هذا هو الثائر الخالد هشام باشراحيل

> علي الجبولي:

> قبل انطلاق ما سمي بـ (ثورة فبراير) 2011م بسنوات طويلة ثار الجسور هشام باشراحيل ـ طيب الله ثراه ـ في وجه لصوص المال العام، ومن عطلوا بناء الدولة الحديثة، واستغلوا شعار الوحدة لنهب ثروات وأرض الجنوب ومكتسبات أبنائه.
ثار الخالد هشام في وجه الفاسدين وبلداء السياسة، مبشرا بثورة الجياع والمضطهدين، محذرا من قهر الجنوبيين وصمتهم الذي يسبق العاصفة.
فهل كانت ثورة هشام تصفية حسابات شخصية في إطار صراع أجنحة بيت الحكم؟ أو في إطار صراع نفوذ القبيلة؟ أم طمعا بمنصب أو ثروة تختلس من المال العام؟ أم كانت التزاما وطنيا للدفاع عن حقوق الإنسان، وتحذيرا من مخاطر تهاوي الوطن إلى جحيم الكارثة التي يترداها اليوم؟.
رغم علمه بحجم المخاطر المحدقة به تبتل الثائر الجليل هشام باشراحيل للثورة السلمية متحديا الباطل بالكلمة الشريفة، متخذا من «الأيام» منبرا ينحت من الكلمة قذيفة في وجوه الفاسدين ولصوص المال العام، ونصلا في خاصرة من عطلوا القانون وحولوا الوطن إلى خرابة كما نراه اليوم، وصوتا يحذر من مخاطر الانقلاب على الوحدة وتدمير الدولة، واستئثار عصابة بموارد وثروات الوطن ومساعدات مانحيه، صوتا رصينا يكشف ناهبي خيرات الوطن، ويحذر من تدمير الوطن والعبث بمقدراته، ومن مخاطر إفساد أجهزة الدولة، والإثراء باستغلال نفوذ السلطة.
دون أن يخشى في الحق لومة لائم وضع الثائر الخالد هشام اللبنة الأولى للثورة، حينما اختار أن يصنع من خطاب «الأيام» مشعلا يعري الفاسدين، وصرخة تحذير من الفساد والاستبداد.. استعصى الثائر الخالد هشام ـ رحمة الله عليه ـ على التدجين والمساومة لمقايضة خطاب «الأيام» بسقط المتاع، أبى أن يرقص في مواخير النفاق والملق كما كان يفعل أشباه الرجال حينذاك رافضا أن يقايض كرامته بكل ما اختلست عصابات النظام من المال العام.
آمن هشام أن الكلمة الحق لن تضل طريقها في تعرية الفاسدين وإيقاظ المعذبين في الأرض، فاتخذ من «الأيام» منبرا ينذر فاشلي السياسة بثورة الجياع، وميدانا يصنع رأيا عاما لثورة شعبية ترفض حكم القبيلة والتخلف، واستئثار الفاسدين بالوطن، وتحويله إلى دولة ولاءات ومصالح تعيث بها عصابة حكم متصارعة، وشلة من الانتهازيين النفعيين وأنصاف الأميين.
لم تكن «الأيام» منذ انطلاقتها في أغسطس 58م إلا منبرا حرا منتصرا للشعب حاملا لهمومه وقضايا وطنه، مدافعا عن حقوقه، وعند استئناف صدورها في 7 نوفمبر 1990م بقيادة الربان الجسور هشام باشراحيل ـ رحمه الله ـ أبت إلا أن تكون المنبر الوطني والمهني الحر الذي أرسى منهجه عميده الراحل محمد علي باشراحيل ـ طيب الله ثراه ـ وسار عليه هشام وتمام.
عادت «الأيام» ولم تبدل أداءها الإعلامي المتميز، ولا نهجها المنتصر لقضايا الوطن وأبنائه، ولم تذعن للترغيب والترهيب.
لم تطق عصابات النظام وأعوانه صبرا على قامة جسورة بمنزلة هشام، تقود منبرا شامخا بحجم «الأيام» بما تمثله من عراقة مدنية جنوبية، ومعلم من معالم الحداثة، فتكالبت عصابات الاستبداد والفساد للتنكيل بالربان هشام وخنق صوت «الأيام».
إن غريزة الانتقام لدى الأنظمة المستبدة لا تكتفي بهراوة القانون لإسكات الصوت المعارض، وإنما تلجأ الى ما هو أفظع، فقد قررت عصابات النظام المعاق أخلاقيا وسياسيا وفكريا على ترهيب الربان الشامخ هشام وإسكات صوت «الأيام» بهراوة القانون تارة، وعقلية التفريخ أخرى، وثالثة باستئجار البلاطجة. ولما فشل هذا الأسلوب صعدت عدوانها إلى بلطجة قوة السلاح لإقصاء «الأيام» وربانها معا من الخارطة الصحفية والسياسية والاقتصادية والفكرية.
حينما نسترجع اليوم مسلسل القمع والتنكيل الذي طال القامة الوطنية الشامخة هشام باشراحيل في ذكرى الحزن الثانية، ودوافع حقد عصابات النظام على «الأيام» تبرز تساؤلات ليست ترفا.. هل كان مسلسل القمع والتنكيل منذ تدشينه بالاعتداء المسلح على منزل أسرة باشراحيل في صنعاء يوم 12 فبراير 2008م، واعتقال حارسه أحمد المرقشي وتلفيق تهم كيدية ضده وضد هشام ونجله وليد اللحظة أو الصدفة العفوية؟ ثم ما تلى الواقعة من نهب وحظر إصدار الصحيفة قسرا بدءا من العدد (5716) في 5 مايو 2009م، وصولا إلى اجتياح مبنى مؤسستها في عدن يوم 5 يناير 2010م، هل كان ذاك التنكيل بمعزل عن التعاطي مع الثورة الجنوبية؟ أم ثمة ترابط جدلي بين تلك الأحداث؟ لقد تقمصت عصابات النظام الساقط لوثة غباء إبليسية عندما توهمت أن الجنوب سيستكين، وثورته المباركة ستخفت إذا ما قمع هشام باشراحيل وخنقت «الأيام» أعرق وأشهر صحيفة جنوبية. لذا حقدت عصابات النظام على ربان صحيفة «الأيام» هشام باشراحيل، رحمه الله.
إذ لم تكتف بحظر إصدار الصحيفة، ومحاصرتها بصنوف من القمع والتنكيل، وإنما شنت على مبنى مؤسستها ومنزل ناشريها حملات عسكرية عديدة لتدمير مؤسسة الصحيفة وتخريب ممتلكاتها، بلغت ذروتها عصر الإثنين 4 يناير 2010م حينما قصفت حملة عسكرية مبنى الصحيفة ودار إصدارها ومنزل ناشريها بشتى الأسلحة وليومين متتاليين، أوقعت قتلى وجرحى، وأحدثت دمارا بمبنى الصحيفة وآلاتها وآلياتها، وروعت أطفال ونساء ناشريها، ولم تتوقف إلا في اليوم الثاني باقتحام مبناها ومنزل ناشريها واعتقال أشهر قامة صحفية جنوبية المغفور له بإذن الله هشام باشراحيل من على فراش المرض، وحمله على نقالة المرضى إلى السجن ليواجه أقذر أساليب لي الذراع. لكن بالشدائد تمتحن عزائم الرجال.. فرغم كل ما خلفه العدوان المسلح والإغلاق القسري من خسائر مادية ومعنوية فادحة بممتلكات وأصول مؤسسة «الأيام» لم توهن عزيمة الثائر الجسور هشام باشراحيل ـ رحمه الله تعالى. لم يرف له جفن حتى وأسرته وأطفاله تحت نيران مختلف الأسلحة ليومين متتاليين. لم يحن رأسه رغم وطأة المرض وشظف العيش، وإنما اختار بجسارته المعروفة الزنازين، رافضا مقايضة كرامته بكل ما بيد الحاكم من مال. لم توهن عزيمة القائد هشام بل ازداد صمودا حتى لقي ربه راضيا مرضيا.
ولئن استطاعت همجية عصابات النظام في قطع لقمة موظفي وكتاب ومراسلي «الأيام» لخمس سنوات، فإنها مثلما فشلت في تركيع الربان هشام باشراحيل فشلت في تحويل أقلام «الأيام» إلى فرشاة لتلميع قبح القتلة وصناع الخراب والفساد. لم ولن تستطيع عصابات النظام تركيع من تشربوا من حليب «الأيام» قيم الإباء وعزة النفس، وأخلاقيات المهنة، وكيف يكونون، وأين؟ ومن يكونون؟، وكيف يرفضون البغي والباطل مهما تجبر أهله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى