» والتي امتدت إلى غرفة نومه مستهدفة رأسه ورأس أخيه تمام وافراد عائلته والعاملين والمتضامنين مع صحيفة «الأيام».
ذات مرة كنت اتفرس في وجهه وأس مع زفرات من سعير قلبه وهو يحكي لي عن المضايقات والاعتداءات على مؤسسة «الأيام»، وفجأة حكى لي عن طفولته ومغامراته وشغفه بصيد الغزلان في صدر شبابه، حين كان قناصاً ماهراً يقتحم المهالك ويطارد الغزلان ببندقية صيد عتيقة في براري بئر فضل وبئر أحمد ووصولاً إلى فاتحة مدينة الوهط.. كنت أستمع إلى صوته القوي الرنان رغم اعتلال صحته الذي يجمع ما بين الألم والمتعة ويطير بنا في مرابع الطفولة وبهاء الزمان المجيد وفي خضم جراحات محفورة في الذاكرة.
لقد انتهت فصول حياته بالمرض والوجع والموت وتحمل الأذى والقذى في زمن قاحل وبليد.
رحل عن حياتنا الأستاذ هشام باشراحيل ولازلنا نعيش على وقع الوعود السرابية بتعويض صحيفة «الأيام» وإطلاق سراح المعتقل أحمد عمر العبادي المرقشي والذي اعتقل في حادثة الهجوم على مقر صحيفة «الأيام» بصنعاء يوم 12 / 2/ 2008 م ولا زالت أياد خفية تلعب بملف هذا الرجل المظلوم للي عنق صحيفة «الأيام» وخنق صوتها المسموع باتهامات ملفقة ذات بعد سياسي.
يداهمنا خوف نبيل بإطالة أمد سجن أحمد عمر العبادي ولربما إعدامه خلسة بطرق ملتوية وبالقفز فوق أسوار القانون في ظل سيادة الفوضى والاعتساف.
رحمة الله عليك يا أستاذ هشام باشراحيل لقد كنت من طينة استثنائية سامية الارتفاع، فتحت صدرك وعقلك للناس ودافعت مع أخيك تمام عبر صحيفة «الأيام» عن القضية الجنوبية والمظلومين في التراب الوطني بمروءة ونخوة، وأكدت في رحلة حياتك الشاقة أن شعاع شمس الصباح سينبجس قريباً من جوف الليل.
ولقد قال الرسام العالمي سلفادور دالي إنك “لا تستطيع أن تقتلع عبير زهرة حتى لو سحقتها بقدميك”، فمن الصعب قتل الكلمة الحرة واجتثاث صحيفة «الأيام» ونسيان المرحوم هشام باشراحيل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى