لا ينفع صلاح الظاهر مع فساد الباطن

> أحمد ناصر حميدان:

> لم يكن التغيير يوما اختياريا سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، بل هو واقع يفرض نفسه لاستمرار الحياة، وتلبية للطموحات والآمال الخاصة والعامة، ولهذا يوصف بأنه سنة من سنن الكون.. ونحن في اليمن اخترنا التغيير السياسي والاجتماعي مع إعلان إعادة الوحدة اليمنية للأرض والإنسان المقرونة بنظام سياسي ديمقراطي وتعددية سياسية على أسس الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، لكن هناك من تخوف من هذا التغيير واعتبره الذهاب إلى المجهول. هذا التخوف منطلق من فقدانهم لمصالحهم الخاصة وتصورات البعض من المتطرفين الإسلاميين والقبليين، أن التغيير قد يؤدي لنقض الثوابت وانسلاخها بحكم فهمهم القاصر للديمقراطية، واستفاد من ذلك الطرف الموقع على اتفاقية الوحدة، وقبل هذه الشروط على مضض (نظام الجمهورية العربية اليمنية)، ولكي يتنصل من ذلك، فقد عمد إلى إزاحة الطرف الذي اشترط التغيير للنظام (نظام جمهورية اليمن الديمقراطية) وهذا ما حدث بالفعل، وأعيق التغيير وفرض واقع (الجمهورية العربية اليمنية) على النظام السياسي مع لمسات ديكورية لمؤسسات دستورية ديمقراطية تخدمه ولا تلبي طموحات وأحلام الجماهير، والتي استشعرت مع مرور الزمن أنها تعيش كذبة كبيرة اسمها نظام ديمقراطي، بل فقدت كثيرا من المكاسب الشعبية التي حققت في تاريخها النضالي في ما مضى.
وكان لا بد لها من استعادة حقها في التغيير وتصحيح الواقع المشوه الذي أنتجه الانقلاب على اتفاقية الوحدة وإحداث تغيير حقيقي لواقعها المشوه، وبدأت الانتفاضة الشعبية في الجنوب عام 2007 م، ومن هنا بدأ الحراك الشعبي في اليمن، حتى أعلنت ثورة شعبية شبابية على الأرض اليمنية شمالا وجنوبا،والذي لم يعترف بها النظام السابق إلى يومنا هذا واعتبرها أزمة داخل النظام نفسه، وهذه هي أهم أسباب المشكلات القائمة ومعوقات التغيير.
ومما تجدر الإشارة إليه أن التغيير صار حتميا وفرضه الواقع على الجميع وفي التغيير مواكبة للعصر ومعالجة للمشكلات التي تنشأ من خلال الحاجة إلى التطوير، فكل عمل نقوم به من الطبيعي أن يتخلله نقص أو خطأ فيحتاج منا إلى العمل على تغييره في ظل وجود حلول جذرية له، وعلينا أن نقبل بالتغيير ونكون جزءا منه، وكما قيل (من لم يتقدم يتقادم)، وربما يفنى إذا عمد إلى مقاومة التغيير، والواقع يحكي بكل وضوح مقاومة النظام السابق ومن يسانده لعملية التغيير بتصلب وعدم استيعابه أن ما يجري في البلد هو تغيير لواقع كان هو السبب الرئيسي فيه، ضاربا عرض الحائط بمصالح الأمة والوطن وطموحات وآمال الجماهير الغفيرة في العيش الكريم وبناء دولتهم المنشودة، الدولة المدنية الاتحادية.
الله سبحانه وتعالى خلق هذه الأرض الطيبة لتكون معاشا لقاطنيها ولم يخلقها لتكون ملكا لأحد، بل أن يؤدي كل أبنائها دورهم فيها، وليعلم كل منّا بأنه إذا أصْلحنا ظاهرنا فإننا سنجذب نظر الناس إلينا، أما إذا أصْلحنا ظاهرنا وباطننا فإننا سنجذب نظرهم وقلوبهم معا، فلا يصلح الظاهرُ مع فساد الباطن والمستور لا يظل مستورا، ولا بد من أن يصير ذات يوم معلوما ولو طال الزمن.
علينا أن نكون مع التغيير وقيادته ممثلة بالأخ الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي فرضه هذا الزمن ليكون قائدنا نحو تغيير واقعنا المزري، واقع الصراعات المذهبية والطائفية والإخفاقات، التي هي امتداد لواقع لابد أن نغيره ونتخلص منه إلى الأبد، ومن يريد للوطن الخير عليه أن يكون مع التغيير وفاعلا فيه، أوعلى الأقل لا يصطف في الطرف الآخر المعيق للبناء والتطور والنهوض.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى