القضية الجنوبية من نفق جولدمور إلى نفق الاغتراب

> د. علي أحمد السقاف:

> بذلك الاتفاق الذي تم في نفق جولدمور في 21 مايو 1990, انتهت ما كانت تسمى جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية ونشأت الجمهورية اليمينة في 22 مايو 1990, والدولة الوليدة هي اندماج الجمهورية العربية اليمينة في الشمال وجمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية في الجنوب.
وسجل التاريخ بأن الاتفاق بين قيادة البلدين, جنوب اليمن وشماله, ممثلة بالحزب الاشتراكي اليمني والمؤتمر الشعبي العام, تم في ذلك النفق, نفق جولدمور.
واتفاقية الوحدة تكونت من صفحة واحدة، وانزل علم جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية امام الجندي المجهول في التواهي , معلنا نهاية دولة كانت لها صولات وجولات , على المستوى العربي والاقليمي والدولي، بل كانت مركزا للدول ذات التوجه الاشتراكي, وحركات التحرر العربية والعالمية، وقد ابلى الروس بلاء حسنا في تشكيل جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية وهندستها، ولكنهم لم يحركوا ساكنا اليوم, بل ان موقفهم كان سيئا للغاية من القضية الجنوبية .
لم يدم اتفاق جولدمور بين شريكي الحكم في الجمهورية الوليدة , الحزب الاشتراكي اليمني والمؤتمر الشعبي العام . وكلل ذلك بحرب صيف 1994 , ودخلت جحافل القوات الى حضرموت اولا وعدن ثانيا كالفاتحين . وانتهى بذلك الاتفاق الذي تم في ذلك النفق, نفق جولدمور، ونشأ وضع جديد.
لم يتحمل الجنوبيون الوضع الجديد.. سرح الاف الجنوبيين المدنيين والعسكريين من اعمالهم، الغيت كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في الجنوب، اما القيادات انتشرت في بلدان عربية واجنبية شتى، وهكذا هي ميزة القيادات, عند الازمات, سميه ما شئت, هروب, اعادة التفكير وكتابة المذكرات او الصمت الى ما لا نهاية.
بعد حرب 1994 انشأ الجنوبيون في الخارج اجنحة للمعارضة , وكانت في البداية جناح او جناحين . احداهما كانت (الموج) , تشكلت من الرابطة ومعارضة الخارج من النازحين , ولكنها في عام 2000 تم تجميد موج نتيجة للخلافات التي عصفت بمؤسسيها .
أما في الداخل فنشأت جمعية المتقاعدين العسكريين الجنوبيين بقيادة العميد ناصر النوبة وكان رفيق دربه حسن باعوم احد مؤسسي الحراك . وفي عام 2009 انضم اليهم علي سالم البيض موقع اتفاقية الوحدة في نفق جولدمور والامين العام للحزب الاشتراكي اليمني سابقا ونائب الرئيس في دولة الوحدة . وكان ذلك النواة الاولى للحراك الجنوبي ويطالب الحراك الجنوبي منذ 7/7/2007 بالتحرير والاستقلال لجنوب اليمن.
وتأسست المعارضة التي سميت بمؤتمر القاهرة في مصر . وكان من مؤسسيها الرئيس الاسبق علي ناص محمد , رئيس الوزراء الاسبق حيدر العطاس والمناضل محمد على احمد . وكان هذا الجناح المعارض ينادي بدولة فيدرالية بين الجنوب والشمال . ولكن لاحقا انسحب المناضل محمد علي احمد من مؤتمر القاهرة واسس مؤتمر شعب الجنوب الذي شارك في الحوار الوطني وانسحب من الحوار في اللحظات الاخيرة .
المعارضة الجنوبية , تفتت فيما بعد طبقا للمتوالية الهندسية وكانت 2 ثم اصبحت 4 و 8 و 16 وربما 32 جناحا وفصيلا لاحقا . اوصل الجنوبيون صوتهم الى الامم المتحدة والى جميع الهيئات والمنظمات العربية و الاقليمية والدولية , مطالبين باستعادة الدولة والاستقلال، وخرجوا بالمظاهرات المليونية مطالبين بعودة الحق المفقود، ولكن في نفس الوقت كانت اجنحة المعارضة الجنوبية وفصائلها في تزايد مستمر وكأنها في تواز مع المظاهرات المليونيات . ونشأ مؤخرا في عام 2013 البرلمان الجنوبي ,وله نفس مطالب واهداف الحركات الجنوبية الاخرى . ابدع الجنوبيون في تشكيل الاجنحة والفصائل وفي تفريخ انفسهم، لكنهم لم يوفقوا في اختيار قيادة واحدة وهدف واحد واصوت واحد وخطاب اعلامي واحد.
و بدعوة من المعهد الوطني الديمقراطي الأمريكي لأكثر من ثلاثين شخصية جنوبية، عقدت مؤخرا ورشة عمل بالعاصمة الاردنية عمان.
وجاءت الورشة، لتلمس اوضاع الجنوب، وقال مدير المعهد الامريكي مخاطبا القيادات الجنوبية "المجتمع الدولي ليس مسئولا عن حل خلافاتكم واتفقوا على قيادة موحدة حتى يستطيع العالم التعامل مع قضيتكم"
وارسل الرئيس الاسبق علي ناصر محمد رسالة الى المؤتمر قائلا " العالم لن يتعامل معكم مختلفين وممزقين وسيدعمكم وانتم موحدون "
ويبدوا ان مسار القضية الجنوبية يتجه من نفق جولدمور الى نفق الاغتراب في ظل تشتت الاجنحة والفصائل الجنوبية المعارضة واختلاف الاهداف والرؤى وتعدد الخطاب الاعلامي !!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى