الجنوب.. وحجيج عام الخذلان

> عبد الكريم سالم السعدي:

> كثيرة هي العقبات التي تعترض طريق الثورة الجنوبية، وكثيرة أيضا المصاعب التي سترافقنا كثوار حتى يوم انتصار أهدافنا، قد تكون هذه العقبات والمصاعب من صنع الأقدار وقد تكون بأيدي البشر، وقد تكون بأيدي عدونا والمحتل لأرضنا، وقد تكون من عمائل أيدينا، وفي كل هذه الحالات فإن نتائج كل هذه العقبات والمصاعب ستصب في خانة مصلحة عدونا الـ (....) لأرضنا!
اليوم الثورة الجنوبية تعيش مشهدا من مشاهد هذه العقبات والمصاعب، فلم يعد خافيا على أبناء الجنوب ما تشهده ساحتهم الجنوبية من حالة استنفار ترافق خطوات التحضير لـ (رحلة الصيف) التي تشتمل كشوفها على العديد من الشخصيات والأسماء الجنوبية التي توصلت متأخرة إلى الحقيقة (الاكتشاف) وهي أن الأقاليم الستة هي سفينة نوح بالنسبة للجنوب وأبنائه، وبالتالي فإنه من العبط السياسي أن نضيع هذه الفرصة التي لن تتكرر، وعليه فإن الضرورة الملحة تقتضي أن نولي وجوهنا جميعا شطر (القليس) في صنعاء ونحج لنتطهر من أدران الثورة التي أصابتنا كجنوبيين ومن خطايا العصيان التي علقت بنا نتيجة لخروجنا على ولي الأمر.
الحقيقة أننا لا نضمر أية مشاعر سيئة لهؤلاء النفر (الحجاج) ولا نسيء الظن بأحدهم ونلتمس لهم العذر في ما أقدموا عليه، فالرحلة كانت شاقة والطريق كانت ومازالت وعرة وقدرات البشر تتفاوت في الصبر والاحتمال، فأبناء الجنوب وثواره قد تعلموا أن من حق أي جنوبي التعبير عن رأيه وأن يذهب خلف قناعاته إلى حيث تقوده، فلا اعتراض لأي جنوبي على تصرفات جنوبي آخر وقراراته طالما هذا الجنوبي قد التزم بالحديث عن نفسه وباسمه وطالما قد احترم هذا الجنوبي خصوصية الثورة الجنوبية وآثر أن لا يجعل من قضية الجنوب وأبنائه وثورتهم الطاهرة وأهدافها مطية يمتطيها للوصول إلى غايات وأهداف شخصية بحتة لا علاقة لها بالجنوب ومعاناته، وهذا هو العهد بين أبناء الجنوب الذي يتلخص في الالتزام الأخلاقي بعدم إلحاق الضرر بالجنوب وأهله!
إن أبناء الجنوب يدركون جيدا أن طريق ثورتهم ليس مفروشا بالورود!! وبالتالي فإنهم لا يرون في ما يحدث اليوم لثورتهم سوى حالة من حالات التصدع السطحي الذي لا يتجاوز القشرة الخارجية للثورة، وهي في المحصلة النهائية حالة اعتادها ثوار الجنوب من وقت لآخر تصاب بها القشرة الخارجية للثورة الجنوبية وتتساقط على إثرها الكثير من (العوالق) الأمر الذي يؤدي إلى تخلص جسد الثورة من أثقاله، وبالتالي انقشاع الغلاف المغبر الذي ينتج عنه ظهور الطبقة النقية الطاهرة والخالية من الشوائب التي على هدى بريقها يستمر السير في اتجاه تحقيق الأهداف الثورية الجنوبية!
لقد تحدثنا كثيرا وأوضحنا أننا لسنا ضد الذهاب إلى أية بقعة في العالم من أجل نصرة أهداف قضية الجنوب وثورته حتى وإن كانت تلك البقعة هي (صنعاء)، ولكننا بالمقابل نوهنا وذكرنا أن الذهاب يجب أن يكون إيجابيا يفيد القضية لا يضرها، ذهاب تكتمل فيه الشروط التي لا تترك مجالا للشك بأنه ذهاب من أجل الجنوب لا غير، ومن أهم تلك الشروط الاستفادة من دروس التاريخ الجنوبي الحديث جدا، فهل استفاد حجيج اليوم من أخطاء حجيج الأمس؟ تعالوا نرى معا الإجابة عن هذا السؤال!
في مايو1990م ذهب الحزب الاشتراكي اليمني منفردا إلى الوحدة الفاشلة متمثلا بدولة يناير 1986م كان حينها أكثر من نصف شعب الجنوب مشردا خارج أرضه بسبب سياسات هذا الحزب، وكان هذا الحزب لا يمتلك من ولاء جنوبيي الداخل إلا القليل الذي لا يتجاوز الثلاثين ألف عضو حزبي يزيد العدد أو ينقص قليلا.. وبدلا من أن يدعو هذا الحزب إلى لملمة أبناء الجنوب تماشيا مع متطلبات الخطوة (الوحدة) اشترط قادته خروج جزء من أبناء الجنوب من صنعاء كشرط لإتمام صفقة الندامة، وحدث ما حدث والكل يعرف نهاية هذه الرواية التي كتب فصلها الأخير المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح اللذان استغلا تشرذم أبناء الجنوب وتفرقهم الذي أدى إلى أن يصبحوا لقمة سائغة لهذا التحالف المتخلف!
ثم جاءت حرب الصحوة المتأخرة التي تواجه فيها الجنوبيين وجها لوجه وأداروا معركة مجانية لصالح عصابات صنعاء أدت إلى سقوط الجنوب عسكريا بيد صالح وآل الأحمر ومن ساندهم في 7 يوليو 1994م، وكان السلاح الأمضى لهذه المعركة أيضا تشرذم وتفرق أبناء الجنوب، وهناك الكثير من الدروس التي لحقت والتي يحتفظ بها التاريخ الجنوبي الحديث التي تؤكد أن مصاب أبناء الجنوب القاتل يكمن في تفرقهم وتشرذمهم، إذاً هل تقرؤون معي بوادر أو ملامح استفادة لحجيج اليوم من أخطاء حجيج الأمس ؟؟.. لا أظن ذلك، والبرهان أولا: ذهاب حجيج اليوم مازال مجزأً، فقد أصرت صنعاء مرة أخرى أن تمنحهم تأشيرة الدخول والدعوات كل على حدة .. ثانيا: إقدام كل حاج على إحراق سفن العودة من خلال تعمد البعض إلى شق مكوناتهم وتمزيقها والعبث بوحدتها.. ثالثا: خضوع البعض من الحجيج للمؤثرات المادية والعينية وهم ما يزالون على أرض الجنوب ولم يطؤوا صنعاء بعد ويواجهوا هول عطاءاتها.. رابعا وخامسا وسادسا سأتركها للقراء من أبناء الجنوب ليكملوها!.
نستنتج من كل ما تقدم أن ذهاب اليوم كذهاب الأمس مع الإقرار بتفوق فريق ذهاب الأمس من حيث الجمع والقوة، وطالما خسروا حجيج الأمس رغم ما كانوا يمتلكون من مقومات فمن باب أولى أن تكون الخسارة حليفة حجيج اليوم الذين لا يمتلكون إلا الوهم كسلعة يبيعونها لعصابات صنعاء حين يوهمونهم بأنهم ممثلون عن الشعب الجنوبي وثورته!
ختاما رسالة إلى حجيج صنعاء.. تأخرتم كثيرا في اتخاذ قرار الحج وهذه نقطة أخرى تضاف إلى ملف سلبيات قراركم، فقد كانت دعوة الحوار أفضل وأشرف ما دمتم قد عقدتم العزم على السقوط، يعني حتى هذه أخفقتم فيها.. رسالة أخرى لأبناء الجنوب لا تدعوا ما يحصل يشغلكم عن الأهم وهو الحفاظ على زخم الثورة وتصحيح أخطائها حتى لا تتراكم النفايات على غلاف ثورتكم الخارجي مرة أخرى وتحجب عنكم الرؤية الصحيحة ونرى مثل هذه التصدعات.
رسالة أخيرة للذين حزموا أمتعتهم وقرروا الالتحاق بحجيج (القليس) لهذا العام ومازالوا ينتظرون التأشيرة تريثوا وانتظروا ما يؤول إليه مصير من سبقوكم وبعدها اعلنوا عن خطوتكم التي لن تقدم ولن تؤخر إلا في حدود زيادة دخل فنادق صنعاء التي ستحشرون فيها وتعلفون حتى تأتي مرحلة أخرى يتم استبدالكم بحجيج غيركم، ونرى حينها فيكم نماذج جديدة كالتي رأيناها في المشاركين في حوار صنعاء وملحقه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى