هشام باشراحيل فارس الكلمة والحرية

> قاسم داؤود علي:

> عامان مرا على رحيل فقيد الوطن الكبير، وفارس الكلمة واليراع الأستاذ هشام باشراحيل (أبو الباشا)...عامان على انتقال ذلك الجبل الشامخ من حياتنا الدنيا التي كان فيها رمزاً وطنياً، وصحفياً بارزاً، وسياسياً محنكاً، وشخصية اجتماعية مرموقة، وقائداً إدارياً ناجحاً وإنساناً بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان ودلالات وقيم.
لقد رحل (أبو باشا) الذي سخّر حياته الثرية بالعطاء ونشاطه المهني المتميز بالدفاع عن الحقيقة وعن حقوق الناس في التعبير عن آرائهم ونقل معاناتهم وهمومهم بكل جراءة وموضوعية ومصداقية، خاض من أجلها معركة غير متكافئة مع قوى العدوان ومعاناة، قاسية نجمت عن ذلك العدوان الذي استهدف منزله ومقر مؤسسة «الأيام» والذي أسفر عن إيقافها عن الصدور في 4مايو 2009م واعتقال أسرة الصحيفة ومحاكمتهم، وكذا حارسها البطل أحمد المرقشي بعد أن لُفقت عليه تهمة القتل، وصدر عنها حكم سياسي بامتياز يقضي بإعدامه في مهزلة واضحة بكل النظم والقوانين.
لقد خصتني الحياة بشرف عظيم، وموقف سأظل افتخر به ما دمت حياً، كان في ليلة الهجوم على مقر الصحيفة، والذي كنت ُ فيه مع مجموعة من الزملاء والأخوة إلى جوار الفقيد وأخيه تمام باشراحيل وأبناءه الباشا وهاني ومحمد في منزلهما ومقر الصحيفة والتي أظهر فيها الفقيد رباطة جأشه وشجاعته النادرة وحكمته ورصانته ونبله وإنسانيته وعمق إيمانه بالحق الذي هو عليه، تجلّت بأمرين اثنين له ليلة الاقتحام ،اذكرها للأمانة والتاريخ تمثل أولهما :في إعطائه أوامره الصارمة لأفراد الحراسة بعدم إطلاق النار إلا بعد العودة إليه وهي الأوامر التي لم يعطها حتى وقف العدوان عن الصحيفة وأسرتها ، رغم تعرض البعض للإصابة، ومطالباً أفراده بعدم تعريض أنفسهم للخطر.
أما الأمر الآخر فهو إصراره أثناء التفاوض مع لجنة الوساطة في ساعة متأخرة من تلك الليلة التي طلبت تسليم مجموعة من الأفراد، حتى يتم وقف القصف على المنزل وتجنب اقتحامه بإصرار الفقيد على أن يكون أحد أبنائه من بين من يتم تسليمهم وانبرى للدور محمد هشام في هذا الموقف الإنساني النادر، ورغم الخطر الذي كان يهدد حياة هؤلاء خاصة بعد أن تم إعدام الشهيد سلام اليافعي الذي اغتيل بدم بارد أمام بوابة «الأيام» وهو أعزل من السلاح وبعد أن سلم نفسه وبالاتفاق مع لجنة الوساطة أيضاً.
تمر ذكرى رحيل الفقيد الذي فارق الحياة جسداً ،والحاضر بين ناسه وأخوته ومحبيه روحاً ومآثراً وسيرة عطرة خالده بعد أن أعيد لصحيفة «الأيام» حريتها، ورفع بعض الظلم عنها، وأعيدت بعض من حقوق ناشريها وأصحابها وسيظل الباقي ديناً على من كانت «الأيام» صوتاً لهم ولسان حال قضيتهم وتطلعاتهم وحقوقهم ،وقد سجل التاريخ بأحرف من نور سيرة هذا البطل الهمام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى