وقفة إجلال .. في حضرة الأم النبيلة

> عوض بامدهف:

> الحوطة المحروسة حاضرة لحج الخضيرة.. كانت مصدر الخبر الإنساني المثير الذي هزني من الأعماق، وهو الذي ساقه الزميل العزيز هشام عطيري، فحوى هذا النبأ السامي والنبيل أن أماً في الحوطة قد عفت عن قاتل ولدها.. وأرجو أن تغفر لي هذه الأم النبيلة اقتحامي لمحرابها وجرأتي على تقديم كلماتي المتواضعة هذه التي لن تحقق الارتقاء إلى مستوى فعلها النبيل.
إليك أيتها الأم النبيلة التي استطاعت ترويض نفسها وتغلبت بفضل من الله تعالى على نزعات النفس الأمارة بالسوء، وارتقت بمشاعرها الإنسانية فوق مستوى تحمل البشر، وتحلت بالصبر الجميل وتغلبت على مشاعر وأحاسيس الأم الرؤوم التي فقدت ولدها الغالي والحبيب.
وفي لحظة إيمانية بالغة الدلالة فوضت الأم الفاضلة أمرها إلى الله عز وجل، فجسدت بذلك قول رب العزة سبحانه وتعالى: “الذين إذا أصابتهم مُصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعّون، أولئك عليهّم صِلوات من ربهْم ورحمة، وأولئِك هم المْهتدون” (البقرة - الآية 157).
إليك أيتها الأم الحنونة، والتي سمت وارتقت بمشاعرها فوق الحزن والغم والكمد والألم والانتقام رغم عظم فاجعتها بفقدان ولدها الحبيب.. وتمثلت قوله عز من قائل كريم: “ومن عفا وأصْلح فأجِره على اللَه”.. وياله من أجر مجزٍ.. وما أعظمه!!.
إليك أيتها الأم الرؤوم.. من شكل فعلها الطيبة والكرم.. وقديماً قالوا “لا يعفو إلا الكريم” قبساً من نور وميض ضياء أضاءت عتمة هذا الزمن الرديء الذي أظلنا بردائه الكئيب ومردوده الفاجع والمقيت. فحق لنا أن نفخر ونزهو بأننا قد تعايشنا مع تداعيات هذا الفعل النبيل والكريم، مما يؤكد أنه ما زال هنالك بقايا من خير ونور، وإن اسودت الدنيا من حولنا فلا بد من أن ينجلي الفجر ويعم الضياء والنور كل الأرجاء من حولنا، وهذه بلا شك لحظة تاريخية لن تمحى أبداً من وجدان وذاكرة كل من عاش أو تفاعل أو سمع من على البعد بأن كل هؤلاء هم شهود عيان على هذه الواقعة التي أقدمت عليها أم جسدت الأمومة في أسمى معانيها.
إليك يا من كنتِ بشارة خير، وكان ترحيبكم بمقدم وحلول الشهر الفضيل بشكل غير مسبوق بالمرة والذي تمثل في العفو عن قاتل ولدها فلذة كبدها الحبيب.. وياله من فعل تسامى فوق كل الصغائر وضغائن البشر.
إليك أيتها الأم العظيمة كل التقدير والتبجيل.. يا من مثلت النبع الصافي للحنان في أسمى صوره، ولأبنائك الأبرار كل التحية والاحترام.. ونعم التربية الحسنة والغرسة الطيبة.. وعظم الله أجرك وأثابك الله خير الجزاء على فعلك النبيل.. وأن يتغمد ولدك الحبيب واسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته.. ورمضان كريم وكل عام والجميع بخير وأمن وسلام!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى